بعد الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي في كأس العالم بقطر كان من الطبيعي أن ترتفع أسهم المغرب في كل بقاع العالم، وقلنا حينها أن إنجاز الأسود يستلزم عملا دؤوبا من أجل مستقبل أفضل، رياضيا وعلى جميع المستويات الأخرى، تماشيا مع إشعاع المغرب الدولي .
جامعة لقجع، للحقيقة والتاريخ، لا أحد ينكر قيمة الخدمات التي قدمتها لكرة القدم المغربية وآخرها هذا الموندياليتو الرائع الذي ننظمه للمرة الثالثة على أرضنا الجميلة نتيجة كل الصيت الذي أصبح لنا في عالم كرة القدم، فنحن لم نعد صغارا، فقد قارعنا الكبار و كنا رابعهم في آخر مونديال عالمي ، واحتفينا بهذا الجيل الرائع ملكيا وشعبيا، بشكل أذهل العالم.. لم نجد أدنى مشكل في كل هذا وذاك ولكننا، وفقط، هزمنا أمام لسان طويل لكوميدي يسمى طاليس أفسد علينا لحظة تكريم رائعة بكلماته التي تحط من كرامة المرأة المغربية وتضع وصمة عار على جبين الكوميديا المغربية .
شخصيا أرى أن إعتذار المسمى طاليس لا فائدة منه، فما حدث قد حدث، وعوض الإعتذار ينبغي التنحي قليلا ومراجعة الذات ومحاسبتها، فلا يعقل أن يأتي هذا الطاليس ليلوث لنا في دقائق مفهوم “النية” الذي فاخرنا به الأمم وجعلناها تبحث في القواميس عن معنى كلمة “النية” التي غزت العالم وقربته من ثقافتنا المغربية الإسلامية.
شخصيا أعتقد أنه بدون بلورة وعي مجتمعي يحترم المرأة كنصف المجتمع ويقطع مع هذه الممارسات البائدة في الإرتجال الكوميدي لن نتزحزح قيد أنملة عن هذا المستوى المخزي في الكوميديا الذي يستعمل المرأة دائما وكأنها قطعة خلقت لنمسح فيها تفاهتنا وقلة أدبنا.
إن المغرب الذي أذهل العالم في قطر بلاعبيه وبقيم العائلة التي تجلت في علاقة اللاعبين بأمهاتهم وأذهل زواره بثراء ثقافته ولذة أكله يجب أن يرفع وتيرة التجديد في كل الميادين وإلا فإن صورة المغرب الجميلة التي رسمها أبناء المغرب في قطر ستخدش مرة ومرات، وهذا ما لا نريده لمغربنا الحبيب.
شيء آخر أفسد إلى حد ما تباهينا بكل هذا الزخم الذي حققناه، وهو هذا الخروج المبكر لفريق الوداد البيضاوي من دور ربع نهاية الموندياليتو أمام الهلال السعودي بعد ضربات الجزاء.. هو خروج قاس إلى حد ما باعتبارنا البلد المنظم وأيضا لأن المسابقة ستفتقد هذا الجمهور الودادي الرائع أهم ورقة كانت ستزيد من مكاسب المغرب باعتبار اللوحات والتيفوهات الرائعة والتشجيع الخيالي الذي عودنا دائما عليه وأيضا باعتبار الفيفا كانت مراهنة أيضا على هذا الجمهور ليخلق الحدث في المدرجات كما رأينا في مباراة الهلال والوداد .
المثير في هذا الإقصاء المبكر لفريق الوداد اننا رأينا بعص المغاربة من أنصار الفرق الأخرى مبتهجين بهذا الإقصاء متناسين أن الفريق كان يمثل بلدهم المغرب في هذه المسابقة العالمية .
غير أن ريادة الجماهير الودادية الرائعة التي زينت مجمع مولاي عبد الله بالأحمر القاني ورفعت تيفوهات مدهشة لن تنسينا أن عميد الفرق المغربية وبطل العصبة الإفريقية لازال يسير بمنطق “باش ما أعطى الله” فرئيس الفريق سعيد الناصري لم يقم بأي إنتدابات قوية في الميركاتو الشتوي بالرغم من أن الفريق كان في حاجة ماسة للاعبين من طينة قوية ولقلب هجوم يعوض مبينزا ..لا أبالغ إذا قلت أن السيد سعيد الناصري خان ثقة كل الجماهير الودادية وفرط بها…جماهير رأيت شخصيا وعن قرب كيف تضحي من أجل الفريق، لهذا فعلى السيد الرئيس أن يستحضر أن المغرب بعد مونديال قطر ليس هو المغرب بعده.. لا مجال للرجوع لزمن الهواية، إما أن نكون او لا نكون، لا نريد أنصاف اللاعبين ولا أنصاف الحلول رحمة بماضي فريق الوداد وجماهيره العالمية.
ولأن المغرب اليوم يتقدم في كل المجالات… أتمنى أن تتغير عقلية “نقضي باش ما أعطى الله” في الكوميديا والرياضة وغيرها إذا أردنا أن نكون في الواجهة فعلا وأن نستثمر إنجاز المونديال لما فيه خير لنا ولمغربنا الجميل.
تعليقات ( 0 )