ألقى الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، كلمة بمناسبة يوم 10 دجنبر الذي يصادف مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948 على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي يخلد العالم اليوم الذكرى الثالثة والسبعين له.
وافتتح رئيس النيابة العامة كلمته، بالتذكير بالسياق الذي يطبع تخليد المؤسسة الدستورية لهذا الحدث الهام بالقول، “سيراً على عادتها في جعل هذه الذكرى مناسبة لتعميق الصلة بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا ومكرسة دستوريا، فقد دأبت رئاسة النيابة العامة على الاحتفاء بذكرى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث نظمت العديد من الأنشطة بهذه المناسبة في السنوات الأخيرة كان آخرها اللقاء التواصلي الذي أعلنت فيه عن إطلاق المرحلة الأولى من برنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان تخليدا للذكرى 72 لهذا الإعلان. وها نحن اليوم ننظم لقاء تواصليا آخر بالتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية تخليدا للذكرى 73 لاعتماد هذا الإعلان لإطلاق المرحلة الثانية من هذا البرنامج الذي يعد برنامجا حقوقيا وطنياً جد طموح من شأنه أن يشكل نواة صلبة للثقافة الحقوقية التي ينبغي على كل قاض تملكها والاضطلاع بتطبيقها لاسيما في ظل الحمولة الحقوقية الكبيرة التي جاء بها دستور المملكة لسنة 2011 وما أحاط به القضاء في هذا الباب من مسؤولية حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم (الفصل 117 من الدستور)”.
ووجه الداكي عبارات الشكر والثناء للرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بمناسبة إعطاء انطلاقة الجزء الثاني من هذا البرنامج، معبرا له عن سعادته على حسن التنسيق والتعاون البناء الذي يجمع بين مكونات السلطة القضائية الواحدة، كما شكره على الدعم الذي يخص به هذا البرنامج والذي كان له فيه السبق من خلال إعطاء انطلاقة جزئه الأول.
وذكر نفس المتحدث بالمرحلة الأولى للبرنامج، الذي ركز في مكوناته على التعريف بالإطار الدولي لحماية حقوق الإنسان ولا سيما الشرعية الدولية وغيرها من الاتفاقيات الأساسية، والهيئات المكلفة بتتبع تنفيذ مقتضيات تلك الاتفاقيات، كما عرف ببعض الأنظمة الإقليمية لحماية حقوق الإنسان وكذا الإطار التشريعي والمؤسساتي الوطني المعني بحماية حقوق الإنسان.
وتابع المتحدث “استفاد من هذا البرنامج منذ إطلاقه في العاشر من دجنبر من السنة الماضية، وإلى حدود اليوم، سبعة أفواج يتكونون أساسا من قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة وعددهم 719 قاضية وقاض، إضافة إلى 123 مستفيدا من أطر ومسؤولي رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، هذا فضلا عن 108 مستفيدة ومستفيدا يمثلون مؤسسات وطنية أخرى، من بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج”.
وأكد رئيس النيابة العامة حرص المؤسسة، على التعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل توفير جميع الشروط اللازمة لإنجاح هذا البرنامج. ولهذه الغاية تم إدراج عنصر التقييم المستمر ضمن مكوناته حيث مكن الانفتاح على كافة المشاركين والمتدخلين فيه من خبراء من مواصلة تحسينه وجعله برنامجا شاملا ومتكاملا فيما يتعلق بتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان.
مضيفا أنه “تعلق الأمر بالمرحلة الأولى أو المرحلة الثانية، فقد حرصنا على إشراك خبراء وطنيين ودوليين من بين الممارسين في المجالات ذات الصلة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والإطار التشريعي والمؤسساتي الوطني. وهنا أود أن أشير إلى أن إشراك كافة الخبراء المغاربة الأعضاء في هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان يعد سابقة من نوعها الأمر الذي مكن ليس فقط المشاركين من التعرف عليهم والاستفادة من خبرتهم، بل مكن أيضا من التواصل فيما بين الخبراء أنفسهم وتتبع تدخلات بعضهم البعض. كما أن الانفتاح على مؤسسات وطنية أخرى لتمكين مشاركين من غير قضاة النيابة العامة، ولا سيما من المديرية العامة للأمن الوطني والدرك الملكي والمندوبية العامة لإدارة السجون جعل من هذا البرنامج فضاء للتواصل والحوار بين فئات مهنية متنوعة”.
وعن مكونات المرحلة الثانية قال “نعلن عن إطلاقها اليوم بالتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، فإنها تتعلق بالمسؤولين القضائيين، حيث سيتم تنظيم دورة لفائدة الفوج الأول منهم بمدينة مراكش خلال أيام 13 و14 و15 دجنبر، ستليها دورات أخرى لفائدة باقي الأفواج في مدن أخرى، سوف يعلن عنها لاحقاً، والتي تستهدف تعميق المعرفة في العديد من المواضيع التي ترتبط بالضمانات الأساسية لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم”.
ولهذه الغاية يبرز الداكي أنه “سيتم التركيز على ربط دراسة المواضيع المختارة بممارسة قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم بتناول بعض الحقوق والتطرق لمفهومها ونطاقها في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وعرض وتملك المعايير الدولية المتعلقة بتلك الحقوق، واجتهادات وقرارات الهيئات المعنية، وطبيعة التزامات الدول بموجب تلك الاتفاقيات، واجتهادات المحاكم الوطنية والدولية ودور قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة في حماية تلك الحقوق ومراعاة المعايير الدولية وتنفيذ التزامات المملكة المغربية الدولية أثناء ممارستهم لمهامهم. ويتعلق الأمر على الخصوص بالمعايير الدولية ذات الصلة بالحق في المحاكمة العادلة والحق في عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة والحماية ضد الاعتقال التعسفي والمعايير الدولية ذات الصلة باستعمال القوة من طرف الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون”.
رئاسة النيابة العامة أكدت إيمانها بأهمية المحتوى العلمي والقانوني الهام للمداخلات التي تفضل بإلقائها ثلة من الخبراء خلال أشغال الجزء الأول من برنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان. ووعيها بأهمية تعميم الفائدة على أكبر قدر ممكن من قضاة المملكة وكافة المهتمين بهذا المجال، فقد قامت رئاسة النيابة العامة بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية على إصدار كتاب يتضمن كافة المقالات التي تم تقديمها من طرف الخبراء المتدخلين في البرنامج انطلاقا من العروض والمداخلات التي ساهموا بها فيه. حيث سيتم توزيع هذا الإصدار على القضاة والمهتمين بالموضوع لما لذلك من آثار إيجابية على تعزيز قدراتهم في هذا المجال.
وألقى رئيس النيابة العامة كلمة ختامية عبر عن شكره لكافة المشاركين وتابع بالقول، “أود أن أتقدم بخالص عبارات التحية والتقدير لجميع السيدات والسادة المشاركين في هذا البرنامج، وبالشكر الجزيل لكل من ساهم في إعداده وتنفيذه آملا أن يحقق الأهداف المرجوة منه وأن يساهم في تقوية دور القضاء في حماية حقوق الإنسان طبقا لمقتضيات دستور المملكة المغربية وإعمالا للمعايير الدولية المنبثقة عن اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها بلادنا. والشكر موصول أيضا لكافة الخبراء الذين ساهموا معنا في إغناء هذا البرنامج. كما أتقدم بالشكر للاتحاد الأوربي ومجلس أوربا على دعمهما المتواصل لهذا البرنامج”.
الداكي : ينبغي على كل قاض تملك ثقافة حقوقية توازي ما جاء به الدستور

تعليقات ( 0 )