غزة وأوهام الصهاينة..ما أشبه اليوم بالبارحة!!

منذ أزيد من سنة وغزة تعيش على وقع حرب إبادة لم تبق ولم تذر، حرب أسقطت حسب الأرقام الرسمية أزيد من 40 ألف قتيل ضمنهم 15 ألف طفل، وآلاف الجرحى، ودمرت البنية التحتية لغزة بنسبة تقارب 85 في المائة.
لم تكتف إسرائيل بهمجيتها في غزة، ونقلت وحشيتها إلى لبنان، حيث يتابع العالم فصلا آخر من فصول التقتيل والتنكيل، فقد قتل أزيد من 1700 لبناني، كما تم جرح ما يقارب 10 آلاف..
خلف أرقام القتلى والجرحى، ثمة أرقام مرعبة لملايين يعيشون التجويع والرعب والدمار وألم الفقدان، ورائحة الموت التي تملأ الأمكنة والنفوس..
وفي الوقت الذي يقتل فيه نتنياهو الأطفال بلا رحمة، ويمعن في الوحشية، ويغتال القيادات ويتحرك بقانون القوة، مازال هناك من يزايد ببجاحة، ويحاول أن يحدد للمقاومة مساحة تحركها، وطريقتها..

إن ما جرى في غزة وما يحدث في الضفة والقطاع، وفي لبنان، وتحديدا في ضاحيتها الجنوبية، ليس ردا على ما جرى من هجمات في السابع من أكتوبر، من السنة الماضية، ولكنه ذريعة لتشكيل واقع جديد، يعيد عقارب الزمن لما حدث في نكبة 1948، عندما قام الكيان الصهيوني بدعم أمريكي وبريطاني بتهجير آلاف الفلسطينيين من أراضيهم، وضمنهم وقتها 200 ألف مواطن، اغتصبت أراضيهم وسلبت منهم، ليجدوا أنفسهم لاجئين في مخيمات غزة تتقاذفهم رياح التوطين ورياح التهجير..
ولأن ما أشبه اليوم بالبارحة، ها هم مرة أخرى يعيشون وبشكل ممنهج حلقات أخرى من التهجير القسري، تقلصت فيها المساحة الآمنة في غزة، وتحولت فيها العديد من المنشآت والمباني إلى أثر بعد عين، بينما تسيطر إسرائيل بالطول والعرض على الشرق الأوسط بأكمله، وسط مجتمع دولي انتقل من مرحلة الصمت التي دامت سنوات، إلى مرحلة خنوع أمام كيان قاتل، تحول دعمه بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا إلى عقيدة، حيث يحصل على السلاح والعتاد والمال والحماية، بينما العالم العربي والإسلامي ممزق..
وأما المبرر المضحك فهو سردية “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، التي باتت أصلا تجاريا في سوق الانتخابات الأمريكية، وفي الإعلام الغربي وقربانا يقدم للوبي الصهيوني، حيث تختلط الأوهام العقدية بموازين القوى، مع صعود لبنيامين نتنياهو الذي يمثل جيلا ولد في فلسطين بعد احتلالها، لا يؤمن إلا بالقوة والوحشية والتعالي مع العرب، لإجبارهم على قبول مخططاته، والتي يعد جمع شتات يهود العالم في أرض فلسطين أحد أبرز عناوينها، من خلال السيطرة الكاملة على غزة والضفة، واجتثات ما تبقى من اتفاق أوسلو، ودفن مشرع الدولة الفلسطينية..

لقد كانت غزة ومازالت أكبر سجن في العالم، ولقد كانت إسرائيل ومازالت دولة مارقة، تريد أن تحول القضية الفلسطينية، إلى هامش صغير ومنسي..

ولعل السؤال المؤرق اليوم وغدا، هو كيف نجح هذا الكيان الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 7 ملايين، بينما لا يتجاوز عدد اليهود في العالم 24 مليون نسمة، في التحكم في مفاصل العالم مالا واقتصادا وإعلاما، بينما الأمة العربية والإسلامية، التي يمزق أبناؤها بعضهم بعضا، لم تستطع أن توقف هذا الوحش، ولم تعد تملك حتى القدرة على رفع الرأس أمامه..
ولأن الهوان بلغ أقصى مستوياته، فليس لنا ولكم، إلا أن نرفع أكف الضراعة، نصرة للحق، وحتى يقضي الله أمرا كان مفعولا…

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي