أزمة الماء.. جفاف وزارعات مستنزفة وسوء تدبير

بدون لف ولا دوران، يعيش المغرب أزمة مياه تهدد عشرات المدن والقرى بـ”العطش” أو على الأقل ندرة الماء. فبعد سنوات من إهدار الموارد المائية في الفلاحة وسقي المساحات الخضراء وغيرها، يواجه المغرب هذه السنة موجة جفاف حادة لم يتم تسجيلها منذ عقود عدة.

لكن ما الذي وقع حتى نجد أنفسنا أمام أزمة حقيقية، بالرغم من أن المخزون المتوفر في السدود يفترض أن يكفي على الأقل للاستهلاك المنزلي. عمليا، وباعتراف مكتب الكهرباء والماء، تم إهدار الموارد المائية بشكل كبير في القطاع الفلاحي، وهذا يعني أن الكثير من اختياراتنا في هذا المجال تعد من أسباب التراجع الكبير لحقينة السدود.

لقد عاش المغرب خلال السنوات الأخيرة عملية استنزاف غير مسبوقة للمياه السطحية والجوفية، سواء في المناطق الشمالية التي تتوفر على موارد مائية مهمة، أو حتى على مستوى بعض مناطق الجنوب الشرقي. ويكفي مثلا أن نذكر بأن زاكورة، المعروفة بانخفاض التساقطات المطرية، تحولت في السنوات الأخيرة إلى جنة لإنتاج “الدلاح”، حتى إن هذا المنتوج أصبح يخضع للتصدير إلى الخارج، علما أنه الهكتار الواحد من زراعة “الدلاح” يتطلب من 6000 الى 7000 لتر مكعب من الماء.

في المحصلة، نحن أمام أزمة غير مسبوقة ستزداد سوءا خلال السنوات المقبلة. فقد انتقل نصيب الفرد من المياه منذ 1960 من 3500 متر مكعب إلى 750 مترا مكعبا حاليا.

غير أن التحولات المناخية التي يشهدها العالم أصبحت تهدد حصة المغربي من الماء، التي قد تتراجع خلال الخمس سنوات المقبلة إلى 1500 لتر للشخص الواحد في اليوم (حوالي 550 متر مكعب سنويا).

وضع تحاول الدولة التعامل معه من خلال مجموعة من البرامج والمشاريع الاستباقية التي أطلقها الملك محمد السادس، لاسيما في مجال تحلية المياه الذي يعد حلا أنسبا لمواجهة هذه التحولات العميقة. غير أن سير هذه المشاريع يعرف بطئا واضحا باعتراف الوزير نزار بركة، ما يثير علامات استفهام حول جدية الحكومات المتعاقبة في التعاطي مع أزمة المياه التي أصبحت تهدد عددا من المناطق بشبح العطش.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي