هشام الدكيك، مهندس ثورة الفوتسال المغربية، هو واحد من الأطر المغربية التي تجعلك تنحني لها إجلالا للعمل الدؤوب الذي تقوم به، فقد قضى هذا الرجل جزءا كبيرا من سنواته ال 49، وهو ينحت حلمه على الصخر، خاصة أمام تعنت مسؤولي الجامعة القدامى وتهميشهم لمنتخب الفوتسال، لكن هشام الدكيك، بعزيمة الرجال، لم يفقد الأمل يوما واستطاع الصمود، مدافعا عن كتيبته ومتجاوزا كل الصعوبات.. وها هو الآن يتلذذ بطعم النجاح المبلل بدموع وعرق الرجال بعد فوزه بلقب البطولة العربية للمرة الثانية تواليا.
وبعد المسار الكبير للمنتخب في هذه الكأس التي أقيمت بالسعودية، يحق لهشام الدكيك أن يفتخر بكل ما حققه بعد صبر وإصرار، فقد توج بها بعد إطاحته بمنتخبات عربية كبيرة، كان آخرها منتخب العراق الذي هز شباكه في النهائي بثلاث أهداف نظيفة.
لكن طريق هشام الدكيك لم يكن مفروشا بالورود منذ البداية، فقد عانى الرجل من الإهمال الشديد والتجاهل.. يقول في تصريحه لموقع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مخاطبا فوزي لقجع: قبل توليك رئاسة الجامعة، كنت أتنقل لمقرها بحثا عن فرصة لإقامة معسكر إعدادي للمنتخب، لدرجة أنني أبقى واقفا هناك طيلة اليوم من 9 صباحا إلى السادسة مساء من دون أن اتلقى أي جواب!! .. كلام هشام الدكيك بقدر ما هو مؤلم، فهو يكشف لنا أيضا عن الإهمال الذي يتسبب في إقبار المواهب وضياع الألقاب لولا عزيمة البعض وإصرارهم على النجاح.
قصة هشام الدكيك الحزينة لم تقف عند الانتظارات الطويلة على أبواب جامعة الكرة، بل إن الرجل في إطار تحضيره لمباراة للمنتخب ذهب لمدينة تطوان فتعرض لحادثة سير كادت تودي بحياته رفقة الطاقم التقني، ولم يحرك أحد ساكنا، بالإضافة إلى عدم تقاضي أجرته رفقة الطاقم واللاعبين، ورغم ذلك استمر الرجل في عمله الدؤوب لتكوين منتخب عالمي نراه يقارع الكبار الآن.
هي قصة حزينة تشهد على كفاح هشام الدكيك الذي تسلم مسؤولية الإشراف على منتخب الفوتسال منذ 12 سنة، ورغم كل الصعاب والتهميش الذي تعرض له استطاع الوصول بالمنتخب الوطني لمصاف الكبار… فمن كان يصدق ان المنتخب سيصنف عاشرا في الترتيب العالمي للعبة، حسب آخر تصنيف، ويزاحم منتخبات البرازيل والأرجنتين والبرتغال؟
رغم كل المطبات التي أعاقت طريق هشام الدكيك، استطاع هذا الإطار الوطني إثبات نفسه وكتيبته من لاعبي المنتخب، فحقق التأهل لكأس العالم 3 مرات تواليا 2012/2016/2021) و بلغ دور ربع النهائي في النسخة الأخيرة.
كما استطاع تحقيق لقب كأس إفريقيا مرتين متتاليتين 2016/2021.
هشام الدكيك فخور بما حققه حتى الآن، وعينه على كأس العالم المقبلة التي يتمنى أن يصل فيها المنتخب المغربي لأدوار متقدمة، فنحن أمام رجل يثق في قدراته وفي مواهب كتيبته الوطنية، هو الذي كافح لسنوات من أجل معسكر للمنتخب في عهد ما قبل لقجع…هي فعلا سنوات بئيسة جعلت دموع هشام الدكيك تتساقط، وهو يتذكر البدايات الحزينة، ويعلن أنه الآن مرتاح رفقة كل الطاقم التقني واللاعبين من ناحية المعاملة التي يتلقونها من رئيس الجامعة الحالي فوزي لقجع.
وبالفعل، لم يكن رهان جامعة فوزي لقجع رهانا خاسرا، فقد حقق هشام الدكيك ما لم يكن يتصوره الكثيرون ورفع من سمعة المغرب الدولية كواحد من رواد رياضة الفوتسال في القارة السمراء والوطن العربي وأعاد الاعتبار للأطر الوطنية .
عندما نعود بالذاكرة للوراء، نتذكر بدايات هشام الدكيك مع منتخب الفوتسال، الذي تسلم مسؤوليته سنة 2010 بدعم من الإعلامي الرياضي محمد الجفال، الذي كان، آنذاك، عضوا باللجنة التقنية لكرة القدم داخل القاعة لدى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حيث آمن بقدرات هشام الدكيك، وهو ما يشهد به الأخير في تصريحاته الصحفية، لكن لم يكن حينها أحد يتخيل أن هذا الرجل سيكون فأل خير على منتخب الفوتسال، الذي أصبح نموذجا يحتذى به لكل الفرق الوطنية…فهنيئا للمغرب بهذا الإطارالوطني الذي منحنا الأجمل والأفضل ورفع رأيتنا الوطنية عاليا.
تعليقات ( 0 )