يبدو أن الجزائر والمغرب ماضيتان في التنافس على شراء الأسلحة المتطورة، فالبلدان يمتلكان، على التوالي، الجيش الثاني والخامس في القارة الإفريقية التي تضم 54 دولة. ولذلك يستثمران المليارات بكثافة كل عام في شراء أحدث الأسلحة والمعدات. وبحسب التقرير الأخير، حول اتجاهات الإنفاق العسكري العالمي خلال العام 2021، الصادر عن معهد ستوكهولم للسلام مطلع الأسبوع الذي نودعه، فقد انخفض الإنفاق العسكري الجزائري (نسبيا)، مقارنة مع الأعوام الماضية، بحيث أنفقت الجزائر ما مجموعه 9,1 مليار دولار من ميزانيتها على المجال العسكري، ما يُمثل 6,1 % من ناتجها المحلي الإجمالي. ورغم ذلك، يقارب الإنفاق العسكري الجزائري ضعف ما ينفقه المغرب، الذي بلغ 4,3 % من الناتج المحلي بما يصل إلى 5,4 مليارات دولار خلال سنة2021.
وصنف التقرير المغرب والجزائر ضمن دول العالم، التي خصصت ميزانية ضخمة للإنفاق العسكري خلال هام 2021، بسبب التوترات المتزايدة بين البلدين. فقد بلغ التصعيد بين البلدين في السنوات الثلاث الأخيرة منحى خطِراً وغير مسبوق، على مستوى التصعيد السياسي والعسكري والتسلح. كما ارتفع الإنفاق العسكري في إفريقيا بالموازاة مع ذلك، بحسب ما جاء في تقرير معهد ستوكهولم، بنسبة 1,2% ليبلغ 39,7 مليار دولار في عام 2021.أنفقت منها دول شمال إفريقيا (مصر، ليبيا، تونس، الجزائر والمغرب) لوحدها نسبة 51 %.
لقد أنفقت الجزائر والمغرب مجتمعتين على التسلح، خلال الإحدى عشرة سنة الأخيرة، ما يُقدَّر بحوالي 140 مليار دولار أمريكي. أنفقت فيها الجزائر لوحدها حوالي 100 مليار دولار أمريكي، أي أكثر من ضعف ما أنفقه المغرب خلال نفس المدة، بما يقارب حوالي 40 مليار دولار أمريكي. وبينما يجد المغرب مبررا في وجود حرب بالوكالة تشنها عليه الجزائر، عن طريق جبهة البوليساريو في الصحراء، تتذرع الجزائر تارة بإكراهات حماية حدودها الشاسعة والحرب على الإرهاب. وتارة أخرى تدغدغ عواطف شعبها، من خلال رفع شعارات من قبيل “الصهيونية على الحدود الغربية (مع المغرب”، لتبرير إنفاقها الكبير على جيشها.
وهكذا دخل الجزائر والمغرب دوامة لا تتوقف، من التنافس على شراء الأسلحة المتطورة. الأولى تحت ذرائع شتى، في حين يحاول المغرب محاولة مسايرة إيقاع التسلح الذي تفرضه عليه جارته الشرقية، من طريق التركيز على القيمة النوعية في مقابل تركيز الجزائر على معيار الكم في تكديس السلاح. سعيا إلى تحقيق نوع من التوازن النسبي في ميزان القوى بالمنطقة، يحول دون وصول أي طرف منهما إلى مستوى الهيمنة المطلقة.
ويفسر طموح الجزائر الكبير في أن تكون القوة العسكرية المهيمنة بالمنطقة، جزئيا هذا السلوك التدميري. حيث إنها بفضل عائداتها الكبيرة للنفط والغاز، تتمتع بهامش مناورة أكبر من المغرب. ما يسمح لها بإنهاكه من خلال توريطه في سباق تسلح بلا نهاية، وإجباره على المجازفة بإنفاق مبالغ مماثلة أو أكثر من المال على التسلح، ليس في استطاعته تحملها، بغرض استنزافه ماليا على حساب قضاياه الاقتصادية والاجتماعية الداخلية.
تعليقات ( 0 )