بعد انتقادات شديدة…فرق الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب تسحب مشروع قانون مجلس الصحافة

تتجه  فرق الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب،لسحب مقترح قانون يقضي بـ”تغيير وتتميم القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة”.

هذا القرار جاء بعد انتقادات سياسية ونقابية وحقوقية قالت أن هذا المقترح تم في غياب تام لأي نقاش أو مقاربة تشاركية شفافة وعلنية مع المعنيين من الصحفيين والناشرين، كما يتضمن مخالفة صريحة لأحكام الدستور الذي أكد في الفصل 28 منه على تنظيم قطاع الصحافة بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية.

في هذا السياق أورد بلاغ للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بأن المقترح يشكل تراجعا ديموقراطيا مفضوحا عن قاعدة التنزيل الديموقراطي للدستور، ويشكل حالة استثناء مقارنة مع الهيئات المهنية المنظمة كالأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان والمحامين والخبراء المحاسبين…، والذين تعتمد قوانينها ومنذ منتصف السبعينيات على مبدأ انتخاب ممثلي المهنة وليس انتدابهم أو تعيينهم.

كما نبه لكون جعل هيئة مهنية مستقلة معنية بتقنين الولوج إليها وضبط احترام أخلاقياتها على شاكلة باقي المؤسسات الدستورية المنصوص عليها حصريا، يشكل سابقة غير دستورية، كما أنه يحمل نزوعا واضحا نحو الحد من حرية التعبير والصحافة والرأي ضدا على مقتضيات الدستور.

ويهدف هذا المقترح،الذي حمل  توقيعات فرق “التجمع الوطني للأحرار”، و”الأصالة والمعاصرة، و”الاستقلال”، “الاتحاد الاشتراكي”، و”الحركة”، و”الدستوري الديمقراطي الاجتماعي”، و”التقدم والاشتراكية”، و”المجموعة النيابية للعدالة والتنمية”،  إلى “اعتبار المجلس الوطني للصحافة شخصا من أشخاص القانون العام”.
كما يروم المقترح تقوية اختصاصات المجلس، من خلال “إضفاء قوة قانونية للأنظمة الخاصة، التي يعدها وتخويله إمكانية نشرها في الجريدة الرسمية، ومسك سجل خاص بالصحافيين المهنيين الحاصلين علىبطاقة الصحافةالمهنية، وكذا سجل خاص بالمؤسسات الصحافية، ونشرهما للعموم، فضلا عن منحه “اختصاص وضع المعايير الواجب توفرها في المقاولات الراغبة في الاستثمار في مجال الصحافة والنشر”.
وفيما يتعلق بدوره في متابعة قضايا الصحافة وأوضاع الصحافيين، فقد اقترحت المبادرة التشريعية تعزيز أدوار المجلس بمنحه اختصاص تتبع ورصد التقارير الدولية المتعلقة بحرية الصحافة والرد عنها، وتطوير آليات تدخله في مختلف القضايا الداخلية والخارجية، التي تهم اختصاصاته.
ويسعى هذا المقترح أيضا إلى تعزيز دور المجلس الوطني للصحافة في جانبه الاقتراحي، من خلال “إلزام الحكومة، بإحالة مشاريع القوانين والمراسيم المتعلقة بقطاع الصحافة والنشر على المجلس لإبداء رأيه فيها، وكذلك على مستوى تكوين الصحافيين والصحافيات، ومنحه إمكانات مرافقة تكوين الصحافيين المتدربين، الذين يلجون للمهنة أول مرة”.
كما سيتم من خلال هذا المقترح، تضيف المذكرة التقديمية، تغيير تأليف المجلس، من خلال التنصيص على تكوينه من 23 عضوا، بما فيهم الرئيس الذي يعين بظهير قصد ضمان استقلاليته عن الهيئات المهنية المشكلة للمجلس، إلى جانب التنصيص على تمثيلية ثمانية أعضاء عن فئة الصحافيين المهنيين وثمانية أعضاء عن الناشرين، وتعويض تمثيلية المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وإضافة ثلاثة أعضاء من مهنيي الصحافة والإعلام يعينون من قبل كل من رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان.
وفي هذا الإطر، نصت المادة 4 من مقترح القانون على أن “يتألف المجلس الوطني للصحافة من ثلاثة وعشرين (23) عضوا، من بينهم الرئيس الذي يعين من قبل جلالة الملك لمدة خمس (5) سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ويتم اختياره من بين الشخصيات المشهود لها بالخبرة والكفاءة والنزاهة والتخصص في مجالات عمل المجلس”.
وبحسب المقترح المذكور، يتكون المجلس الوطني للصحافة من ثمانية (8) أعضاء تنتدبهم هيئة الصحافيين الأكثر تمثيلية، بطريقة ديمقراطية مع مراعاة تمثيلية مختلف أصناف الصحافة والإعلام، بالإضافة إلى ثمانية (8) أعضاء تنتدبهم هيئة الناشرين الأكثر تمثيلية، بطريقة ديمقراطية، على أن “يحدد بمقتضى نص تنظيمي، شروط تحديد، هيئة الصحافيين الأكثر تمثيلية، وهيئة الناشرين الأكثر تمثيلية، وكذا شروط انتداب الأعضاء الممثلين للهيئتين المذكورتين، بطريقة ديمقراطية، داخل المجلس”.
وبالنسبة للأعضاء السبعة المتبقين، فقد حددهم مقترح القانون في ممثل واحد عن كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ والمجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؛ وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، بالإضافة إلى مهني في الصحافة والإعلام يعينه رئيس الحكومة، و مهنيين اثنين (2) في الصحافة والإعلام يعينان من قبل رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين.
وأجاز مقترح القانون للحكومة أن تعين مندوبا لها لدى المجلس يعهد إليه بمهمة التنسيق بين المجلس والإدارة، ويحضر اجتماعات المجلس بصفة استشارية.
مقترح القانون اشترط في عضوية المجلس بخصوص فئة الصحافيين المهنيين وفئة ناشري الصحف التوفر على أقدمية في الممارسة المهنية لا تقل عن عشر (10) سنوات، وأنه لم يسبق أن صدرت في حقهم عقوبات تأديبية أو مقررات قضائية مكتسبة لقوة الشيء المقضي به من أجل ارتكاب أفعال لها علاقة بمجال اختصاص المجلس، كما يشترط فيهم أن يكونوا متمتعين بحقوقهم الوطنية والمدنية.
ويجتمع المجلس، يضيف مقترح القانون، بدعوة من رئيسه مرة واحدة على الأقل كل شهرين أو بطلب من أغلبية أعضائه كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وذلك وفق الكيفيات المحددة في نظامه الداخلي.
وتشدد مقتضيات المقترح على سرية مداولات المجلس، مشيرة إلى أن و قراراته تتخذ بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، “وفي حالة تعادل الأصوات يرجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس”.
وألزم المقترح أعضاء المجلس بالقيام بمهامهم بتجرد ونزاهة مع الامتناع طيلة مدة عضويتهم عن اتخاذ أي موقف علني بخصوص القضايا المعروضة أمام المجلس، وذلك خلال مدة سنتين من تاريخ انتهاء مهامهم بالنسبة للقضايا التي سبق لهم البت فيها كأعضاء أمام المجلس.
من جانب آخر، تم من خلال هذا المقترح التنصيص على تدبير إدارة المجلس من خلال مديرية عامة تعمل تحت إشراف رئيس المجلس وتقوم بمساعدته في تدبير شؤون المجلس.
وعلى مستوى الوساطة والتحكيم، اقترح نواب فرق الأغلبية والمعارضة تبسيط وتقليص مدة النظر في الشكايات والبت فيها لتجاوز إشكالات العامل الزمني الذي كانت تعرفه الممارسة السابقة، وتقوية تنفيذ قرارات المجلس التأديبية، كما تم إدراج مقتضيات تتعلق بالتصدي التلقائي للقضايا المستعجلة، وإدراج ما ينشر ويبث في شبكات التواصل الاجتماعي ضمن اختصاصات المجلس، من خلال الرصد والمتابعة، وتعزيز التنسيق مع السلطات والقطاعات المختصة، لتخليق قطاع الصحافة والنشر، كما تم التنصيص على إلزامية اللجوء إلى مسطرة التحكيم بالمجلس الوطني للصحافة قبل رفع الأمر إلى المحاكم المختصة.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي