خبير مغربي في القانون الدولي يدعو لإخضاع المنظمات الدولية للمساءلة القضائية

“الحق في مقاضاة المنظمات الدولية بين-الحكومية: سؤال الترابية بين القانون الدولي العام والقانون الدولي لحقوق الإنسان” هو عنوان دراسة علمية جديدة للدكتور هشام برجاوي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط.

وتناقش الدراسة المنشورة في العدد 27 من مجلة “مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية” واحدة من الاشكالات الشائكة في القانون الدولي، و تهم المسؤولية القانونية للمنظمات الدولية بين-الحكومية باعتبارها أحد الفاعلين الأساسيين والبارزين في العلاقات الدولية.

ونبهت الدراسة أن تمتيع المنظمات الدولية بين الحكومية بحصانة قضائية مطلقة يعيق اخضاعها للمساءلة، رغم أنها تحصل على موارد مالية ضخمة وتساهم في العديد من البرامج والمشاريع الموجهة إلى تنمية التعاون بين الحكومات وتدعيم السلم الدولي.

ونوهت الدراسة إلى أن تمتيع المنظمات الدولية بين الحكومية بحصانة قضائية مطلقة يضعف حقوق شركائها القانونيين غير المتوفرين على الشخصية القانونية الدولية وخاصة الأفراد والمقاولات الذين تلجأ إليهم المنظمات المذكورة للحصول على أعمال خبرة أو إبرام صفقات أشغال أو توريدات أو خدمات.

وأشار  الأستاذ الجامعي أن المنظمات الدولية بين-الحكومية تحظى بمعاملة تفضيلية على صعيد القانون الدولي وكذا داخل الأنظمة القانونية الوطنية حيث لا يمكن مساءلتها قضائيا، وهو ما يفضي، معتبرا أن ذلك يضعها فوق القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة الحق في التقاضي.

ولاحظ الدكتور برجاوي في دراسته أن القضاء الوطني يمتنع عن إخضاع المنظمات المعنية لرقابته مانحا إياها حصانة قضائية مطلقة على حساب الحق في التقاضي المنصوص عليه في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو نفس التوجه الذي اعتمده قضاء حقوق الإنسان في الأنساق القانونية المتوفرة على هذا الصنف من الأجهزة القضائية.

مقابل ذلك، أشار برجاوي أن القاضي الدولي يمتنع عن إخضاع المنظمات المذكورة لرقابته نظرا لأنها لا تتوفر على صفة “دولة”، وهو العائق الشكلي الذي ينبغي تجاوزه ضمانا لفعلية القانون الدولي.

وخلص الأستاذ الجامعي إلى أن الأموال الضخمة التي تتلقاها المنظمات الدولية بين-الحكومية من الدول-الأعضاء وكذا تطور مهامها التنموية وكذا تلك المرتبطة بإنتاج قواعد القانون الدولي، تتطلب إعادة تعريف للحصانة القضائية الممنوحة لها من خلال إخضاعها لآلية التمييز بين أعمال السيادة وأعمال التدبير حيث تستثنى الطائفة الأخيرة من الحصانة القضائية وذلك لحماية المصالح المشروعة للفئات التي لا تتوفر على الشخصية القانونية الدولية وخاصة الأفراد والمقاولات.

وشدد  برجاوي على ضرورة اعتماد المجتمع الدولي  معاهدة دولية جديدة تحدد مدى الحصانة القضائية الممنوحة للمنظمات الدولية بين-الحكومية وتبين شروط وحالات عدم تفعيلها خاصة بعد تنامي التقارير والدراسات التي رصدت العديد من مظاهر الخلل في تدبير المنظمات المذكورة لمواردها المالية والبشرية واللوجستيكية.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي