اتهم الرئيس التونسي قيس سعيد الدول الغربية بالتسبب في الحروب والأوبئة في القارة الإفريقية، مطالباً بنظام عالمي جديد مبني على الندية والمساواة بين الشمال والجنوب، في وقت عبرت فيه الأمم المتحدة عن قلقها من تزايد وتيرة “قمع” الحريات في تونس.
وقال سعيد، على هامش مشاركته في قمة باريس لميثاق مالي عالمي جديد: “لا مجال مستقبلاً لعلاقات تبنى على مبدأ الكبير والصغير والقوي والضعيف ووفق القواعد التي تم وضعها عقب الحرب العالمية الثانية، ولا يمكننا الذهاب إلى عالم أفضل بهذه الطريقة. ونحن لسنا صغاراً”.
وأضاف سعيّد: “كنا تحت الاستعمار ولم نشارك في وضع هذه القواعد. هل يمكننا أن نبني مستقبلاً لشعوبنا وللإنسانية بناء على تصور بائد ولم يعد صالحاً للاستعمال؟”.
واستدرك بقوله: “أعتقد أنه يجب أن نفكر بطريقة مختلفة تماماً عن التفكير الذي كان سائداً منذ سنوات ولم يؤدِّ إلا إلى تعميق التفاوت بين الجزء الشمالي من الكرة الأرضية والجنوب الذي لا يزال يعاني بعد أكثر من 7 عقود من الفقر والبؤس والحرمان”.
كما تساءل بقوله: “لماذا في قارتنا الإفريقية أمل الحياة لا يزيد في بعض الدول عن 40 سنة؟ لماذا يموت الأطفال من الجوع ومن الحروب التي يتم إشعال نيرانها ويكون ضحاياها من البائسين والفقراء الذين لا يجدون الماء الذي يمكن أن يطفئ عطشهم؟”.
وتابع بقوله: “من الذي يتحمل مسؤولية الاحتباس الحراري؟ هل نحن من تسببنا في انحباس الأمطار؟ (في اتهام غير مباشر للغرب)، ومن المتسبب في الجوع والجوائح التي راح ضحيتها الملايين من الأبرياء؟ وأنتم تعلمون على ماذا حصل الأفارقة وعلى ماذا حصل الجزء الآخر من العالم”.
كما أشار إلى أن القروض التي منحت لكثير من الدول لم تذهب إلى الشعوب بل نهبتها الأنظمة الدكتاتورية، وتوجد في المصارف في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، متسائلاً: “لماذا لا تعود هذه الأموال إلى شعوبنا”، في إشارة إلى عدم تعاون الدول الأوروبية مع تونس في ملف الأموال التي نهبها خلال حكم زين العابدين بن علي.
وأكد سعيد خلال لقائه كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أن الشروط التي وضعها الصندوق لتقديم الدعم المالي لتونس غير مقبولة لأنها “ستمس بالسلم الأهلية التي ليس لها ثمن”، وفق الرئاسة التونسية.
وذكّر بأحداث انتفاضة الخبز في ثمانينيات القرن الماضي “حين سقط مئات الشهداء بعد الإعلان عن رفع الدعم عن الحبوب ومشتقاتها”، مؤكداً أنه “لن يقبل بأن تسيل قطرة دم واحدة. ومن يتحدث عن قاعدة معطيات لا يعرف الواقع التونسي”.
وأعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، عن “قلقه العميق” إزاء تواصل قمع الحريات في تونس.
وقال، في بيان الجمعة: “من المقلق أن نرى تونس، البلد الذي كان يحمل الكثير من الأمل، يتراجع ويتخلى عن مكتسباته في مجال حقوق الإنسان خلال العقد الماضي”.
وأضاف: “حملة القمع تمتد وأصبحت تستهدف الآن الصحافيين المستقلين الذين يتعرضون بشكل متزايد للمضايقات ويمنعون من تأدية عملهم. وأدعو تونس إلى تغيير مسارها”.
ومنذ يوليوز 2021، وثّق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تونس 21 حالة انتهاك مفترضة لحقوق الإنسان ضد صحافيين، بما فيها ملاحقات قضائية في محاكم مدنية وعسكرية. ولفت البيان إلى أن “هناك سبباً للاعتقاد بأن هذه الإجراءات بدأت لمواجهة الانتقادات العلنية لرئيس الجمهورية أو للسلطات”.
وأضاف تورك: “إسكات أصوات صحافيين، في جهد متضافر، يقوض الدور الحيوي لوسائل الإعلام المستقلة، مع تأثير مدمر على المجتمع برمّته”.