بركان.. الطفلة التي ابتلعتها البالوعة وفضحت المستنقع!

في هذا البلد، لا تحتاج إلى حرب كي تموت، ولا إلى كارثة طبيعية كي تفقد حياتك. يكفي أن تسير في شارع عمومي، أن تخطو فوق طريق غير آمنة، أن تعبر جسرا مهترئا، أو ببساطة، أن تقع في بالوعة مفتوحة..

هل كانت الطفلة الضحية الأولى؟ لا. وهل ستكون الأخيرة؟ أيضالا.
كم من طفل وكم من مواطن عليه أن يموت بطريقة عبثية، كي يفهم هؤلاء أن حياة الناس ليست مجرد تفاصيل؟
كم من حفرة يجب أن تبتلع المغاربة، كي نستوعب أن المسؤولية ليست مجرد لقب إداري، بل هي التزام بحماية الناس؟
هذه البالوعة لم تفتح نفسها. لم تحفر الأرض وتنتظر ضحيتها بمحض الصدفة. هناك يد قصرت، هناك إدارة تهاونت، هناك مسؤول لم يقم بعمله، وهناك ضمير مات..

لكن، في النهاية، من سيحاسب؟ من سيدفع الثمن؟

لا أحد.

لأن القصة نفسها تتكرر، بنفس الحبكة، بنفس المقدمات، وبنفس النهايات المخزية.

البالوعة لم تبتلع طفلة، بل كشفت مستنقع الإهمال!

الحفرة التي سقطت فيها الطفلة لم تكن مجرد بالوعة، بل كانت مرآة عاكسة لواقع فيه مسؤولون لا يتحركون إلا بعد وقوع الكوارث.
إعلام يهب فقط عندما يتحول الغضب إلى “ترند”، ثم ينسى القضية بعد يومين.
وناس اعتادوا الموت العبثي، حتى صاروا غير قادرين على الغضب بما يكفي ليجعلوا الأمور تتغير.
من المسؤول؟ الجميع يتهرب، والجميع متورط!
المسؤولون سيخرجون بتصريحاتهم المعلبة، تلك التي نعرفها مسبقًا:

“نحن نحقق في الحادث”، و“تم فتح تحقيق لمعرفة ملابسات الواقعة”، و “نتقدم بأحر التعازي لعائلة الضحية”.
لكن في النهاية، التحقيق يفتح فقط كي يغلق بعد أيام، وكأن شيئًا لم يكن.

الوزراء في مكاتبهم، المنتخبون منشغلون بمصالحهم، ورؤساء الجماعات في عالم آخر، والطفلة.. الطفلة رحلت، ولن تعود!

بعد يومين أو ثلاثة، سيتحول الغضب إلى مجرد خبر قديم.
ستمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بالهشتاغات، ثم تختفي كما تختفي قضايا كثيرة قبلها.
ستأتي كارثة أخرى، وسننسى هذه الحادثة، لنعيش مأساة جديدة، مع ضحية أخرى، في مدينة أخرى.
لأن الحقيقة التي لا يريد البعض الاعتراف بها هي أن المشكل ليس في هذه البالوعة وحدها، بل في منظومة الإهمال والتقصير.
البالوعة ستُغلق.. لكن متى سيُغلق هذا المستنقع الكبير؟
غدًا، سيأتي العمال لإغلاق البالوعة التي ابتلعت الطفلة، لكن من سيغلق هذا المستنقع الكبير الذي ابتلع معه الضمير؟
من سيغلق هذا العبث المستمر الذي يجعل المواطن دائمًا الحلقة الأضعف؟
هذه الطفلة لم تمت بفعل القدر، بل بسبب مسؤولين لم يفعلوا ما يكفي لحمايتها. وهذا ليس حادثا عابرا، بل جريمة مكتملة الأركان، عنوانها الاستهتار بحياة الناس.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي