الجمعيات حائط قصير “تبوردو مع ريوسكم”

كنا ننتظر من وزير العدل وبعض البرلمانيين الموالين له ان يشحذوا أدواتهم القانونية والدستورية والحقوقية للدفاع عن المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية وإقناع نواب الأمة والرأي العام برجاحة وجهة نظر الحكومة عبر مرافعة رصينة ومؤسسة على أرضية قانونية وسياسية ودستورية صلبة بأهمية وملحاحية التصويت على المادتين المذكورتين.
لكن للأسف لا شيء من ذلك حدث، الذي حدث هو لجوء السيد الوزير ومن معه ومن داخل قبة البرلمان يا حسرة إلى لغة “المعاطية “و”المعيار ” وكل القاموس المستمد من العبارة الشهيرة “أنا كنعرف اللون ديال التقاشر ديالك ” في سعي لإقناع نواب الامة بأنه يتوفر على معطيات خطيرة ضد جمعيات حماية المال العام، وهو أسلوب يتقنونه جيدا لتهريب النقاش الحقيقي الذي يهم المجتمع ومصيره إلى مكان آخر!
ومن جهتي كرئيس للجمعية المغربية لحماية المال العام أطلب من السيد الوزير ومن معه أن يبلغ القضاء بالجرائم التي يعلم بوقوعها وان لا يتستر عليها وإلا كان هو محل مساءلة، الأمر اذن يتعلق بجرائم خطيرة كالابتزاز والنصب والرشوة وغيرها، وعلى الضحايا الذين مستهم هذه الجرائم ان يسارعوا إلى تقديم الشكايات إلى الجهات القضائية المختصة لمعاقبة كل المتورطين دون استثناء
واتساءل مع السيد الوزير ومن معه عن رأيه وموقفه بخصوص بعض الاحزاب السياسية التي تمارس الابتزاز على الشعب وتستثمر في فقره وهشاشته وتوزع الاموال المشبوهة لاستمالة الناخبين والحصول على المقاعد البرلمانية التي توفر للبعض المنبر للتشهير بالناس وممارسة الغوغائية والتفرغ لخدمة مصالحه ونسج علاقات “مهمة ” لتشكل كل ذلك طريقا معبدة لمراكمة الثروة بشكل مشبوه بعدما كانوا لايملكون حتى “عشا ليلة ” كما اسأل الوزير عن موقفه من بعض الاحزاب التي يعرفها جيدا ويدافع عنها باستماتة وبعض اعضائها، ضمنهم مسؤولون قياديون، متورطون في الاتجار الدولي في المخدرات وتبييض الاموال واختلاس المال العام والتهرب الضريبي، هل يستطيع الوزير ومن معه من المتكلمين ان يصارحوا الشعب بهذه الحقيقة من داخل قبة البرلمان بنفس الحماس الذي انتابه وهو يهاجم الجمعيات المدنية
من حقكم أن تتكلموا كيفما شئتم وبالطريقة التي تريدون “عطاتكم الوقت ” من حقكم ان تحولوا البرلمان للتشريع لأسيادكم لحمايتهم من المحاسبة القانونية والرقابة الشعبية وان تضغطوا بوسائلكم التي تتقنونها جيدا على جهات في الدولة ليس فقط لمنع التبليغ عن جرائم المال العام ولكن بحل الجمعيات وانهاء ضجيجها إلى الابد، فالجمعيات حائط قصير”تبوردو مع ريوسكم “.
والشيء الوحيد المؤكد الذي لن تجرؤا على القيام به وانا متأكد من ذلك هو ان تفتحوا ورش مكافحة الفساد :تجريم الاثراء غير المشروع وتضارب المصالح، اعادة النظر في قانون التصريح الإجباري للممتلكات، وضع استراتيجية وطنية للوقاية من الفساد، وضع حد للإفلات من العقاب، استراتيجية وطنية لاسترجاع الاموال المنهوبة، هذه أشياء لن تقوموا بها بل لن تتحدثوا عنها في البرلمان ولا في اي مكان آخر، ولكنكم تستطيعون التألق بنجاح في الهجوم على الناس لمنعهم من الكتابة في الفايسبوك ومختلف وسائط التواصل الاجتماعي ومنع الجمعيات من التبليغ عن الفساد، واذا لم يقتنعوا فما عليهم إلا “يخويو البلاد “،انها بلادكم ونحن مجرد جمهور، فانعموا في الحياة كما يحلو لكم.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي