توج الفيلم الوثائقي العَبَّار.. الطريق إلى الكركرات، الذي أعده وأخرجه إدريس بنيعقوب وانتجته شركة MONAFRIQUE PROD COM، بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في دورتها العشرين لسنة 2022، في صنف الفيلم الوثائقي، مناصفة مع سميرة أصبان من القناة الأولى عن عمل بعنوان “وطن الحماية الاجتماعية”.
يحكي الفيلم، الذي أنجز خلال هذه السنة 2021، قصة سائق إسباني مهني دولي محترف ناقل للبضائع من اسبانيا في اتجاه موريتانيا. تبرز مشاهد وفقرات الفيلم واقعة قطع ميليشيات البوليساريو للطريق الرابطة بين المغرب وموريتانيا وباقي الحواضر الإفريقية على مستوى معبر الكركرات جنوب الصحراء المغربية مضللة الرأي العام الدولي أنه احتجاج مدني سلمي، في حين كشفت صور الفيلم وجود مقاتلين مسلحين بأسلحة ثقيلة، كما أكد ذلك الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير لمجلس الأمن.
تدور أحداث الفيلم خلال الفترة الممتدة من نهاية أكتوبر إلى غاية 13 نونبر 2020 وهو تاريخ تدخل القوات المسلحة الملكية لفتح الطريق من جديد. بسلمية وحرفية دون إراقة الدماء على مسمع ومرأى من وحدات المينورسو التابعة للأمم المتحدة. ويستحضر الفيلم ظرفية الواقعة، لوضعها أيضا في سياق انتشار وباء كورونا وتعثر النقل عبر الوسائل الأخرى، لتصبح الطرق البرية أهم وسيلة توصل البضائع الأساسية للشعوب الفقيرة خصوصا بتكلفة معقولة، غير أن قطع البوليساريو الطريق أدى إلى ارتفاع الأثمنة جنوب الصحراء، مما يرهق القدرة الشرائية للفئات البسيطة الشيء الذي قد يفضي إلى زعزعة استقرار دول جنوبية كثيرة.
للفيلم أبعاد كثيرة وقصص متنوعة إنسانية وثقافية عميقة جدا بنكهة درامية مثيرة. فهو يحكي قصص العابرين وهوياتهم وثقافاتهم، وإصرارهم على العبور باعتباره محطة تلاقح ثقافي، ومسير متعة وترحال وتسوح واستكشاف متجدد لجمال الصحراء والمغرب وطبيعته. كما يبرز الفيلم قوة التنوع الثقافي المغربي وعظمة روافده المتعددة، من خلال رسائل بصرية وسمعية في فقرات الفيلم.
يهدف هذا الفيلم الوثائقي من بين ما يهدف له، والذي ينطلق من خرق البوليساريو لقواعد السلم والأمن ولقيم الثقافة الحسانية الأصيلة، إلى إبراز جوانب مهمة من الدفاع عن مغربية الصحراء، وجوانب وصفية للثقافة الحسانية في العبور والإقامة.
الفيلم يضم صورا حصرية، تعرض لأول مرة عن عملية قطع الطريق من قبل البوليساريو بحضور مسلحين من ميليشياتها لأسلحة قتالية ثقيلة، مما يفنذ أطروحة الاحتجاج المدني السلمي.
كما تضم فقرات الفيلم مشاهد مثيرة ومشوقة، و مداخلات علمية لثلة من الأساتذة والخبراء والباحثين المختصين مغاربة من مختلف الجامعات وأجانب من فرنسا ومورتانيا والسنيغال، الذين قدموا خلاله خلاصات علمية موضوعية وقراءات فاحصة للتاريخ وللقانون الدولي وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا والاقتصاد.
ويتناول الفيلم في عمقه قضية قطع طريق المعبر في شمولية نزاع الصحراء المغربية ككل مع خصوم وأعداء الوحدة الترابية للمملكة، كل ذلك في قالب فني سينمائي لا يخلو من التشويق والإثارة.
ويبرز الفيلم أيضا البعد الثقافي في الانتماء للوطن، والذي يعد احد أهم العناصر التي استثمرها الفيلم كما ينبغي في الترافع عن الوحدة الترابية و الارتباط الوجداني والتاريخي بين أقاليم المغرب الشمالية والجنوبية وأيضا مع شعوب جنوب الصحراء.
وقد تم اختيار “العبار.. الطريق الى الكركرات” كعنوان لهذا الفيلم، لما يحمله من حمولة ثقافية في العبور والترحال والتلاقح، حمولة معبرة عن الروابط والعلاقات والوشائج العميقة وعن صلة الوصل والرحم، كما يعبر إنسانيا واجتماعيا عن المسير بين الشعوب والأمم مسيرا سلميا وغنيا على كل المستويات، ويعبر أيضا عن إصرار وعن إرادة العبور.
تعليقات ( 0 )