في محاولة لاحتواء الغش والتعلاعب الذي يطال الصفقات العمومية صدر في الجريدة الرسمية عدد 7176 مرسوم رقم 2.22.431 يتعلق بالصفقات العمومية، متضمنا عددا من المقتضيات الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ .
ويحدد المرسوم الشروط والأشكال التي تبرم وفقها صفقات الأشغال والتوريدات والخدمات لحساب الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والأشخاص الاعتبارية الأخرى الخاضعة للقانون العام الملزمة، بموجب التشريع والتنظيم الجاري به العمل، بتطبيق النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية.
كما يحدد أيضا بعض القواعد المتعلقة بتدبير الصفقات العمومية ومراقبتها، حيث نص في المادة الخامسة منهّ، على أنه “يتعين على صاحب المشروع، قبل أي دعوة إلى المنافسة أو إجراء أي مفاوضة، أن يحدد، بكل ما يمكن من الدقة، الحاجات المراد تلبيتها، والمواصفات التقنية ومحتوى الأعمال المزمع تنفيذها، وأن يحرص، عندما يستلزم إبرام الصفقة ذلك، على الحصول على التراخيص وعلى القيام بالإجراءات المطلوبة بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل”.
المرسوم تضمن إجراءات جزائية صارمة لمنع الغش في الصفقات العمومية، متوعدا كل متنافس أو نائل صفقة أو صاحب صفقة، قدم تصريحا بالشرف يتضمن معلومات غير صحيحة أو وثائق مزورة أو ثبت في حقه ارتكاب أعمال غش أو رشوة أو مخالفات متكررة لشروط العمل أو اخلالات خطيرة بالالتزامات التعاقدية الموقعة، بعقوبات قد تصل إلى الإقصاء النهائي من المشاركة في الصفقات المعلن عنها، فضلا عن المتابعة القضائية، عند الاقتضاء.
وتابع المرسوم وهو يوضح نوعية هذه العقوبات، بحسب القطاعات الحكومية المعنية، بأن المتنافسين المتورطين في المخالفات تنتظرهم عقوبة الإقصاء المؤقت أو النهائي من المشاركة في الصفقات المعلن عنها من لدن المصالح الخاضعة للسلطة الحكومية المعنية بالصفقة، أو في الصفقات المعلن عنها من لدن المؤسسة أو المؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية هذه السلطة، بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية.
ويسمح المرسوم بتمديد إجراء ھذا الإقصاء إلى صفقات الدولة وصفقات المؤسسات العمومية والأشخاص الاعتبارية الأخرى الخاضعة للقانون العام، بمقرر لرئيس الحكومة، باقتراح من الوزير المكلف بالداخلية، وذلك بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية.
ويلزم المرسوم قبل إقرار العقوبة بتبليغ المتنافس أو نائل صفقة أو صاحب الصفقة، بالمؤاخذات المنسوبة إليه مع دعوته للإدلاء بملاحظاته داخل أجل يحدده له صاحب المشروع، على ألا يقل هذا الأجل، بأي حال من الأحوال، عن 15 يوما.
وفيما يتعلق بصفقات الأشغال، يشير الإصلاح الجديدة إلى أن صاحب المشروع، مطالب قبل الشروع في مسطرة إبرام الصفقة، بـ”التأكد، عند الاقتضاء، من تصفية الوعاء العقاري المزمع إنجاز المشروع عليه، ما عدا في حالة الحصول على ترخيص من رئيس الحكومة”.
كما يتحدث المرسوم عن مساطر جديدة لإبرام الصفقات العمومية من قبيل “الحوار التنافسي”، و”العرض التلقائي”. إذ يقصد بالأولى المسطرة التي يقوم بموجبها صاحب المشروع بإجراء حوار مع المترشحين المقبولين للمشاركة فيه من أجل تحديد أو تطوير حلول من شأنها تلبية حاجاته.
وينصب الحوار التنافسين، يضيف المرسوم، على مشاريع تكتسي طابعا معقدا أو مشاريع مبتكرة لا يستطيع صاحب المشروع، بوسائله الخاصة، تحديد الشروط التقنية لإنجازها، والتركيبة القانونية والمالية المتعلقة بها.
ويحذر المرسوم صاحب المشروع من تقديم أي معلومات للمترشحين “من شأنها أن تمنحهم أفضلية تنافسية على غيرهم، كما يمنعه من أن يكشف للمترشحين الآخرين عن الحلول المقترحة أو عن معلومات سرية مقدمة من لدن أحد المترشحين في إطار الحوار التنافسي دون الحصول على موافقة صريحة من هذا الأخير.
في المقابل، يجيز المرسوم لصاحب المشروع أن يطلب توضيحات أو تفاصيل تتعلق بالحلول المقترحة من لدن المترشحين دون أن تترتب على هذه التوضيحات أو التفاصيل تغيير العناصر الأساسية للعرض أو الخصائص الرئيسية لدفتر الشروط الخاصة.
أما بالنسبة للمسطرة الثانية المتعلقة بـ”العرض التلقائي”، فقد تم التنصيص على منح المقاول أو المورد أو الخدماتي امكانية اقتراح على صاحب المشروع كل “مشروع أو فكرة أو عملية تقدم وظائف جديدة أو خدمات جديدة أو ابتكارات تقنية تستجيب لحاجة محتملة لم يتم تحديدها مسبقا من لدن صاحب المشروع”.
وتابع المرسوم في المادة 13 منه أنه “لا يمكن لصاحب المشروع اللجوء إلى مسطرة التفاوض قصد التعاقد مع صاحب العرض التلقائي، إلا إذا تبين أن العرض التلقائي يستند إلى تكنولوجيا خاصة لا يملكها ولا يتقنها إلا صاحب العرض التلقائي، ولا يوجد أي بديل آخر لتلبية حاجات صاحب المشروع”.
ويفتح المرسوم أمام صاحب العرض التلقائي باب المشاركة في مسطرة طلب العروض التي يتم الإعلان عنها، على غرار المتنافسين الآخرين.
مستجد آخر يحمله المرسوم يتمثل في استفادة صاحب العرض التلقائي من هامش للأفضلية يتخذ شكل زيادة تتراوح بين 5 في المائة و10 في المائة من التنقيط الإجمالي للعرض.
وبخصوص أثمان الصفقات، ينص المرسوم على أنه ” يمكن أن تكون الصفقة بثمن إجمالي أو بأثمان أحادية أو بأثمان مركبة أو بأثمان بنسبة مائوية”.
ويحدد المرسوم سقف صفقات الأشغال في 10 ملايين درهم، و1.5 مليون درهم بالنسبة لصفقات التوريدات والخدمات، كما نص على “توسيع مجال تطبيق آلية الأفضلية الوطنية ليشمل كذلك صفقات التوريدات والخدمات والدراسات”، بعدما كانت مقتصرة فقط على صفقات الأشغال والدراسات المرتبطة بها.
تعليقات ( 0 )