انتقد المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الخطاب التمييزي والتحريضي لعدد من المسؤولين الفرنسيين إزاء ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة من قصف متواصل منذ أسابيع، مما أودى بحياة أكثر من 8500 ضحية وآلاف الجرحى المدنيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء.
وقال المجلس “هؤلاء السكان يعانون معاناة رهيبة على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، العاجز إلى الآن عن فرض وقف إطلاق النار أو حماية المدنيين العزل. وبالموازاة مع ذلك ترتكب العديد من الانتهاكات ضد الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية على أيدي المستوطنين المتطرفين.
وأعرب المجلس عن أسفه واستغرابه لتجرئ بعض المتحدثين من مختلف المشارب في وسائل الإعلام الفرنسية على التمييز بين الضحايا المدنيين. كما أكد أن هذا الخطاب يعيد إلى الذاكرة ممارسات سابقة استخدمت في سياقات مظلمة من تاريخ البشرية.
وشدد المجلس على أن “هذه الفكرة المنبوذة، التي يحاول مروّجوها تبرير الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في غزة ومن ضمنهم الأطفال، تتعارض مطلقا مع جميع المبادئ والقيم التي يقوم عليها الميثاق المؤسس للجمهورية الفرنسية، والذي يتضمن من بين ما يتضمنه المساواة في الكرامة بين جميع الناس”.
كما استنكر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بشدة قيام أحد أعضاء مجلس الدولة بالإعلان على قناة سي-نيوز Cnews أن “المسلمين، الذين يعمل الكثير منهم في اوراش البناء، لديهم إمكانية الوصول إلى المتفجرات، ويمكنهم الحصول على الأسلحة النارية. وإذا صدر أمر بقتل اليهود، فمن الممكن أن تكون هناك هجمات كل يوم.”
وأضاف المجلس “من خلال هذا التصريح الخطير، يتهم هذا المسؤول في مجلس الدولة، بشكل جزافي وجماعي ودون دليل كل المواطنين الفرنسيبن النزهاء من معتنقي الديانة الإسلامية، ويجعل منهم إرهابيين محتملين ينتظرون فقط صدور الأمر لينفذوا أعمالا إرهابية. إن هذه التصريحات الصادمة وغير المسؤولة والمخالفة للقانون لا يمكن إلا أن تحرض على التمييز والكراهية ضد المواطنين الفرنسيين ذوي الديانة الاسلامية، مما يهدد سلامتهم ويدفع إلى مزيد من الاحتقان والانقسام داخل مجتمعنا”.
كما وقف المجلس عند قرارا مفوضية الشرطة في باريس حظر المظاهرات المتضامنة مع الفلسطينيين بدعوى “المعيار غير الملموس والأخلاقي”، مع إقرارها بأن الأمر لا يتعلق بالحفاظ على النظام العام.
وقال المجلس “لذا اصبح مشروعا أن نسائل قراراتها السابقة التي سمحت بموجبها بتنظيم مظاهرات للجماعات اليمينية المتطرفة التي تروج للكراهية. وكانت مفوضية الشرطة قد بررت الترخيص آنذاك بحجة عدم قدرتها على إثبات وجود خطر كبير يهدد النظام العام”.
وبعيدا عن التشكيك في السلطة التقديرية لمفوضية الشرطة للوضع الحالي، قال المجلس أنه من الصعب علينا كمواطنين فرنسيين أن نتفهم هذه القرارات التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الشعور بازدواجية المعايير وما يترتب عنها من نتائج.
وأمام هذا الوضع، دعا المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية كل القوى الحية في فرنسا إلى مواصلة دفاعها عن مبادئ وقيم الجمهورية، ومواصلة التعبئة من أجل وقف فوري لإطلاق النار في غزة ووضع حد للمجازر التي ترتكب في حق المدنيين الأبرياء، كما يدعو المجلس إلى الحوار بين الأطراف المعنية من أجل سلام عادل ودائم على أساس حل الدولتين الذي يضمن للجميع التعايش جنبا إلى جنب في سلم وأمان.
تعليقات ( 0 )