اتهمت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بالتنصل من التزامتهما بسوء نية بعد الإعلان عن عدد هزيل للمقاعد المتاحة هذه السنة ضمن مباراة الإقامة.
وقالت اللجنة أن هذه الخطوة تعبر عن خرق الوزارتين وبشكل صريح لبنود محضر اتفاق 28 غشت 2019، الذي يؤكد في أول محور له متعلق بمباراة الإقامة على ضرورة الالتزام بزيادة 50 منصبا في كل سنة على الصعيد الوطني مقارنة مع عدد مناصب الإقامة للسنة الجامعية السابقة في ما يخص المقاعد غير التعاقدية، وهذا على أساس عدد المقاعد المفتوحة خلال مباراة الإقامة لسنة 2019، وابتداءا من مباراة الإقامة لسنة 2020.
وتابعت اللجنة بأن ذلك يعني بالنسبة لمباراة الإقامة الحالية 2022، زيادة 150 مقعدا على عدد مقاعد مباراة الإقامة 2019 في ما يخص عدد المقاعد غير التعاقدية، و الذي كان يقارب 428 منصبا، وهو ما يجعل عدد المقاعد غير التعاقدية المفترض إتاحتها سنة 2022 مساويا لـ578 ، غير أن مجموع المقاعد المعلن عنه حاليا لا يتجاوز 267 فقط، أي حسب الاتفاق يلزمنا 311 منصبا غير تعاقديا، ما يعني أن الوزارتين عوض أن تضيف 150 منصبا قامت بسحبها.
واعتبرت اللجنة أن الأمر يتعلق بخرق متعمد ومقصود لبنود محضر الاتفاق، الهدف منه هو إجبار المتبارين على الارتماء نحو الإقامة التعاقدية مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، رغم أن السنتين الماضيتين كانتا خير دليل على أن سياسة الجبر والإكراه لا يمكن أن تأتي إلا بنتيجة عكسية.
وسجلت أن نتائج مباراة الإقامة عرفت عزوفا شبه تام عن المقاعد التعاقدية فيما يشبه مقاطعة تلقائية لهذه المناصب وهو ما اضطر المسؤولين -ولأول مرة منذ أول مباراة تخصص – إلى تنظيم دورة استدراكية لمباريات التخصص، والتي كانت كل مقاعدها وبدون استثناء تعاقدية محضة، بعد أن بقيت شبه فارغة خلال الدورة العادية، ووصل عددها ببعض الكليات إلى 90 مقعدا يضيف بلاغ اللجنة.
وقال البيان” يبدو أنه استعصى على صناع القرار داخل الوزارتين فهم واستيعاب رغم عدم فتورنا أن مشكل المستشفيات الخالية من الأطباء أو ما صار المسؤولون يلقبونه بالصحاري الطبية، ويستحبون الإشارة إليه بالهروب من الوظيفة العمومية والتعاقد مع وزارة الصحة، لن تحله زيادة 20% أو حتى 50% من نسبة الطلبة الوافدين الجدد، ولا تسريع عملية تخرج الطلبة الأطباء بتقليص سنوات التكوين من سبع سنوات إلى ست سنوات.
وقالت اللجنة أن هذا الوضع لن يساهم في حلحلته التضييق الممنهج على الخريجين بتقليص عدد المناصب غير التعاقدية والدفع نحو الإقامة التعاقدية بمباريات التخصص، ذلك وببساطة لأن الإشكال الحقيقي لا يمكن اختزاله في ضعف عدد الخرجين من الطلبة الأطباء، بل يعزى بشكل مباشر إلى النزيف الحاصل نتيجة هجرة هؤلاء الخريجين، حيث أن ما يقارب 1/3 من نسبة الأطباء المغاربة يعملون خارج البلاد، وقد عبرت عن ذلك دراسة أجريت مؤخرا بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء لفائدة طلبة السنة السابعة، تفيد بأن ما يفوق ثلثي الطلبة يفكرون في الهجرة.
وأرجعت اللجنة ذلك لعدة أسباب من البحث عن ظروف عمل أفضل، في ظل ظروف العمل الكارثية من انعدام للأمن بمستشفياتنا العمومية، ونقص حاد لأبسط المتطلبات من قفازات طبية ومواد التعقيم والأدوية إلى أجهزة الفحص بالأشعة وكراسي العلاج في مراكز طب الأسنان.
هذا إلى جانب الاكتظاظ المهول الذي أصبحت تعرفه أراضي التداريب الاستشفائية وإلى ظروف التكوين المزرية للطلبة، حيث يجد الطالب نفسه مرغما على القيام بمداومات تفوق 36 ساعة متتابعة دون راحة نظرا لانعدام تخصيص غرف راحة للطلبة المداومين، ودون الاستفادة من أبسط الحقوق كوجبات الغذاء المخصصة للعاملين بالمستشفى.
كما أشارت اللجنة لهزالة الأجرة والتعويضات، وقالت أن الطلبة الأطباء لا يتلقون إلا 21 درهما على اليوم، ولا تزال أجرة الطبيب بالقطاع العام لا تكاد تعادل التعويضات على المداومات الليلية و الساعات الإضافية فقط بالبلدان الأوروبية،
وشددت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب، على أن إصلاح العرض الصحي بالمغرب لا بد أن ينطلق من توفير الظروف الملائمة لتكوين طالب اليوم ويستمر إلى الاستماع إلى احتياجات الخريجين ومختلف العاملين، معبرة عن رفضها لأية سياسات أو قرارات لا تضع نصب عينيها إصلاح ظروف وحيثيات العمل بالوظيفة العمومية وتحسين شروط عقدة الإقامة، ومراجعة ظروف تكوين وتدريب الطلبة الأطباء والصيادلة، والرفع من قيمة التعويضات عن المهام للطلبة الأطباء والصيادلة والزيادة في أجور الأطباء والصيادلة؛
وجددت للجنة الوطنية التذكير بالمقترحات التي تقدمت بها للمساعدة في عملية الإصلاح ومنها:
تقليص مدة التعاقد عوض 8 سنوات الحالية والتي يتم تمديدها لتصير عقدة أبدية
الرفع من قيمة التعويضات عن المهام للطلبة الأطباء والصيادلة.
الرفع من قيمة التعويضات للمقيمين غير المتعاقدين.
توفير ظروف تكوين ملائمة، من غرف راحة بالمداومات الليلية خاصة بالطلبة، والاستفادة من وجبات غداء المخصصة العاملين المداومين.
الرفع الفوري من عدد كراسي العلاج، وتوفير كل المعدات اللازمة لاجتياز التداريب الاستشفائية في ظروف تحفظ لطالب طب الأسنان جودة تكوينه مع رفع أعباء معدات الأشغال التطبيقية ابتداءا من الفصل الثاني للسنة الحالية.
وقالت اللجنة أن ما تقريره من طرف الوزارتين، من زيادة 20% في نسبة الوافدين الجدد وتقليص مدة التكوين إلى ست سنوات، لن يزيدا المدرجات إلا اكتظاظا وظروف التكوين هشاشة، ومن خرق لبند الزيادة في المناصب غير التعاقدية كمحاولة للدفع نحو التعاقد بطريقة هي الأقرب إلى الإجبارية، دون مراجعة بنود العقدة وهزالة الأجور والتعويضات، فلن يساهم كل هذا إلا في تأجيج الأوضاع وتعميق البؤس وزيادة حالات الاكتئاب في صفوف الطلبة والخريجين مما يحيل بشكل مباشر إلى الرفع من نسب الهجرة.
كما دعت اللجنة الجهات المسؤولة إلى الاستجابة الفورية والجلوس إلى طاولة الحوار عوض نهج سياسة الآذان الصماء -التي أبان تعاقب السنوات على عدم نجاعتها-، وإعطاء الأولوية للوفاء بالالتزامات التي تشهد عليها محاضر الاتفاق، معلنة أنها تحتفظ بحقها الكامل في التصعيد في حالة ما إذا تم الإصرار على الإخلال بهذه العهود.
تعليقات ( 0 )