في خضم الحديث عن جعل الدار البيضاء قطبًا تكنولوجيًا إفريقيًا، أثارت تفاصيل صفقة مشروع Casablanca Tech Valley بسيدي عثمان جدلاً حادًا داخل مجلس جماعة البيضاء، بعدما وجّه فريق العدالة والتنمية انتقادات لاذعة لطريقة تفويت عقار الجماعة لصالح مجموعة صندوق الإيداع والتدبير، معتبرًا أن العملية تنطوي على ما وصفه بـ”الحكَرة” والاستخفاف بقيمة الأملاك العمومية.
وقال مصطفى الحيا، عضو فريق “العدالة والتنمية” بالجماعة، في تصريح بمناسبة انعقاد دورة ماي، إن المشروع بحد ذاته مرحّب به من حيث المبدأ، باعتباره امتدادًا طموحًا لمنطقة “كازا نيرشور”، لكنه انتقد بشدة الشروط التي تم بها تمكين مجموعة “CDG” من وعاء عقاري مهم في قلب المدينة بثمن زهيد لا يعكس قيمته السوقية.
وأوضح الحيا أن الجماعة وافقت على كراء المتر المربع مقابل 70 درهمًا سنويًا، مع إتاحة إمكانية الشراء للصندوق بثمن 2500 درهم، في وقت لا تقل فيه القيمة الحقيقية للمتر بالمنطقة المذكورة – والتي تحتضن أسواق الجملة – عن 30 ألف درهم. ووصف هذا الفارق الكبير بأنه “وصمة عار” على جبين المجلس الجماعي، معتبراً أن الجماعة فرّطت في أحد أبرز أصولها دون ضمان مردودية اقتصادية أو نسب أرباح من المشروع.
وشدد المتحدث على أن المطلوب لم يكن مجرد تفويت للأرض، بل الدخول في شراكة حقيقية تضمن تثمينًا فعليًا لأملاك الجماعة، من خلال المساهمة بالأرض مقابل حصة في العائدات، لاسيما وأن المشروع يرتقب أن يحتضن ناطحات سحاب مخصصة للشركات العالمية، بما يوفر مداخيل كبيرة كان يمكن أن تستفيد منها الجماعة بدل الاكتفاء بدور المتفرج.
وتأتي هذه الانتقادات عقب توقيع اتفاقية الشراكة رسميًا الأسبوع الماضي بين جماعة البيضاء ومجموعة صندوق الإيداع والتدبير، لإطلاق مشروع “كازابلانكا تك فالي” بسيدي عثمان. وقد حضر مراسم التوقيع والي جهة الدار البيضاء-سطات محمد مهيدية، إلى جانب شخصيات بارزة، من بينها عامل عمالة مولاي رشيد، وممثلون عن شركة “إيوان” المكلفة بإنجاز المشروع، التابعة لمجموعة “CDG”.
ورغم الطابع الطموح الذي يرفق المشروع من حيث أهدافه في خلق مناصب شغل وتعزيز الجاذبية الاستثمارية للعاصمة الاقتصادية، إلا أن طريقة تدبيره تعيد إلى الواجهة أسئلة قديمة جديدة حول كيفيات تفويت العقارات العمومية، والهوة المتزايدة بين خطاب التنمية وشروط الشراكة غير المتكافئة.
مشروع بالمليارات وأرض بالفتات! جدل بعد كراء عقار تابع لجماعة البيضاء بـ70 درهما للمتر

تعليقات ( 0 )