سياحة “كحل الراس”

 

تراهن الحكومة على الاستثمار في السياحة الداخلية لتجاوز التداعيات الكارثية لأزمة “كورونا”.

يحدث هذا في وقت صارت فيه شريحة واسعة  من المواطنين تتقاسم راتبها الشهري مع مؤسسات التعليم الخاص، والأبناك، وشركات المحروقات، في انتظار أن يوجه خروف العيد الضربة القاضية لما تبقى من قدرة شرائية.

رهان السياحة الداخلية يقتضي ليس فقط إصدار بلاغات انشائية تحث المغاربة على اكتشاف جمال بلدهم، بل إن الحكومة والسلطات مدعوة أيضا لاكتشاف الغرائب التي تتعامى عنها، و التي تحرم  ملايين المغاربة من الاستمتاع بالسفر او قضاء عطلة دون مشاكل مجانية.

أزيد من مليون مغربي كانوا يقضون سنويا عطلتهم باسبانيا، هذا دون احتساب باقي الوجهات السياحية التي يلوذ إليها المغاربة، ليعودوا بقناعة مفادها أن قضاء العطلة ببلدهم، هو مجرد حرق للمال والأعصاب.

البداية من الأسعار الفلكية التي تفرضها بعض الفنادق والمطاعم والتي لا علاقة لها إطلاقا بطبيعة الخدمة أو جمالية المكان، وانتهاءا بأصحاب “الجيلي” ممن يفرضون عليك الأداء في كل مرة تتوقف فيها السيارة، والتعريفة تتجاوز 10 دراهم لتقفز احيانا إلى 20 درهما في بعض النقط.

ملف تتقاذفه الجماعات المحلية مع السلطة رغم ان المسؤولية مشتركة في تخليص الشوارع من البلطجية الذين اقتطعوا الطرقات، وجعلوها ملكية خاصة يتعين عل كل من يركن سيارته بها أن يدفع تسعيرة وفق المزاج.

هذا دون الحديث عن غياب المرافق، وجحافل المتسولين ومستعرضي العاهات والباعة الجائلين وغيرها من المؤثرات البصرية.

مؤثرات كانت ولازالت تجعل المغاربة يهربون من سياحة البؤس إلى بدائل توفر خدمات سياحية حقيقية، وبأسعار جد تنافسية تتجاوز الفنادق إلى مراكز التسوق، و المطاعم ، ووسائل النقل، فضلا عن نظافة وجمالية المكان، وهي أمور تضل مغيبة بالمطلق  بهذا البلد الجميل الذي يمكن وبشيء من الجدية تخلصيه من كل هذه التشوهات.

إقناع المغاربة في ضل هذه الظروف الصعبة  بالعودة للسياحة في بلدهم، ومصالحتهم مع جمالية المغرب، لن تتحقق اطلاقا ما لم يتم الشروع وبصرامة في تطهير الوجهات السياحية من  الشوائب التي صارت تسيء إلينا جميعا، بل وتنغص علينا حياتنا، وتفرض على الكثيرين منا أخذ راحة مستحقة  بعيدا.

هناك حيث لا يمكن أن تتصور شخصا يلبس “جيلي “وهو ينهال عليك بالضرب، والسب، والتهديد أمام أطفالك….هذا فقط لأنك رفضت الاستسلام لابتزازه.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي