حسمت وثيقة ضمن تصميم تهيئة الرباط الروايات المرتبطة بهدم وشيك لمئات المباني بعدد من أحياء مقاطعة اليوسفية ويتعلق الأمر بأحياء الفرح وأبي رقراق و الانبعاث الرشاد.
وكشفت الوثيقة التي يتوفر ميديا90 على نسخة منها أن القرار النهائي بشأن هذه الأحياء لم يتخذ بعد في انتظار إنجازات الدراسات التي ستمهد للتدخل العام بالمنطقة بعد الوقوف على عدد من الاختلالات.
وصنفت الأحياء ضمن المنطقة التدخل العام التي تستوجب معالجة شاملة لتوفير عدد من الشروط.
وقالت ذات الوثيقة أن الأحياء الثلاثة تقع جميعها في دائرة اليوسفية وتضم مساكن مبنية على منحدرات شديدة الانحدار في بعض الأحيان ،و بكثافة عالية بشكل خاص وظروف معيشية أقل من العتبات المسموح بها من حيث النظافة والسلامة والراحة والمعدات.
كمت نبهت لكون الإنشاءات التي تضم في بعض الأحيان 4 أو 5 طوابق تشكل مستويات مخاطر هائلة مرتبطة بعدة عوامل، منها غياب أو عدم كفاية الأساسات، مما يؤدي إلى مخاطر الانهيارات الأرضية على الأراضي المنحدرة؛ فضلا عن كون الشبكات غير المستقرة (الصرف الصحي والكهرباء ومياه الشرب).
كما وقفت ذات الوثيقة عند الافتقار إلى البنية التحتية للطرق باستثناء الضواحي؛ مع إمكانية وصول محدودة للغاية، خاصة بالنسبة لمعدات السلامة.
وشددت الوثيقة ذاتها على أن هذا الوضع يبرر تدخل الدولة القوي الذي يجعل من الممكن الاستجابة لقضايا السلامة ونوعية الحياة مع احترام مصالح السكان.
وقالت أنه نظراً للتعقيد الشديد للمشكلة، لن يتم فرض أي قاعدة مسبقة على المشغل العام الذي سيتم تعيينه داخل هذه المنطقة، لكنها أوصت بحضر شامل لعمليات البناء في انتظار الانتهاء من الدراسات التي سيتم على أساسها معالجة ملف الأحياء الثلاثة.
مشروع قديم
وكانت عدد من الروايات قد تحدثت عن إطلاق وشيك لأكبر عملية لإعادة الإسكان، ستهم آلاف الأسر بالمعاضيد ودوار الدوم ودوار الحاجة، وهي الأحياء التي سبق لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أن شبهها ب”القنبلة الموقوتة” حين توليه لمنصب والي الرباط.
وفي الوقت الذي لم تبادر فيه العمدة أسماء اغلالو للتواصل مع الساكنة لنفي عملية الترحيل أو كشف المعنيين بها ، قال مسؤول جماعي رفض الكشف عن إسمه في تصريح لميديا90 أن ما يروج حاليا ليس مؤكدا، ، وأضاف بأن الحديث عن الترحيل يطفو في كل مرة دون تفعيل باعتبار أن المشروع تم طرحه قبل سنوات، مشيرا إلى أن المجلس الجماعي لا يملك معطيات موثوقة في هذا الشأن.
مشروع الهيكلة ليس جديدا بل تم الكشف عن بعض تفاصيله في سنة 2016 خلال اجتماع لمجلس عمالة العاصمة الذي كان يرأسه سعد بنمبارك زوج عمدة الرباط، وهو المشروع الذي ستتولاه شركة تهيئة الرباط بغلاف مالي لم يعلن عنه، وسيهم في مرحلة أولى 6000 أسرة سيتم ترحيلها إلى جماعة عين عودة البعيدة عن الرباط بحوالي 27 كليو متر لإعادة إسكانها.
وسيتم في المرحلة الموالية الانتقال لإعادة الهيكلة، علما أن ساكنة الأحياء الثلاثة تفوق 120 ألف نسمة، أي ما يعادل 30 ألف أسرة تتكدس في أزقة جد ضيقة لا تتجاوز المتر، وفي بنايات عشوائية مكونة أحيانا من خمس طوابق بعضها مهدد بالانهيار.
وكان ممثل عن الشركة قد أعلن خلال ذات الاجتماع أن هذا المشروع قيد الدارسة من أجل إيجاد حل جزئي لهذه “الغيتوهات”.
ونبتت هذه الأحياء في وقت سابق بمباركة من السلطة فوق أراض غير قابلة للبناء، ما مكن عددا من المسؤولين المتورطين من مراكمة ثروات ضخمة خلال العقود الماضية بعد ترحيل قاطني دور الصفيح من عدة نقط بما فيها حي اكدال حاليا، واستقبال موجات هجرة تم توطينها في تجمعات عشوائية شوهت صورة العاصمة الرباط بفعل كثافتها السكانية العالية، واحتضانها لساكنة تعاني من هشاشة وتهميش كبيرين، وهو ما يفسر ارتفاع معدلات الجريمة والبطالة.
تشخيص لفتيت
وسبق لمستشار من المعارضة أن انتقد إهدار المال العام على إجراء دارسات جديدة للمشروع في ظل وجود دارسات لمشاريع أجهضت قبل الشروع فيها، وأضاف بأن التعاطي مع مشكل هذه الأحياء لا يجب أن يتم وفق منطق الترحيل كما يحدث بالنسبة لقاطني دور الصفيح بالنظر لخصوصية المنطقة وطبيعة ساكنتها وهو ما يفرض حسب قوله التفكير في إعادة إسكانهم.
وكان لفتيت قد حذر في سنة 2014 خلال اجتماع سابق للوكالة الحضرية من إمكانية حدوث كارثة إنسانية خطيرة بهاته الأحياء، ونبه إلى أن تساقطات مطرية قوية، قادرة على إحداث كارثة بالمنطقة التي تضم آلاف المنازل العشوائية التي بنيت على منحدرات ترابية هشة بضواحي العاصمة، وقال أن الأمر لا يحتاج إلى زلزال أو هزة أرضية خفيفة.
تعليقات ( 0 )