العِبرة بخواتيم سنة 2022.. إنجازات في السياسة والرياضة وغيث من السماء

ونحن نستعد لطي الصفحة الأخيرة من سنة 2022 كان لابد من استحضار أحداث ومواقف تميزت بها هذه السنة وما عرفته من استعادة للاجتماعات الحضورية بعد سنوات الجائحة.. وعدنا للحديث عن اللقاءات الرياضية وعن الأنشطة السياسية والمؤتمرات الدولية التي تأجلت بسبب تدابير الكوفيد 19..كما تميزت هذه السنة بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية عديدة بالدانمارك والسويد وإيطاليا.. ومؤتمرات عديدة وبتنظيم مونديال قطر 2022، وقبله وفاة ملكة بريطانيا “إليزابيت الثانية” في شهر شتنبر، وتولي ابنها “تشارلز الثالث” عرش بريطانيا…

من جهة أخرى، لا يمكننا طي صفحة سنة 2022 دون التذكير بالوجع الجماعي المغربي والعالمي على إثر وفاة “الطفل ريان” العالق في البئر في شهر فبراير… ثم اندلاع الحرب الدائرة في أوكرانيا مع روسيا في 24 من نفس الشهر وما تلاها من تداعيات خطيرة على مستويات الأمن الطاقي والغذائي وارتفاع أسعار الكهرباء والمواد الأساسية وندرة الحبوب، وهي الحرب التي دفعت بهجرة جماعية لأكثر من 6,5 مليون أوكرانيا نحو حدود الدول المجاورة وبحث الدول الأوروبية عن بديل للغاز الروسي.. ونظرا لخطورة الوضع على المستوى الاقتصادي وارتفاع عدد القتلى والجرحى بين الطرفين وتوقف عمليات المفاوضات لمدة طويلة… فقد كان العالم على شفة حرب عالمية جديدة أكثر من مرة، حيث تم التلويح باستخدام أسلحة بيولوجية أو نووية… سواء بين روسيا وأمريكا، أو بين الصين وامريكا أثناء زيارة “بيلوسي” رئيسة البرلمان الأمريكي لجزيرة طايوان فـي شهر غشت…

وقد كان أسوأ سيناريو يمكننا الوصول إليه، لذلك فقد كان ملف الحرب بأوكرانيا وتداعياته وإمكانية التوصل لتسوية ديبلوماسية بعيدا عن صوت صفارات الإنذار أو التجويع والظلام الجماعي في شوارع ومنازل أوكرانيا … كان حاضرا وبقوة في كل اجتماعات الاتحاد الأوروبي والناتو واجتماعات مجلس الامن الدولي وG7 وG20 وحتى بقمة دول البريكس BRICS بالصين في شهر يونيو..

فطيلة 10 أشهر من الكر والفر وتصريحات متناقضة ومضادة سواء في هذا الجانب أو الآخر وما عرفه من تدفق أسلحة ومساعدات وتحالفات واستعراض قوة وقتلى ودمار…فقد استمرت قنوات الحوار تحت عدة غطاءات إنسانية أو اقتصادية بين موسكو وواشنطن عن طريق أنقرة خاصة في ملفات سفن الحبوب وعبور سفن الغاز… أو بلقاء الرئيس الأمريكي “بايدن” بنظيره الصيني “شي جين بينغ ” في “قمة بالي” في شهر نوفمبر 2022 او لقاء مسؤولين أمنيين كبار أمريكيين وروسيين في أنقرة بتركيا…

وبعد خطابات ألقاها رئيس أوكرانيا “زيلنسكي” لكل برلمان الدول الغربية واليابان وغيرها…  عبر تقنيات رقمية..سيحل في شهر دجنبر في زيارة مفاجئة ضيفا على الرئيس الأمريكي ” جو بايدن ” بالبيت الأبيض ويلقي خطابًا في الكونغريس الأمريكي حاولت بعض القراءات الإعلامية تشبيهه بخطاب وينستون تشرشل سنة 1941 حين طلب دعم أمريكا ودخولها للحرب العالمية الثانية.. لكن “زيلنسكي” سيعرض بالبيت الأبيض عشرة نقاط كخطوة سلام وتأجيل إعلانها الرسمي إلى 24 فبراير 2023، وسيرد الرئيس الروسي ” بوتين ” مباشرة بقوله برفض أوكرانيا وحلفاءها لكل فرص السلام وان هدفهم هو تقسيم روسيا…

وهو ما أعادنا الى نقطة الصفر في انتظار نقلة ديبلوماسية نوعية كبيرة تضع حدا لتفاقم الأوضاع الاقتصادية والطاقية والحد من موجات هجرة جماعية انطلاقا من دول شرق أوروبا…

وسيعرف شهر أبريل من نفس السنة إعادة انتخاب الرئيس الفرنسي “ايمانويل ماكرون ” بعد صراع مرير مع ” مارين لوبان” زعيمة اليمين المتطرف والإطاحة بالمثير للشفقة ” ايريك زمور “… لكنه فوز بطعم الخسارة مادام ان اليمين المتطرف قد حصل على أكبر مقاعد في تاريخه، وفي نوفمبر ستسلم “مارين لوبان ” قيادة الحزب إلى ” جوردان باديلا ” (27 سنة ) كأول زعيم من خارج عائلة “جان ماري لوبان” …

و ستكون ” جورجيا ميلوني” زعيمة حزب ” اخوة ايطاليا ” المحسوب على اليمين المتطرف.. كأول رئيسة للحكومة في تاريخ إيطاليا، إثر فوزها في انتخابات مبكرة في شهر شتنبر، بعد الإطاحة بحكومة ماريو دراغي…

كما ستعرف سنة 2022 عودة ” الموجة الحمراء ” الى أمريكا اللاتينية بفوز اليسار في رئاسيات أكبر اقتصاديات أمريكا الجنوبية كالمكسيك والارجنتين والشيلي وكولومبيا والبرازيل…

هذا بالإضافة إلى إعادة تنظيم قِمم تأجلت في زمن الكوفيد كمؤتمر المناخ (الكوب 27) بمصر والقمة الافريقية اليابانية بتونس والقمة العربية الصينية بالرياض (دجنبر) والقمة العربية الامريكية بالرياض ( يوليوز) والقمة الأمريكية الافريقية (دجنبر )، وانعقاد قمة الجامعة العربية بعد سلسلة من التأجيلات بالجزائر مع ملاحظة غياب العديد من الملوك والرؤساء العرب…

كما عرفت تونس إجراء تشريعيات في شهر دجنبر، تميزت بأكبر عزوف انتخابي وبمشاركة نسبة 8% فقط من مجموع الناخبين، وهو ما يعني رفض الشعب التونسي الشقيق لسياسات الرئيس سعيد السْعيد ولدستوره الذي جعل كل السلط في يد الرئيس، متراجعًا بذلك عن حسنات ثورة الياسمين وجعل تونس تدخل في نفق مظلم… ونفس النفق دخلته إيران بمسيرات في الشارع الإيراني بعد وفاة عشرينية أثناء اعتقالها من طرف شرطة الأخلاق…

من جهةٍ أخرى، سيعود الدفء للعلاقات المغربية الاسبانية والألمانية سنة 2022 واعترافهما بالحكم الذاتي وبالمقاربة الواقعية في ملف الصحراء المغربية توافقا مع مقررات مجلس الأمن الدولي.. بالإضافة الى دول أخرى كبلجيكا…

كما تسجل سنة 2022 إحراز خطوات مهمة في تنزيل المشروع الملكي الخاص بالتغطية الاجتماعية والصحية.. رغم معيقات أزمة الطاقة وارتفاع الأسعار ونذرة الماء وتدبيره… في مقابل ارتفاع تحويلات مغاربة العالم وتخصيص فقرات مهمة من خطاب 20 غشت لفائدة مغاربة العالم وسؤال السياسات العمومية والدفع بتأهيل وتحديث الإطار التشريعي وإعادة النظر في نموذج الحكامة في كل مؤسسات الهجرة قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها …

يقولون ان العبرة بالخواتيم.. وها نحن نختم سنة 2022 بانتصار عظيم لقيم الأمة المغربية واستقبال ملكي وشعبي كبير لشباب المغرب بعد الإنجاز الرياضي التاريخي في مونديال قطر، وخروج كل الشعوب الإسلامية والافريقية للاحتفال بالمغرب وبالراية المغربية.. حتى أصبحنا نرى المغرب العالمي في كل مكان وفي كل ساحة نصر من عواصم العالم…

وخروج ملك البلاد بالقميص الوطني للاحتفال مع الشعب، هو حدث لوحده…  هو رسالة بدلالات فرحة الأب والأخ الأكبر والملك القائد الملهم … واستقباله لأمهات أسود الأطلس هو لوحة فرح عائلي.. هو تكريم لكل الأمهات المثابرات والمكافحات سواء داخل المغرب أو خارجه…

فالنهاية السعيدة لسنة 2022.. تشحننا بجرعات أمل أقوى لتحدي كل معيقات التنمية والتطور.. وتمدنا بطاقة إيجابية لمضاعفة الجهود في جو من التضامن والتآخي من أجل بناء الوطن والاستمرار في الدفاع عن المقدسات الوطنية والترابية سواء داخل الوطن أو خارجه.. الآن وفي المستقبل، كما فعل الأجداد منذ قرون من الزمن… وسنة سعيدة وديما مغرب…

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي