انتهى السلام “الإبراهيمي” بجرائم إسرائيل ضد الإنسانية

كشف الصهاينة عن وجههم الحقيقي والعنصري والإجرامي في غزة. هذه البقعة المباركة بدماء الأبرياء، أصحاب الأرض ومعتقلي سجن كبير رعاه الغرب وعلى رأسه صهاينة أمريكا المتعودين على حروب الدمار والابادة. تكييف الجريمة ضد الإنسانية مؤكد بكل المقاييس ضد من قتل آلاف الأطفال اعتمادا على نظرية عنصرية تعتبر غيره حيوانا أو في أحسن الحالات مستعبدا. الأمر لا يقتصر على المسلمين بل يتعداهم إلى المسيحيين والبوذيين والبراهميين واللاادريين والانيميين والملحدين وكل الملل والديانات المعروفة وغير المعروفة. أن تقرر حكومة دولة محتلة لأرض الغير قتل الإنسان وتدمير العمران وحرق المكان فهذا إطار يحدد فعلا جرميا ضد الإنسانية.

لعل جورج واشنطن يتحرك في قبره لينهر ساكن البيت الأبيض على نسيان خطاب مؤسسي الولايات المتحدة. في سنة 1890 استخدم أول رئيس لهذه الدولة مصطلح ” الجرائم ضد الإنسانية ليصف ما قامت به بلجيكا في الكونغو. وتؤكد مقدمة معاهدة لاهاي لسنة 1907 على سمو القوانين الإنسانية. وخلال الحرب العالمية الأولى لم تتوانى حكومة الدول المتحالفة وخصوصا فرنسا وإنجلترا وروسيا في تهديد الدولة العثمانية بمتابعته حكومتها على ” المذابح ” لكونها جرائم ضد الإنسانية. وقد أكد القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادته السابعة على أن أفعال القتل العمد والابادة والاسترقاق وابعاد السكان والنقل القسري لهم حين ترتكب في ” إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين” هي جريمة ضد الإنسانية. وبالطبع هذا ما يخافه الغرب الذي صنع إسرائيل. ولكن شعوب الغرب التي تؤدي ضرائب مواقف حكوماتها استعادت وعيها بحجم الكذبة الكبرى التي تصنعها مؤسسات الإعلام في أوروبا وأمريكا المملوكة للوبي الصهيوني يوميا. انتصرت شبكات التواصل الاجتماعي عالميا على مؤسسات التزوير الإعلامي. فكانت مسيرات لندن وواشنطن ونيويورك وروما وباريس وكل العواصم العالمية ردا على الحرب الإعلامية الصهيونية وعلى القمع من طرف أجهزة في دول تدعي الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان وعن الأطفال والنساء والشيوخ. ولكن وجب رفع القبعة عاليا لرئيس شرطة لندن الذي التزم بالقانون في مواجهة حكومة إنجلترا البئيسة. ذلك الوزير الأول الذي أدى واجب الطاعة لنتانياهو، وتعرض لإساءة رفض العناق من يعتبره ” حيوانا إنسانيا ووزيرة داخليته التي عبرت عن انحطاط لا مثيل له أمام تضامن حضاري مع ضحايا جريمة ضد الإنسانية ، لم تزدهم أكبر مظاهرة في تاريخ عاصمتهم الا انحطاطا أمام التاريخ الذي يصنع اليوم بسببهم كحفدة جدهم بلفور اللعين.

أظهر فيديو قبل بدء لقاء صحفي للرئيس الفرنسي ماكرون صحافية فرنسية إسرائيلية أمريكية وهي تفسر لماكرون ما يجب أن يقوله. كان كالتلميذ أمامها يستمع بينما كانت المسؤولة عن الماكياج للقناة تتمم وضع المواد التجميلية المؤججة لوصول الضوء إلى كل زوايا الوجه. ركزت الصحافية توجيهاتها للرئيس، وللتذكير فهذه الصحافية المعروفة بإسم ” لورانس حاييم” ذات تأثير في القضايا التي تهم إسرائيل. بينت للرئيس أنه لا يجب أن يستعمل مصطلح ” جريمة ضد الإنسانية ” في أي موضوع عدا ” جريمة المحرقة ” التي اقترفها هتلر. وتأكيده يبين أن الأمر يهم إسرائيل التي تقوم بكل أشكال الجرائم ضد الإنسانية والتي يجب أن لا توصف أفعالها بكونها جريمة من هذا النوع. كم ضعفت فرنسا في يومنا هذا. كانت ذات جرأة في قول الحق بعد 1960. غيرت من صورتها الإستعمارية بعض الشيء ولكنها اليوم أصبحت ضحية لصناعة زعماء من طرف لوبيات ذات قدرة كبيرة على التمويل وصناعة الخطاب والترويج له عبر وسائل إعلام مملوكة لها. فرنسا أصبحت في يد من يعتبر كفاح الشعب الفلسطيني من أجل الحرية معاد للسامية. وهذا أمر فيه خلط كبير بين الحرية وتزوير التاريخ وأصل الشعوب وتزوير الوثائق التاريخية . وبالطبع يصبح صاحب المال والسلاح والمتمكن من صناعة كل القوانين أكبر المتخصصين في نصب المشانق لمن خالفوه الرأي أو ضحضوا بالدليل زيف اطروحته . ولهذا تم الزواج منذ عقود بين المال والسياسة والإعلام وأشكال التعبير الثقافي ليفرز منتوجا أو لنقل سلاحا فتاكا ضد كل حقيقة مؤكدة تاريخية. والأمر يتطلب تسخير الإعلام والسينما والمجلات والكتب.

قال الشاعر الحكيم شوقي بك، “ومن العلم ما قتل” . أوصل علم اللوبي الصهيوني العالم إلى العبث. لعبته الخطيرة لا تنحصر في الشرق الأوسط ولا في غزة والقطاع. لهذا بدأت الولايات المتحدة ودول الغرب الأوروبي تستشعر خطر التأثير السلبي لمواقفها على اقتصادها وأمنها ومستقبل علاقاتها مع محيطها المباشر والواسع. مسيرات الشعوب بسبب جرائم ضد الإنسانية في غزة منقولة إلى العالم بطريقة مباشرة. الأطفال الفلسطينيون يموتون والرأي العام العالمي يتابع موتهم وجروحهم وقتل أمهاتهم وتدمير بيوتهم على المباشر. تكنولوجيا الغرب تعري الغرب وتفضح الكذب الشخصي والمؤسساتي.

و ماذا عن بلادنا… حل بين ظهرانينا كائن غريب يمثل كيانا يقتل إخواننا في فلسطين. قال أنه يريد السلام وأن كثيرا من أبناء وطنه يحبون المغرب. قال أنه يريد دعم وحدة تراب بلدنا وخلق جسور مع ماضيه. ولكن هذا الماضي دمرته الوكالة الصهيونية التي ضغطت بكل عنف للتفريق بين شعب المغرب ومكون أساسي من مكوناته. ورغم جمال الوعود وكثرة التعبيرات الفنية التي تجمع بين المسلمين المغاربة واليهود الإسرائيلين، يظل سؤال الولاء مطروحا بحدة. أعتبر الفلسطيني أخي الذي لا يمكن أن يقتله يهودي ذو أصل مغربي. وهذا الأخير إختار أن يهرب من بلده وأن يصبح صهيونيا. كثير من اليهود المغاربة ابتعدوا عن الصراع قبل وبعد 1967. كثيرا منهم ظلوا أوفياء لرابط الأرض التي سكنوها قبل قرون كثيرة. لكل هذا يظل المغرب منفتحا على كل أبناءه مهما كانت دياناتهم ولكن بشرط واحد هو الولاء للوطن.

موقف المغرب واضح وملك البلاد الذي هو رئيس لجنة القدس أكد يوم السبت 11 نونبر في المملكة العربية السعودية خلال القمة الاستثنائية العربية الإسلامية على أن هذه القمة ” تنعقد في سياق مشحون بالتوتر واستمرار المواجهات المسلحة التي يعرفها قطاع غزة، وما تخلفه من الالاف القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، ومن تخريب ودمار وحصار شامل، في خرق سافر للقوانين الدولية وللقيم الإنسانية “… ولا زالت المدافع والصواريخ الإسرائيلية تستهدف الدنيين العزل، من أطفال ونساء وشيوخ، ولم تترك دار عبادة أو مستشفى أو مخيما إلا ودمرته كليا أو جزئيا ” . وأكد عاهل البلاد على وجوب عدم ترك المجال للمزايدات الفارغة والاجندات الضيقة. والبديل هو إعطاء معنى حقيقي لحل الدولتين. وهذا المعنى هو الذي ترفضه إسرائيل وتقتله يوميا عبر خنق الضفة والقطاع بالمستوطنات وبحواجز التفتيش وبالقمع اليومي وبالعنصرية. منذ أكثر من عقدين تم اغتيال مسلسل أوسلو. قتلوا رابين وعرفات وزاد طاغوت اليمين ونتانياهو وظن الطغاة أنهم إلى النعيم ماضون.

مهما قتلوا ومهما كان حجم الدمار، فالجريمة ضد الإنسانية ثابت في حق حكومة نتانياهو وكل المؤسسات السياسية والعسكرية التي ترتكب أبشع المجازر. لستم شعب المختار لأن الله خالق الأكوان لا يختار المجرمين. ألله الكريم الرحمان الرحيم الرؤوف لا يتحالف مع من يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ. ماذا تمثلون أيها الصهاينة من قيم إنسانية، لا شيئا سوى الكراهية. أتذكر معاناة سبينوزا، وأتذكر أنه ابتعد عن بشاعة فكركم لكي يبدع الفلسفة الفرحة المرحة الخلاقة والمتسامحة. رفعتم شعار ابراهام أو أبرم أو إبراهيم من أجل سلام ولكن السلام لا يبنى على النيات السيئة. هنيئا للإنسانية باطلاعها على حقيقة الصهيونية العنصرية.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي