الحكومة تدعم “الكبار” وتترك العموم أمام لهيب الأسعار

كدلو ثلج أفرغه فوق وزير النقل محمد بنعبد الجليل، الذي كان يتابع الموقف بعيون مشدوهة، فجر البرلماني المستشار البرلماني عن فريق الاتحاد المغربي للشغل عز الدين زكري، خلال جلسة الأسئلة الشفوية، فضيحة كبرى حين كشف عن استفادة شخص لديه 200 مأذونية خاصة بسيارات الأجرة من الدعم الذي أقرته الحكومة لمهنيي النقل الطرقي لتخفيف تداعيات ارتفاع أسعار المحروقات.

وتابع زكري، وهو يوجه خطابه للوزير الوصي على القطاع، بأن هذا الشخص سيستفيد مما يناهز 32 مليون سنتيم من الدعم شهريا، والتي لن يستفيد منها من يدفع ثمن “المازوط”، كاملا ويتحمل عبء الزيادات، حيث أشار إلى حرمان مجموعة من الفئات منه، ومنها ناقلي الخضر والفواكه من الضيعات الفلاحية للأسواق وناقلي العمال الزراعيين.

ووجه المستشار البرلماني انتقادات شديدة اللهجة لتخصيص الدعم الموجه لمهني النقل إلى من وصفها ببورجوازية القطاع، في حين تم تجاهل السائقين رغم أنهم من يدفعون ثمن “الغازوال” من جيوبهم إلى جانب سومة كراء “لاكريما”. وعبر البرلماني عن استغرابه من توجيه هذا الدعم لغير مستحقيه وإعطائه لبورجوازية هذا القطاع في كثير من الأحيان، بينما حرم منه سائقي سيارات الأجرة رغم أنهم هم من يدفعون فاتورة الغازوال في حين استفاد منه أصحاب المركبات المأذونيات.

وطالب المستشار البرلماني من وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، بالبحث عن مستغل “الكريمات” وكشف سبب استفادته من الدعم رغم أنه يستغل كل تلك “الكريمات”، مشددا على أن هذا الدعم غير عادل ومحدود ولا يحل مشاكل مهنيي قطاع النقل التي تفاقمت بارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية.

دعم بالمليارات

بكلفة إجمالية تصل إلى 200 مليار، أطلقت الحكومة، يوم 23 مارس 2022، رسميا، عملية تقديم الدعم الاستثنائي المخصص لمهنيي قطاع النقل الطرقي، حيث تقرر أن تستفيد منه فئات مهنية مختلفة، وسيخصص لنحو 180 ألف عربة. وتهدف الحكومة عبر تقديم هذا الدعم إلى مساندة مهنيي قطاع النقل، عبر التخفيف من آثار ارتفاع أسعار المحروقات بالسوق الداخلي بفعل التصاعد المستمر للأسعار دوليا.

وبدأ مهنيو قطاع النقل الطرقي، ابتداء من الأسبوع الأول من شهر أبريل 2022 من الاستفادة من الدعم المحدد لهم حسب الفئات، انطلاقا من المنصة الالكترونية https://mouakaba.transport.gov.ma ، والتي يمكنهم التسجيل بها. وسيستفيد مهنيو النقل العمومي للمسافرين من دعم بقيمة 2200 درهم لسيارات الأجرة الكبيرة، و1600 درهم لسيارات الأجرة الصغيرة، و1800 درهم لعربات النقل المزدوج بالعالم القروي، بالإضافة إلى 7000 درهم لحافلات نقل المسافرين بين المدن، و6200 درهم لحافلات النقل الحضري.

وفيما يتعلق بالنقل السياحي، سيستفيد المهنيون من دعم مالي يبلغ 2800 درهم لحافلات النقل من الصنف الأول، و1400 درهم للحافلات من الصنف الثاني، و1000 درهم للعربات من الصنف الثالث. وبخصوص مهنيي نقل البضائع لفائدة الغير، فإنه سيخصص دعم مالي يبلغ 1000 درهم لعربات القطر، و2600 درهم للشاحنات ذات الحمولة المسموح بها تفوق 3.5 طن وأقل من 14 طن، و3400 درهم للشاحنات ذات الحمولة المسموح بها بين 14 و19 طن، و4200 درهم للشاحنات التي يتجاوز وزن الحمولة المسموح بها 19 طن، فضلا عن 6000 درهم مخصصة للجرارات الطرقية. وفيما يتعلق بالدعم المخصص لنقل المستخدمين والنقل المدرسي، فسيستفيد مهنيو نقل المستخدمين لحساب الغير من دعم مالي قدره 1200 درهم عن كل عربة، و1000 درهم لكل عربة مخصصة للنقل المدرسي لحساب الغير.

دعم ولهيب في الأسعار

على الرغم من المجهود المالي الكبير الذي بذلته الدولة من أجل دعم مهنيي النقل، إلا أن تنفيذ هذه العملية أظهر أن الرؤية التي أحكمت هذا القرار لم تكن واضحة، لاسيما من حيث آثار هذه الدعم على الأسعار. فالمفروض أن تؤدي الاستفادة من الدعم إلى استقرار الأسعار، لاسيما في مجال النقل العمومي، غير أن الذي وقع في بعض المدن هو أن هناك من ذهب يطبق زيادات غير قانونية.

لكن بالنسبة للحكومة، لا يمكن ربط الدعم بالأسعار. فمحمد عبد الجليل وزير النقل واللوجيستيك، يعتبر بأن الارتفاع الأخير للمحروقات في السوق الدولية انعكس بشكل مباشر على وضعية قطاع النقل ببلادنا وهو ما دفع الحكومة للتدخل بشكل فوري لدعم المهنيين. وأكد، بمجلس المستشارين، أن الحكومة خصصت دعما ماديا مهما لمهنيي قطاع النقل سيعينهم على تدبر أزمة الارتفاع الدولي لسعر المحروقات.

وشدد وزير النقل واللوجيستيك بأن الدولة لا يمكنها التدخل لتحديد سعر النقل لأن القانون منح الناقل والشاحن صلاحية التوافق لتحديد الأسعار وفقا لمبدأي العرض والطلب في ظل تحرير الأسعار. وفي المقابل، شدد على أن وزارته تواصل اجتماعاتها المتواصلة مع ممثلي نقابات مهنيي قطاع النقل وتحرص على التواصل معهم والاستجابة للملفات المطلبية المعقولة ضمانا لاستمرار القطاع في سيرورته الاعتيادية دون أي خلل.

وإذا كانت الحكومة لا ترغب في التدخل على مستوى الأسعار، اللهم تلك المطبقة داخل المدن والتي تحركت السلطات من أجل فرض احترامها باعتبار أنها محددة بقرارات عاملية، فإن الوضع الحالي يستلزم تقييد الدعم بآثار دقيقة وعلى رأسها ضمان استقرار الأسعار دون أن تتأثر بتقلبات المحروقات، بدل وضعية يصبح فيها أرباب النقل لاسيما بين المدن هم من يتحكمون في تحديد التعريفة، في وقت تخرج في كل مرة إحدى الهيئات لتهدد المغاربة بالإضراب في محاولة للضغط على الحكومة.

 

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي