هل يخلط بنموسى الأوراق أم يواصل تنزيل القانون الإطار؟
بعد مرور 100 يوم على تعيين الحكومة، لم يفصح وزير التربية الوطنية عن رؤيته لإصلاح المنظومة التربوية، وما إذا كان الرجل يعتزم تنزيل استراتيجية جديدة أم أنه سيلتزم بما تمت بلورته خلال السنوات الأخيرة، لاسيما على ضوء الرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، والتي تم تحويلها إلى قانون إطار أثار كثيرا من الجدل قبل أن تتم المصادقة عليه.
عمليا، وعلى الرغم من التوقيع على محضر اتفاق مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية في القطاع، فإن ذلك هم بشكل أساسي تحقيق السلم الاجتماعي ومعالجة بعض الملفات المتراكمة منذ سنوات..لكن بعيدا عن تدبير الشؤون الاجتماعية والمادية للموارد البشرية، فإن بنموسى لم يكشف لحد الآن عن تصوره باستثناء بعض القرارات المتناثرة هنا وهناك…كما وقع في تدبير مباريات التعاقد..ما عدا إذا كان الرجل سينطلق في الإصلاح بالاعتماد على النموذج التنموي الجديد.
سوء التدبير
في تقرير للجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم “أماكن”، تحت عنوان “جودة التربية والتكوين في المغرب في ظل دستور 2011: عشر سنوات من التردد”، نجد أن هناك قناعة لدى معدي التقرير بأن النظام التعليمي المغربي يدبر بشكل سيء لسببين رئيسيين على الأقل.
السبب الأول هو أن وزارة التربية الوطنية لا تتوفر على رؤية واضحة ومشتركة بشأن السياسة التعليمية التي يجب اعتمادها على المدى الطويل، على الرغم من وجود الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، والتي حددت الخطوط الرئيسية لهذه السياسية.
والسبب الثاني هو فشل الوزارة في تنفيذ مبادئ الحكامة الجيدة. ويشير التقرير إلى أن اللامركزية بعيدة كل البعد عن أن تكون فعالة، إما لأننا لم نفوض جميع الصلاحيات اللازمة للمستويات الجهوية والإقليمية، أو بسبب عدم إعداد الفاعلين المعنيين. ويمكن أن يلاحظ أيضا أن السلطات المدرسية مثل مجالس المؤسسات لا تلعب دورها في تنمية الديمقراطية المدرسية، وأن المواطنين لا يلعبون دورهم في تقييم المنتج التعليمي والحكم بالتالي على أداء المنظومة، وإعطاء الرأي حول أداء صانعي القرار.
مسألة أخرى لم تتمكن الوزارة من تدبيرها بشكل فعال، تتعلق بتصميم المنهاج الدراسي الموحد المبني على إطار مرجعي واضح، حيث يعود تطوير البرامج الدراسية بشكل شامل إلى أكثر من عشرين سنة، وتتم مراجعتها بين الحين والآخر وفق أجندات ظرفية، دون اتباع نهج مشترك تعتمده اللجان المشاركة في المراجعة.
ويشير التقرير إلى أن البناء الشامل للبرامج الدراسية في سياق تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين عهد به إلى لجان متخصصة اشتغلت كل واحدة منها وفقا لنهجها الخاص مما أعطى في نهاية المطاف فسيفساء مناهج لا تعكس دائما المبادئ البيداغوجية التي يدعو إليها النظام التعليمي المغربي، والتي تضمنها الكتاب الأبيض.
أزمة اللغة
من الواضح أن المنظومة التعليمية الوطنية لم تحسم بعد إشكالية اللغة، على الرغم من الجدل الكبير الذي عرفته مناقشة مشروع القانون الإطار للتربية والتكوين حول هذه النقطة بالذات. وبغض النظر عن الاختيار اللغوي، أكان مؤسسا على اللغة الأم أو اللغات الأجنبية، فإن لخبطة لغات التدريس يحدث عاهات مستديمة ترافق التلاميذ طيلة مسارهم دراسهم، وتؤثر بشكل سلبي على مستقبلهم المهني.
وتعتبر جمعية “أماكن” أن التحصيل الدراسي للتلاميذ المغاربة سيستمر متدنيا حتى يتم حل مشكل اللغة. فطيلة أكثر من عشرين عاما من سياسة التعريب التي توقفت عند بوابة التعليم العالي لتترك الطلاب لمصيرهم، لم يجرؤ أحد على اتخاذ قرارا جريء يحل مسألة لغة التدريس.
وفي حين اقترحت الرؤية الاستراتيجية حلا يتماشى مع العمل البحث من خلال جعل إحدى اللغات الرسمية، اللغة العربية تحديد، لغة تدريس جميع المواد، مع إمكانية تدريس بعض المضامين في بعض المواد بلغة أجنبية، فإن القانون الإطار فرض تدريس المواد العلمية والتقنية بلغة أجنبية، وتم تصريفه عمليا إلى فرنسة تدريس المواد العلمية والتقنية.
وتعتبر الجمعية أن جل المنظومات التربوية في العالم تتبنى لغاتها الرسمية لغات لتدريس هذه المواد، مشيرة إلى أن “مثل هذا الاختيار اللغوي لن يكون سوى على حساب جودة التعلمات على المدى المتوسط والطويل، وما الدول الإفريقية التي سلكت هذا النهج وزادت عليه بتبني لغة المستعمر لغة رسمية إلا دليل واضح على هذا المصير”.
فضلا عن ذلك، هناك مشكل آخر يرتبط بتعدد أنظمة التعليم، والتي لا يقل عددها عن أربعة: مدارس البعثة الأجنبية، والمدارس الخاصة، والمدارس العمومية في المناطق الحضرية، والمدارس العمومية في المناطق القروي أو شبه الحضرية، مع الإشارة إلى أن مدارس البعثات الأجنبية تبقى عمليا خارج مراقبة الدولة.
في المقابل، يتم تشجيع المدارس الخاصة من قبل الدولة، وتبدو أنها صمام أمان لنظام التعليم المغربي، لأنها تسوق لتعليم ذي جودة معية تجذب أولائك الذين يستطيعون الدفع. وتبذل المدارس العمومية في المناطق الحضرية قصارى جهدها لإنقاذ وجه المنظومة التربوية المغربية، ورعاية مظاهر الأمل في عيون المواطنين المحرومين.
لكن في الواقع، هؤلاء ليس لديهم خيار على اعتبار أنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف المدارس الخاصة. لكن من حيث الجودة، فغالبا ما تكون غالبية المدارس العمومية في المناطق القروية أو شبه الحضرية، في حالة مؤسفة ولا تعلب دورها التعليمي الكامل..وهو وضع يؤثر بشكل مباشر على تحصيل التلاميذ داخل الفصول الدراسية.
تعليقات ( 0 )