شيرين شهيدة الخبر الملتزم.. الإجرام الصهيوني

بن كيران

نبرات صوتها سكنت، منذ سنين، ذاكرة الكثيرين ممن تؤلمهم كل مظاهر عدوان الصهاينة على المواطن الفلسطيني. حملت، وهي ابنة الأرض وحاملة الجنسية الأمريكية، الميكرفون كما حملت روح الاستماع ونقل صورة وصوت أطفال الحجارة وشيوخ صد مقتلعي أشجار الزيتون ونحيب الأرامل وزغاريد أمهات الشهداء ونظرات شاردة لأطفال، بعضهم رضع، أمام من جردتهم الصهيونية من أبسط شعور قلب يخفق أمام براءة طفل أو طفلة.

إن أول وأعظم انتصار حققته الصهيونية هو قتل الإنسانية في قلوب كثير من الشباب اليهودي الذي غابت روحه وهو يستهدف جسم طفلة أو يافعة أو صحافية سلاحها نقل خبر من موقع الحدث. شيرين لم تقتلها رشاشة أو بندقية دقيقة المرامي ولكن قتلها الشر الذي يسكن قلوب من يدعون أنهم حفدة إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وغيرهم من آباء وملوك وأنبياء التوراة. قتلت روح شريرة روحا بريئة بفضل تكنولوجيا استهداف الأرواح. حملت جثة الشهيدة شيرين على أكتاف المسلمين والمسحيين وصلى عليها من حملوا نعشها بالتكبير ومن صلوا عليها بترانيم الكنيسة. مئات الهيئات العربية والدولية أدانت الاغتيال الذي هو فعل دولة سوف تحاول، كعادتها، أن تخفي معالمه. ولكن عالم اليوم له من وسائل كشف المجرمين ما لم يتوفر عليه بالأمس. من قتل شيرين وصوتها الحامل للخبر متوحش صدر إليه الأمر باغتيال الكلمة. دم شيرين لن يذهب هباء لأن أمثالها في فلسطين يولدن في كل يوم في قرى وحارات مدن فلسطين.

ولن نستمع كثيرا إلى رسالات التعاطف مع الفلسطينيات من طرف إعلام الغرب الذي توقف عند حرب أوكرانيا. كم من رصاصة وسلاح ساهم به زيلينسكي وأتباعه لمواجهة حق أهل غزة في عيش كريم. وها هو اليوم يمثل دور المنقذ المتباكي أمام من حاول استفزازهم بدعم من غرب يتراجع في انتظار لملمة أشلاء مؤسساته المتهالكة والمنتظرة للدعم الأمريكي. وبالرغم من فظاعة ما ارتكبه الروس من فظاعات مست مئات الآلاف من السكان والمباني يظل زيلينسكي ذلك البارع في خوض الحرب الكلامية وعلى شبكات التواصل مستغلا تكوينه المسرحي وعلو كعبه في انتقاد الأوروبيين عن عدم إعلان الحرب على روسيا. زيلينسكي عدو للقضية الفلسطينية ولا يخفي صهيونيته وقد لا تحرك فيه موت شيرين أبو عاقلة أي شعور وهي الفلسطينية الأمريكية المسيحية العربية.

كثيرة هي الأصوات المغربية التي تعيش أزمة التعايش مع علاقات مغربية إسرائيلية طبيعية. صحيح أننا كشعب وكأمة لا نعادي اليهود لأنهم جزء منا وأننا نعتز بزيارتهم لبلدهم الذي يجدون فيه الأمن والأمان وماضيهم. صحيح أيضا أنني أجد نفسي أقرب لليهود المغاربة المحبين لبلدهم الأصلي والذين لم تتلطخ أيديهم بدماء إخواني الفلسطينيين. وصحيح مرة أخرى أنني لن أحترم أي فلسطيني حارب أو تم ارشاؤه أو قارن قضية الصحراء المغربية بالاحتلال الصهيوني لفلسطين. أقول هذا وأنا استحضر ذلك العداء الكبير الذي حملته خطابات بعض الفصائل الفلسطينية التي كان تغذيها أنظمة ديكتاتورية تسترت وراء ايديولوجيات ظهر زيفها منذ زمان.

العلاقة مع إسرائيل، وإن حكمتها ظروف جيوسياسية ضاغطة أساسية بالنسبة لبلدي ودعم وحدته، يجب أن تحكمها مواصلة الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية. لا حل إلا بوجود دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ومرحبا في المغرب بكل الأديان والايديولوجيات والفلسفات. كل هذا يجب أن تعلمه تلك الطبقة السياسية التي خلقت نزاع الصحراء وخسرت عليه الملايير ورهنت به مصير شعبها الجزائري وكل الآمال في بناء مغرب كبير. إنها كلمات املتها مصيبة فقد صوت يدافع عن فلسطين قتلته رصاصة حملتها بندقية صهيونية كتلك التي تصنع الرعب والعار في مخيمات تندوف.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي