لالة العروسة و العداوة مع “الكتاب”

الأرقام والمعطيات الصادمة التي تكشف حجم العداوة التي تجمع المغاربة بالقراءة لازالت تتفاقم سنة بعد سنة.

أمر يبقى طبيعيا في بلد مدرسته العمومية تصنع الانحطاط حسب وزير التربية الوطنية السابق.

كما أنه وضع أكثر من متوقع في ظل حكومات تنشغل حد الهوس بالدقيق والزيت والسكر والغاز، وتلغي تماما أهمية خلق مجتمع يؤمن ب”فعل” القراءة،ودور المعرفة.

قد تختفي الحكومة وراء الميزانية المرصودة لبعض الإصدارات وللمعرض الدولي للكتاب، والذي يبقى مجرد “موسم” المراد منه رفع الحرج، أما الواقع فتشهد على بؤسه أرقام المبيعات وطبيعتها.

هذا الواقع يكشف أن العطب في علاقة المغاربة مع القراءة قديم، ويكرسه بالأساس نظامنا التعليمي.

نظام يجتهد بفعل آلية الحفظ في إحداث قطيعة لاحقة مع كل ما له علاقة بالمعرفة أو القراءة، في ظل غياب أي تدابير حكومية لإحداث مصالحة بين المواطن والكتاب.

اليوم يبدو الجميع مستسلما لهدا الوضع الذي يلخص فشلنا الكبير، والفادح، في خلق مجتمع يؤمن بأهمية المعرفة.

مجتمع يغرق في المقابل في  دفق التفاهة، و”التسيطح”،من خلال الاعتماد على وسائط  أخرى لتلقي جرعات مفرطة من المعلومات والمعطيات المضللة، والفضائحية،التي خلقت حالة هوس جماعي بما تصبه الهواتف النقالة من “لايفات”،و “كلاشات، و من “محاكمات” فايسبوكية .

التحريض على القراءة هو بالتأكيد مسؤولية تقع على عاتق الدولة.

لكنه أيضا جزء من التربية التي فرطت فيها الكثير من الأسر.

الإعلام يتحمل بدوره جزءا  مهما من المسؤولية، بعد أن أصبح الرهان على برامج “التكليخ” بارزا ومهينا ومتعمدا، عوض إفساح المجالس للنقاش العمومي  الهادف الذي يخلق  مواطنا فاعلا ومتفاعلا ومشاركا.

لا خير في  مجتمع لا يقرأ، وهذا الخير لن نطاله حتما مادامت مدارسنا بل وجامعاتنا بدون مكتبات، ومادام حكوماتنا تتعامل مع القراءة كترف.

مصطفى الحجري

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي