عكس الخطاب الرسمي الذي يتحدث عن إنجازات مهمة في محاربة الفساد كشف التقرير السنوي لهيئة النزاهة لسنة 2022، عن تراجعات بالجملة همت بالأساس مؤشرات الإدراك غير المباشرة، كمؤشر الحرية، والحرية الاقتصادية، ومؤشر سيادة القانون، والميزانية المفتوحة.
التقرير سجل ارتفاع مستوى تفاقم الفساد في المغرب، من خلال نتائج البارومتر العربي حول المغرب، والتي جاءت لتؤكد استمرار تفشي الفساد، خاصة في أوساط الفقر والهشاشة والبعد عن المركز، بما رسخ الاقتناع لدى الهيئة بأن التكلفة الكبرى للفساد يتحمل أعباءها الأشخاص المنتمون إلى هذه الأوساط، وبأن تجليات الفساد يمكن تلمسها في الحقوق التي يحرم منها هؤلاء في التعليم الجيد والسكن اللائق، والرعاية الصحية، وغيرها من الحقوق الأساسية.
ودعت الهيئة إلى معالجة الأسباب العميقة لتكريس الوضع المتفاقم للفساد في المغرب، والتي تجد تجلياتها في الأعطاب التي تشوب مجالات الحقوق والحريات والنجاعة القضائية، والمساواة في الاستفادة من استحقاقات التنمية البشرية.
واعتبرت أن هذا الوضع يرخي بظلاله على مبدأ تكافؤ الفرص، ويؤثر سلبا على المساواة في الولوج إلى وسائل الإنتاج، ويؤدي إلى حصر تراكم الدخل وفرص خلق الثروات على فئة قليلة من المجتمع، ويساهم في توسيع دائرة اقتصاد الريع، وتناسل مظاهر الاقتصاد الخفي.
التقرير وقف عند التجاوب السلبي للمغرب مع المؤشرات الفرعية، المتعلقة أساسا بالحقوق السياسية والمدنية، والفعالية القضائية، ونزاهة الحكومة والعدالة الجنائية، والحكومة المنفتحة والمشاركة العمومية في الميزانية.
وكشف التقرير أن المغرب وبحصوله على درجـة %38 في مـؤشر مـدركات الفسـاد برسـم 2022، يكـون قـد تراجع بخمس نقاط خلال الأربع سنوات الأخيرة، مكرسا مسلسـل التراجع في هـذا المؤشر، والـذي انطلـق منـذ 2018 حيـن حصـل عـلى درجـة %43 ليتراجع بدرجتـن سـنة 2019 بحصولـه عـلى درجة %41، ثـم بدرجـة واحـدة سـنة 2020 بحصولـه عـلى درجة%40، قبـل أن يتراجع بدرجـة أخـرى سـنة 2021 بحصولـه عـلى درجة %39.
واحتل المغرب الرتبة التاسعة على المستوى العربي مسـبوقا بـكل مـن الإمارات وقطـر والسـعودية وسـلطنة عمـان والأردن وتونـس والكويـت والبحريـن، ومتبوعـا ب 12 دولة عربية، وكـذا احتلاله مرتبـة وسـطى عـلى المستوى الإفريقي، مسـبوقا بإحـدى عـشر دولة.
وربطت الهيئة في تقريرها بيـن ارتفـاع معـلات الفسـاد في منطقـة الـشرق الأوسط وشمـال إفريقيـا وتراجـع الأداء الديمقراطـي والضغـوط المفروضة عـلى الحريـات المدنية والسياسـية، والتي تتقاطـع معهـا أيضا نتائج مـؤشر الحرية التــي أكــدت التجــاوب الســلبي للمغــرب مــع المؤشرات الفرعيــة المتعلقة بالحقــوق السياســية والمدنية، كمـا تتقاطـع معهـا نتائـج مـؤشر الفعاليـة القضائيـة ومـؤشر نزاهـة الحكومـة المتفرعين عـن مـؤشر الحريـة الاقتصادية، واللذيـن حقـق فيهـما المغرب نتائـج هزيلـة، وتتقاطـع معهـا أيضـا النتائـج السـلبية المحققة في المؤشرات الفرعيـة المتعلقة بالعدالـة الجنائيـة وغيـاب الفسـاد والحقـوق الأساسية والحكومـة المنفتحة؛ وهـي المؤشرات المنبثقة عـن مـؤشر سـيادة القانـون.
ودعت الهيئة إلى معالجة الأسباب العميقة لتكريس الوضع المتفاقم للفساد في المغرب، والتي تجد تجلياتها في الأعطاب التي تشوب مجالات الحقوق والحريات والنجاعة القضائية، والمساواة في الاستفادة من استحقاقات التنمية البشرية.
واعتبرت أن هذا الوضع يرخي بظلاله على مبدأ تكافؤ الفرص، ويؤثر سلبا على المساواة في الولوج إلى وسائل الإنتاج، ويؤدي إلى حصر تراكم الدخل وفرص خلق الثروات على فئة قليلة من المجتمع، ويساهم في توسيع دائرة اقتصاد الريع، وتناسل مظاهر الاقتصاد الخفي.
وكانت هيئة حقوقية قد نبهت لشبهات الفساد التي تلاحق أعضاء من التحالف الحكومي المدبر للجماعات الترابية والشأن العام.
وقالت أن هؤلاء تحوم حولهم شبهات فساد وتضارب مصالح ومنهم من أدين قضائيا بتهم فساد مالي، ما جعل الحكومة تتنصل من الالتزامات القانونية والسياسية لمكافحة الفساد والريع والرشوة.
جاء ذلك في بيان للمكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام، عبر فيه عن قلقه البالغ من تردد السلطة القضائية في حسم ملفات الفساد المالي المعروضة عليها.
وكشف البيان عن وجود ملفات عمرت طويلا أمام البحت التمهيدي، والتحقيق والمحاكمة، وأيضا أمام محكمة النقض دون أن تظهر نتائجها، فضلا عن ضعف الإجراءات والأحكام القضائية الصادرة في ملفات الفساد ونهب المال العام واقتصار المتابعات القضائية في غالبها على المنتخبين والموظفين والمقاولين.
وقالت الجمعية أن هذا الوضع يشكل تمييزا في إعمال القانون من شأنه أن يقوض أية جهود أو برامج موجهة لمكافحة الفساد كما من شأنه أن يضعف الثقة في المؤسسات ويذكي الشعور بالتمييز ويقوي مشاعر الإحباط والتشكيك.
تعليقات ( 0 )