منها شبهة "عطيني نعطيك" وفضيحة "زنجبار" و"مغامرات" الكوبل الحكومي

أخطاء “الكاستينغ”.. حكومة أخنوش “من الخيمة خرج مايل”

إذا كانت الأخطاء القاتلة التي تورط فيه وزراء سابقون عجلت بإنهاء مهامهم الحكومية، حتى دون أن يكمل بعضهم المدة المحددة للاستفادة من المعاش الاستثنائي كما هو حال الوزير الأسبق حسن عبيابة، فإن بعض وزراء حكومة أخنوش يسيرون بسرعة فائق نحو نفس المصير بسبب الاختلالات التي تحوم حول تدبير عدد من الملفات.

منذ تشكيل حكومة عزيز أخنوش، بدا واضحا أن رئيس الحكومة قد أخطا التقدير باقتراح بعض الأسماء التي أثبتت، مع مرور الوقت، فشلها الذريع في تدبير قطاعات مهمة، حتى وإن كانت قد قدمت مسارات مهنية وعلمية جد منفوخة. لا نتحدث هنا عن الجانب التواصلي لوزراء لا يستطيع بعضهم تركيب جملة مفيدة، حتى إن إحداهم حاولت أكثر من مرة أن تعطي تصريحا لوسائل إعلام عمومية دون أن تنجح في المهمة التواصلية، لتخاطبهم بدلا من ذلك بالقول “أنا ماشي في نهاري”..طبعا لا نركز على هذا الجانب التواصلي المظلم في حكومة أخنوش، بالرغم من أن الحزب الذي يقودها هو صاحب خبرة في العلاقات العامة..

نحن نتحدث فقط عن التدبير العمومي للقطاعات التي يتولاها مجموعة من الوزراء، والذين تحول بعضهم إلى مجرد حامل لقلم التوقيع على تمرير الصفقات للمقربين والأصدقاء، مستغلين بذلك هفوات كثيرة في نظام الصفقات العمومية التي تتيح اللجوء إلى صفقات تفاوضية، أو حتى منح بعض “البسكويت” من المال العام على شكل سندات طلب.

وزيرة “زنجبار”

أن تترك وزيرتنا، في عز الصيف، مدن المغرب وتتوجه إلى زنجبار للترويج لها، ثم تعود لتتحدث عن مخطط استقطاب 26 مليون سائح في 2030..فهذا أقرب إلى “الطنز” على المغاربة. فلا يمكن لوزيرة تروج للسياحة الداخلية، في سياق تداعيات جائحة “كورونا” التي أنهكت هذا القطاع وكبدته خسائر كبيرة جدا ودفعت عددا من المؤسسات السياحية إلى إغلاق أبوابها وتحويل وجهة استثماراتها، أن تترك كل هذا وتتوجه إلى دولة أخرى لتقضي بدعة عطلة الوزراء، والتي هي بالمناسبة غير منصوص عليها في أي قانون أو مرسوم، بما في ذلك القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها.

الوزيرة فاطمة الزهراء عمور، وعلى درب الوزراء السابقين، تتجه اليوم نحو رفع شعار جديد يتمثل في استقطاب 26 مليون سائح في أفق سنة 2030، بينما لم يتجاوز عدد زوار بلادنا في 2019 حوالي 13 مليون بما فيهم مغاربة العالم، قبل أن تأتي الجائحة وتعصف بالسياحة الوطنية التي تحتاج اليوم إلى تمويل كبير ورؤية واضحة حتى تستعيد بعضا من ركائزها، وتنهي فوضى قطاع تسيء له عدد من الممارسات بسبب عدم توازن معادلة الكلفة والجودة، رغم توفر بلادنا على مؤهلات طبيعية وثقافية وبحرية جد تنافسية مقارنة مع وجهات أخرى عبر العالم.

لقد كان حريا بالوزيرة عمور، عوض أن تقضي عطلتها في زنجبار، أن تنزل إلى مدن المملكة، رفقة مسؤولي هذه الوزارة، في إطار “حجة وزيارة”، حتى تفهم الاختلالات العميقة التي يعانيها هذا القطاع، والتي تجعل المغاربة ينفقون الكثير من أجل خدمات جد رديئة، حتى داخل المؤسسات الفندقية المصنفة، دون أن نتحدث عن مسألة التنشيط السياحي التي تبقى الغائب الكبرى في هذه المعادلة..فلا يمكن لرب أسرة أن ينفق أزيد 20 ألف درهم ليجبر على قضاء العطلة عبر رحلة مكوكية يومية بين الشاطئ والجدران الإسمنتية، في غياب التنشيط الذي يفترض أن تشتغل عليه الوزارة الوصية بمعية مختلف المتدخلين، وعلى رأسهم الجماعات الترابية والفاعلين السياحيين.

لكن ليس هذا فحسب، فالوزيرة اليوم تتحمل مسؤولية تنزيل برنامج مهم اسمه “فرصة”..وربما كانت فكرة أخنوش أن يمنح لهذه الوزيرة “فرصة” من أجل إثبات ذاتها داخل الحكومة، لكن الذي وقع في أول يوم هو أنها سقطت في فخ الإنفاق الكثير على الترويج للبرنامج دون أن تنتبه إلى الأهم وهو كيفية إنجاح البرنامج في حد ذاته، حتى لا نكرر تجارب سابقة التهمت مليارات الدراهم دون أن نتجاوز مرحلة “البريكولاج” في تدبير ملف التشغيل.

عطيني نعطيك

منذ أن التحق بحكومة عزيز أخنوش، يواجه وزير التعليم العالي سلسلة اتهامات في ملفات تضعه في حرج كبير. فبعد شهور من تعيينه، تم اتهام الوزير بصفته رئيسا سابقا لجامعة القاضي عياض بمراكش، بتوقيع اتفاقية مع جامعة التكنولوجيا Belfort Montélimar خدمة لمشاريع الفرانكفونية. لكن مقابل ذلك، جرى الحديث عن تلقي ميراوي تعويضات بقيمة تقارب 260 ألف أورو، حيث تتحمل الجامعة الفرنسية بـ90 في المائة من كلفة الاتفاقية، نتيجة “محدودية موارد” الجامعة نظيرتها المغربية. هذه الاتهامات جمعت الوزير في موضع شبهة تضارب المصالح، وهو الملف الذي وصلت أصداؤه إلى البرلمان.

ولم تمر إلا أشهر قليلة، وفي سياق الحديث عن قرب تعديل وزاري سيعصف بكل من وهبي وميراوي، تسربت إلى الإعلام معطيات تتعلق بتضارب مصالح بين الوزيرين المنتميين إلى نفس اللون السياسي. ذلك أن ميراوي اتهم بتوقيع وزارته لعقد مع مكتب محاماة عبد اللطيف وهبي، الذي تديره ابنته، من أجل الدفاع عن مصالح وزارة التعليم العالي. ويرى محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المالي العام، أن هذه الصفقة “تعمق فضائح وزير التعليم العالي المتتالية وتجعله قاب قوسين أو أدنى من مغادرة سفينة الحكومة، ومهما تعددت التبريرات والمسوغات التي صاغها مكتب وزير التعليم العالي فإن الأمر يشكل فضيحة كبرى بكل المقاييس واستمرارا لسياسة “اعطيني نعطيك”.

وتابع الغلوسي، في تدوينة على “فايسبوك”، قائلا: “إنها فضيحة “بجلاجل” تتطلب من رئيس الحكومة تحمل مسؤوليته الدستورية والسياسية وأن يبادر إلى فتح تحقيق حول ظروف وملابسات هذه الشبهة الواضحة للعيان وترتيب الجزاءات الضرورية. كما أن ذلك يفرض عليه تنوير الرأي العام وتوضيح موقف الحكومة من هكذا ممارسات تتعارض مع أخلاقيات المرفق العمومي ومع اليمين الدستورية التي أداها الوزراء والتي تفرض إعلاء المصلحة العليا للوطن فوق أية مصلحة خاصة”.

كوبل حكومي !

إذا كانت حكومة عبد الإله بنكيران قد شهدت أطوار قصة حب حكومية انتهت بالزواج، فإن حكومة عزيز أخنوش تشهد بدورها علاقة حب خاصة بين وزيرة وزوجها المحظوظ، الذي أصبح الآمر الناهي في القطاع الذي تشرف عليه زوجته. ذلك أن الأخيرة أطلقت يد شريك حياتها من أجل ممارسة مهام الإدارة، رغم أنه عضو في الديوان ويفترض أن يشتغل على الملفات التي تسند له من الزوجة الوزيرة دون أن يتدخل في عمل الوزارة أو أن يعمل على الإطاحة بهذا المسؤول أو ذاك.

عند تفجر هذه الفضيحة، التي تضع الوزيرة عواطف حيار أمام تضارب مصالح واضح مع شريك حياتها، سارع الزوج إلى التواري عن الأنظار قبل أن يعود من جديد بقوة أكبر. فقد تحدثت مصادر عن دوره في “تطهير” الوزارة من عدد من المسؤولين والدفع ببعض الوجوه الاستقلالية من أجل تولي المناصب.

ومن أبرز هذه المناصب نذكر وكالة التنمية الاجتماعية ومؤسسة التعاون الوطني، حيث عمدت الوزيرة إلى إعفاء المديرين اللذين كانا يشرفان على تسيير المؤسستين. لكن عند الإعلان عن مباريات التوظيف لشغل المنصبين، اتُهمت الوزيرة بوضع شروط على المقاس. ذلك أنه بالنسبة لمنصب مدير وكالة التنمية الاجتماعية، تم وضع شروط وصفت بالتعجيزية من خلال اشتراط مزاولة المترشح لاجتياز المباراة المذكورة، لمهام مدير الإدارات المركزية أو ما يماثلها.

وبدل أن تكون الشروط الموضوعة لتقلد المناصب العليا متناغمة، فإن وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، لم تضع الشرط المذكور عند توقيع قرار تنظيم مباراة لشغل منصب مدير التعاون الوطني، واكتفت بشرط أن يكون المترشح لهذا المنصب قد زوال مهام ومسؤوليات لا تقل عن منصب رئيس قسم أو ما يعادله، والتوفر على تجربة مهنية لا تقل عن عشر سنوات في الميادين الإدارية والتقنية والعلمية بإدارات الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات أو المقاولات العمومية أو القطاع الخاص داخل أو خارج الوطن.

هذا الوضع يفرض اليوم على الحكومة أن تعيد النظر بشكل سريع في قانون التعيين في المناصب العليا. ذلك أن عددا من الوزراء يعمدون إلى وضع شروط عجيبة وغريبة من أجل تثبيت أصدقائهم في المناصب التي يتحكمون فيها، وكمثال على ذلك الوزير الذي عين صديقا له في منصب مدير مركزي في الوزارة التي يتولى تدبيرها، بالرغم من أن الصديق المحظوظ لم يكن إلا رئيس مصلحة في إحدى المؤسسات الدستورية.

 

 

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي