كيف ماتت السياسة بالمغرب

الغياب الرهيب للأحزاب والنقابات عن المشهد الحالي الذي يصب فيه الغلاء المزيد من الزيت على نار السخط الشعبي يؤكد أن المشهد السياسي لازال يحفر في القاع، ويعيش قطيعة مع الشارع الذي يغلي يوما بعد يوم.

بل بات المشهد السياسي يعاني من فراغ خطير لا يمكن للإعلام أن يملأه.

كما لا يمكن دفعه للعب هذا الدور، بعد أن اختفى خطاب المعارضة الحقيقي، وباتت جميع الأحزاب تهرب من هذا الدور كما لو كان مرضا معديا.

دور تمارسه مكرهة بكثير من السطحية فقط لأنها تعاني من إفلاس رصيدها من المصداقية أو الشعبية.

 ولا تملك أي شجاعة سياسية تترجمها في شكل بديل، أو برنامج واقعي يسعف على التغيير في بلد أصبح فيه التدافع السياسي مجرد قنطرة يلغي الوصول إلى ضفتها الأخرى مصالح المواطن من قائمة الأولويات.

 اليوم لم نعد نسمع سوى “كلاشات” لبرلمانيين يبحثون عن تسويق صورتهم، وتمرير مصالحهم أكثر من سعيهم لحل مشاكل هذا الوطن.

كما أصبحنا نعاين نوعا جديدا من المعارضة السريعة،من خلال الهرولة والتسابق نحو تدبيج أسئلة  شفوية وكتابية غارقة في الإنشاء و الطفولية، قبل تلطيخ مواقع التواصل الاجتماعي بها من قبل برلمانيين وسياسيين يعتقدون أن مهمتهم تنتهي عند  إشهارها وكأنها إنجاز بطولي.

أما الأسئلة الحقيقية التي يجب أن تطرح فأصبحت تائهة وسط هذا الضجيج والسيرك السياسي.

اليوم لو تجاوزنا التراشق الاستعراضي بالاتهامات، وتبادل السباب والشتائم التي يحلو للسياسيين المغاربة أن يلوذوا إليه ل”تنشيط البطولة” فان الباقي هو فراغ كبير يؤكد أن العمل السياسي بالمغرب تحول إلى بركة راكدة، ولعبة مملة، سبق لواحد  من أهل الدار أن شهد بأنها تجري دون جمهور.

 اليوم لم نعد نسمع حديثا عن مشروع مجتمعي في خطاب الأحزاب، ولا حديثا  بمنسوب معتبر من الجرأة  والواقعية والصراحة عن ضرورة الإصلاح والتغيير  الحقيقي الذي ينشده  المغاربة بعد رسم مساراته وسقفه.

 انسحاب يحاول البعض تغطيته من خلال خرجات “البووز” الذي تدمن عليه  بعض الوجوه خلال  البث المباشر لجلسات البرلمان، في ظاهرة تكشف أن الاحزاب  استبدلت التدافع والصراع حول الأهداف والبرامج، بسلوكات فردية وانفرادية و فرجوية.   

 هذا الركود الذي يحاول الركوب أحيانا، وبشكل فج ومفضوح على أحداث ووقائع معينة، لا يسائل الأحزاب فقط، بل إن الأمر يمتد إلى النخب المثقفة، وأساسا إلى النقابات التي أصبح كل همها اليوم هو  تمديد الولايات، وضمان تعاقب نفس الوجوه على مؤسسات نخرها التهافت على الريع والامتيازات والصفقات.

 الأحزاب لم توجد للعيش في حضن الحكومات، والمناصب والامتيازات فقط، بل لها أدوار أخرى أكثر أهمية للوطن.

كما ان المعارضة ليست مرضا خطيرا ومعديا يتعين على الأحزاب الهرب منه، أو الاتكال على وسائط أخرى للعب هذا الدور قبل الهرولة لقطف النتائج.
لقد سبق لتقرير اللجنة الملكية حول النموذج التنموي الجديد، أن حذر من أزمة الثقة التي تعصف بالبلاد، ودعا الأحزاب إلى  استرجاع مصداقيتها.

والواقع أن ازدواجية المواقف والنفاق صار سلوكا عاديا لدى أحزاب تم تعديلها جينيا،  لهذا صرنا نرى من يبرر “قليب الفيستة” والتنكر للتعهدات والالتزامات الانتخابية بدعوى أن الخطاب الحزبي ليس هو الخطاب الحكومي، و أن لكل مقام مقال….؟

سلوك عايناه لدى كثير من الوجوه التي ترى الدنيا وردية وهي في الحكومة، وتتهم من يقول غير ذلك بالشعبوية و التبخيس ووزير التقاشر إلى جانب الوزير نزار بركة خير مثال.

 لكنها تشحذ لسانها و ترتدي نظارات سوداء إذا ما أجبرت على النزول من عربة الحكومة كعبد الإله بنكيران ونبيل بنعبد الله.

 أما السي اخنوش فمجرد تاجر باع لنا القرد ولازال يضحك إلى الآن.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي