أثارت سلسلة اعتقالات لسياسيين تونسيين ورجل أعمال بارز جدلاً واسعاً في البلاد، حيث وجهت السلطات للمعتقلين تهماً تتعلق بالتآمر على أمن الدولة والتحضر لانقلاب على الرئيس قيس سعيد، فيما اتهمت المعارضة، سعيد، بترهيب خصومه السياسيين.
وأوقفت السلطات التونسية، السبت، الناشط السياسي والقيادي السابق في حركة النهضة، عبد الحميد الجلاصي، فضلاً عن الناشط السياسي المقرب من الحركة، خيام التركي، ورجل الأعمال المثير للجدل، كمال اللطيّف، كما شملت سلسلة الإيقافات قيادات أمنية ودبلوماسية سابقة.
وتم توجيه تهمة «التآمر على أمن الدولة» للمعتقلين، حيث استضاف التركي اجتماعاً لعدد من قادة المعارضة لمناقشة «التحضير لبديل لقيس سعيد»، وفق بعض المصادر.
وأصدرت هيئة الدفاع عن التركي بياناً أكدت فيه «اقتحام عناصر أمن بالزي المدني، فجر السبت، منزل خيام التركي بعد تسور سياج منزله، واقتياده إلى جهة مجهولة، وقد اتصلت هيئة الدفاع بالنيابة العمومية بمحكمة تونس فنفت أي علم لها بالموضوع».
وحملت الهيئة «المسوولية كاملة عن صحة وحياة خيام التركي» لـ»جهاز الحكم الحالي بجميع أطرافه المتورطة وتعتبر ما حدث اختطافاً وإخفاء قسرياً».
وأصدرت 25 جمعية وشخصية سياسية وحقوقية بياناً نددت فيه باعتقال التركي، معبرة عن رفضها «أساليب الترهيب البالية وتطويع القضاء وأجهزة الدولة التي تنتهجها السّلطة وأعوانها».
كما طالبت بالكشف عن مكان احتجاز التركي وتمكين عائلته ومحاميه من زيارته وإطلاق سراحه فوراً، مشيرة إلى أن «هذه الممارسات تكشف مرة أخرى عزلة النظام القائم وتفاقم أساليبه القمعية وهو ما يقتضي من القوى الديمقراطية والتقدمية التصدي لها قبل استفحالها وفرض صمت القبور على المجتمع».
وقالت هيئة الدّفاع عن الكاتب الجلاصي إن عمليّة اعتقاله «صاحبتها انتهاكات عديدة من بينها اقتحام منزله دون توجيه أيّ استدعاء سابق ودون تبيين أيّ سبب للمداهمة، فضلاً عن الحجز التّعسّفيّ لحاسوب زوجته المتضمّن لمعطيات عملها وأبحاثها ونصّ أطروحتها الجامعيّة»، مشيرة إلى أنه «لا يزال محتجزاً خارج إطار القانون اعتباراً لعدم تمكين هيئة دفاعه من التّواصل معه ضماناً لحقوقه المكفولة بقانون 16 فبراير 2016».
كما عبرت عن رفضها «تواصل هذه الممارسات المتنطّعة والمخالفة لأحكام القانون والمواثيق الدّوليّة ولدستور 27 يناير 2014 فإنّها تعلن تجنّدها لمواجهة كلّ الانتهاكات الرّامية لتوظيف القضاء في حملات ترهيب لمعارضي منظومة الانقلاب بتلفيق القضايا والملفّات وكيل الاتّهامات عبر وسائل الإعلام قبل سماع المتّهمين واطّلاع المحامين على التّهم ومؤيّداتها المزعوم».
واستنكرت حركة النهضة «سلسلة المداهمات والاعتقالات العشوائية للمعارضين السياسيين لنظام قيس سعيد الانقلابي والتي طالت الناشط السياسي المعارض للانقلاب، عبد الحميد الجلاصي، الذي تمت مداهمة منزله وتفتيشه ومن ثم اقتياده لجهة مجهولة إلى حد الآن».
كما نددت حركة النهضة بـ«جريمة اختطاف الناشط السياسي خيام التركي في مخالفة صريحة للإجراءات القانونية المعمول بها»، معتبرة أن «ما حصل لا يمثل سوى عملية ترهيب ممنهجة له ولكل المعارضين لقيس سعيد وسلطته الانقلابية، ونطالب بإطلاق سراح السيد خيام التركي فوراً».
واعتبرت، في بيان على موقع فيسبوك، أن «سلطة الانقلاب تحاول يائسة الخروج من مأزقها الخانق وعجزها الفاضح في تسيير أبسط مرافق الدولة والشعب عبر التفصي من مسؤولياتها باستهداف النشطاء السياسيين المعارضين لها عبر الاختطافات والإخفاء القسري وتلفيق القضايا والإيهام بارتكاب جرائم إرهابية ضد أمن الدولة والتآمر مع الخارج وتسليط أشد الضغوطات على القضاة لتطويعهم في خدمة أجندة الانقلاب وهو ما صرح به قيس سعيد بوضوح في لقائه بالقائمة بأعمال وزارة العدل».
وكشفت وسائل إعلام محلية عن قيام قوات الأمن بإيقاف رجل الأعمال المثير للجدل، كمال اللطيف، والتحقيق معه بتهمة مشابهة تتعلق بـ»التآمر على أمن الدولة»، حيث ربط البعض بين عمليتي اعتقال التركي ولطيف.
وعلق الناشط السياسي حمّادي الغربي بالقول: «فرنسا تخلت عن قيس سعيد، وقيس سعيد يعتقل رجال فرنسا كي يقوم بالضغط على فرنسا للوقوف معه إلى آخر رمق، ولأنه يخاف من انقلاب رجال فرنسا عليه، اعتقل كمال اللطيف».
وكتب عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد: «غياب تام للمعلومة الرسمية الحكومية والوزارية الأمنية والقضائية، وصمت قبور القصور في قرطاج والقصبة والبناية الرمادية وباب البنات وفي مواقعها الرسمية لوزارات الضبط الإداري والأمني والعدلي للتدابير الاستثنائية للداخلية وللعدل، وانتشار للمنجمين من جماعة «المصادر المطلعة» ذاتية التعيين وفوضوية «الانتصاب الفوضوي» و»مشبوهة الأدوار».
في حين ترتع «الجهات المخولة» مجهولة الهوية والصفة وغير القانونية، وتهاجم المنازل، وتقتاد من تعتقد أنها تشتبه فيه دون أذون قضائية إلى «وجهات غير معلومة»، ودون السماح لمحاميهم بمرافقتهم في ساعات استيقافهم الأولى ولا معرفة أماكن تواجدهم، في خرق سافر وصارخ للقانون ولدولة القانون.. المحاسبة نعم، ولكن في كنف الانضباط للقانون ولمسطرة الإجراءات والتراتيب الجاري بها العمل واحترام المعايير الدولية للمحاكمة العادلة».