الجواهري يدعو للقطع مع ريع الاعفاءات ويحذر من تكرار تجربة “راميد”

حذر عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، من تكرار تجربة نظام المساعدة الطبية “راميد” أثناء تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة في أفق سنة 2025.
وقال الجواهري، في التقرير السنوي لبنك المغرب حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2021، إنه “إذا كان الجدول الزمني لإنجاز هذا الورش الكبير قد حدد بوضوح، فإن طبيعة الخدمات التي سيتيحها وجودتها تثير الكثير من التساؤلات”.
وأضاف الجواهري أنه “بدون تعزيز الشفافية والالتزام القوي للسلطات المكلفة بتنفيذه، لن يرقى الانخراط في هذا المشروع إلى المستوى المأمول بالنسبة لبعض الفئات من الساكنة المستهدفة، وقد تتكرر تجربة نظام المساعدة الطبية “راميد””.
وتابع أن “تحقيق أهداف هذا الورش يستلزم تعبئة موارد مهمة، في حين تظل قدرة بعض فئات الساكنة على المساهمة ضعيفة، وهوامش ميزانية الدولة محدودة والمشاريع الموازية، التي من شأنها أن توفر جزء من الموارد الضرورية، غير مكتملة إلى اليوم، ويتعلق الأمر أساسا بإصلاح صندوق المقاصة الذي بدأ سنة 2013 وبإحداث السجل الاجتماعي الموحد، المزمع تنفيذه منذ عدة سنوات”.
كما أشار والي بنك المغرب في التقرير المرفوع إلى جلالة الملك، إلى تعرض موارد الدولة لضغط متزايد، من جراء الحاجيات المتزايدة للاستجابة للأولويات الاجتماعية الأخرى مثل التعليم أو لاستكمال بعض الإصلاحات العاجلة مثل تلك المتعلقة بنظام التقاعد.
وزاد أنه “على بعد ثلاث سنوات من توسيع التغطية على كافة الساكنة، لايزال إصلاح نظام التقاعد جزئيا وغير مكتمل منذ التعديل المعياري الذي تم إنجازه سنة 2016 على مستوى الصندوق المغربي للتقاعد في حين أن التوازنات المالية لبعض الأنظمة تشهد تدهورا سريعا ومثيرا للقلق”.
ولمواجهة هذا النقص في الموارد، أورد الجواهري أن الخزينة تعتمد منذ سنة 2019 ، “لأساليب تمويل جديدة اعتبرت مبتكرة، لا تزال تداعياتها وعواقبها غير معروفة”.
واستطرد موضحا أنه “على عكس عمليات الخوصصة، التي تستند إلى أساس قانوني ومنطق اقتصادي، لا تستجيب عمليات تفويت ممتلكات الدولة لفائدة المؤسسات العمومية بشكل واضح لهذه المتطلبات”، وهو ما يستدعي “إجراء تقييم دقيق لطريقة التمويل هذه لاتخاذ القرار بشأن جدوى استمراريتها”، يضيف الجواهري.
وتحدث الجواهري أيضا في التقرير السنوي لبنك المغرب عن أهم مصادر تعزيز موارد ميزانية الدولة واستدامة المالية العمومية والمتمثلة في توسيع القاعدة الضريبية، مشيرا إلى أن هذا الهدف “لا يزال التقدم المحرز في إنجازه بطيئا ومستعصيا”.
ويرى والي بنك المغرب أن “الإعفاءات المتعددة، التي يتم تمديد بعضها منذ سنوات عديدة، تحرم الدولة سنويا من موارد تقارب 2,5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي”، مشددا على أن الإبقاء على هذه الإعفاءات يجب أن يكون “مشروطا بتقييم التكلفة مقابل الربح الاقتصادي والاجتماعي، وهو شرط غدا اليوم إلزاميا مع دخول القانون-الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي حيز التنفيذ”.
كذلك، ثمة هوامش محتملة أخرى كامنة على مستوى إصلاح القطاع العمومي، يؤكد الجواهري، الذي أوضح أن هذا الإصلاح “يتطلب اهتماما أكبر بغية تسريع تنزيله، ويتعلق الأمر أساسا بإصلاح قطاع المقاولات والمؤسسات العمومية، من أجل تحسين نجاعتها التدبيرية والمساهمة بشكل أفضل في إعطاء دينامية للاستثمار، لا سيما من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص”.
وفي هذا الصدد، قال الجواهري، إن “استكمال هذا الإصلاح، إلى جانب تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار واعتماد مشروع ميثاق الاستثمار الجديد، يوحي بالأمل في منح زخم جديد للنسيج الإنتاجي المغربي؛ هذا النسيج الهش والمفكك الذي فاقمت الأزمة وضعه السيء، يواجه صعوبات عديدة معروفة تتلخص بالأساس، حسب الاستقصاءات التي تنجزها المؤسسات الوطنية والدولية لدى المقاولات، في الضغط والثقل الضريببي، ومنافسة القطاع غير المهيكل وكذا ظاهرة الرشوة التي تعتبر آفة تحول دون وضوح الرؤية بالنسبة للفاعلين والمستثمرين، وتهدد النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي”.
ونبه الجواهري إلى أن تفشي الرشوة يبقى أحد المظاهر لعجز بنيوي يعاني منه المغرب، والذي يتمثل في “جودة الحكامة العمومية على المستويين المحلي والمركزي”.
واسترسل الجواهري أنه “رغم الإرادة والعزيمة والعديد من النصوص والتدابير والاستراتيجيات المعتمدة، لا يزال المغرب عاجزا عن إحراز أي تقدم يذكر بهذا الشأن”، موردا أن أداءه السلبي على مستوى التصنيفات الدولية يبين بعض التراجع في السنوات الأخيرة، مما يستدعي إعادة النظر في المقاربات المتبعة إلى الآن واتخاذ إجراءات أكثر قوة وأكثر حزما.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي