يفجر الجدل دائما، أينما حل وارتحل، كأنه حقل ألغام متنقل، وهذه المرة خلق الحدث، مجددا، بفعل غياب اسمه عن لائحة الناخب الوطني الجديد وليد الركراكي… إنه اللاعب عبد الرزاق حمد الله، ابن مدينة آسفي ولاعب اتحاد جدة السعودي واللاعب المدلل للفريق بعد أن انتقل إليه قادما من فريق النصر السعودي الذي بصم معه أروع مساراته الرياضية، إذ أصبح هدافا تاريخيا له بأكثر من مائة هدف، ليدخل بذلك تاريخ الدوري السعودي من أوسع أبوابه.
عبد الرزاق حمد الله كان قد تعرض للتوقيف من طرف لجنة الأخلاقيات في الإتحاد السعودي لكرة القدم لمدة أربعة أشهر، مع تغريمه 300 ألف ريال سعودي، منذ بداية غشت الماضي، بعد تورطه في التفاوض مع إدارة فريقه الحالي اتحاد جدة، خلال فترة لعبه لنادي النصر السعودي.
حمد الله، المسفيوي المحب لجذوره، والذي رأى النور في 17 ديسمبر من سنة 1990 كان دائما مثيرا للجدل، منذ أن دخل عالم الاحتراف في مارس 2013 مع نادي أوليسوند النرويجي الذي انتقل إليه مقابل مليون دولار أمريكي، وكان هذا المبلغ حينها أكبر مبلغ دفعه الفريق النرويجي للاعب على الإطلاق.
لكنه، مع كل الجدل الذي يشعله، شكل إضافة مرعبة للهجوم، في كل الفرق التي لعب لها، وإن كان قد تعملق أكثر في الدوري السعودي الذي منحه انطلاقة أروع، وجعل أسهمه كلاعب في تصاعد مستمر.
وكان اسم حمد الله قد تردد طويلا في مواقع التواصل الاجتماعي بعدما طالب الجمهور الرياضي المغربي بضمه للائحة الأسود، رفقة المغضوب عليهم الآخرين، منذ فترة المدرب وحيد خاليلوزيتش… وقد استبشر الجميع خيرا برفع عقوبة التوقيف عنه ولاحت بشائر أمل للجمهور الرياضي المغربي، خاصة وأن الناخب الوطني قد تغير، لكن وكأنما هذا الفتى ولد من رحم الجدل! تفاجأ الجميع بغيابه، من جديد، عن اللائحة المستدعاة لمعسكر إسبانيا، والتي أعلن عنها وليد الركراكي في ندوته الصحفية يوم الإثنين 12 شتنبر بمركز محمد السادس.
مباشرة بعد الإعلان عن لائحة الناخب الوطني وليد الركراكي، نشر حمد الله تدوينة، بها صورة له وهو يتدرب مع فريقه مع تعليق “يوما بعد يوم أفضل”، ويمكن اعتبار هذه التدوينة كأول رد على وليد الركراكي… وانقسم الجمهور الرياضي بين مستنكر لغياب حمد الله باعتباره يتمتع بحس تهديفي عال ومكانه في المنتخب الوطني لا يناقش، وبين من يرى أن قرار وليد الركراكي منطقي، في ظل غياب حمد الله مدة طويلة عن الملاعب، إذ أن عقوبة التوقيف رفعت في وقت متأخر، وبالتالي فاللاعب لا يمكن ضمه حاليا للائحة الفريق الوطني.
وبعيدا عن هذا الرأي وذاك، خرج البعض بنظرية المؤامرة، وأن حمد الله غير مرغوب فيه من طرف جامعة الكرة، منذ قضية خلافه مع اللاعب فيصل فجر حول ضربة الجزاء ومغادرته الفجائية لمعسكر المنتخب الوطني.
حمد الله، إذن، استطاع أن يكون مصدر جدل جديد، حتى وهو خارج المنتخب المغربي، وهناك من يتخوف من مزاجيته التي قد ندفع ثمنها غاليا ونحن على أعتاب مونديال قطر، خاصة وأنه أثبت أكثر من مرة أن مزاجيته تخلق مشاكل كبيرة سواء داخل المنتخب أو في الدوري السعودي.
ومع كل هذا الجدل، وبالرغم من كل شيء، يمكن للملاحظ النبيه أن يخرج بخلاصة تلغي ما عداها، وهي أن حمد الله رقم صعب ومكانته في المنتخب لا تناقش، فالعديد من المنتخبات العالمية تملك لاعبين مشاغبين ومثيري جدل إلا أن مكانتهم في منتخباتهم محفوظة، فالواجب الوطني فوق كل اعتبار.
وبالعودة لتدوينة حمد الله “يوما بعد يوم أفضل” يمكننا أن نشعر بمدى ثقة اللاعب في قدراته الجسمانية والتهديفية، وربما ثقته في العودة لعرين الأسود قريبا، خاصة وأن الناخب الوطني وليد الركراكي لم يغلق باب عودته، بل إعتبره مفتوحا، وكشف أنه تحدث مع اللاعب طويلا حول المنتخب، كما ربط عودته باسترجاع اللاعب لقدراته البدنية ليستطيع الدفاع عن القميص الوطني.
الرد الثاني من حمد الله على الناخب الوطني لم يتأخر كثيرا، فقد استطاع ابن مدينة آسفي التألق بشكل لافت في مباراة فريقه الاتحاد والخليج برسم الدورة الرابعة من الدوري السعودي بتسجيله لهدفي الفوز وكأنه يصرخ عاليا “آلو الركراكي …أنا موجود ولياقتي بألف خير! “… فهل تفتح أبواب المنتخب أمام حمد الله؟ الأيام القادمة كفيلة بتوضيح الصورة.. ومهما كانت النتيجة فحمد الله رقم هجومي صعب، شئنا أم أبينا!
تعليقات ( 0 )