من يغرق في نعيم السلطة و امتيازاتها بقبعة حزبية هو من يسعى جاهدا وبتهور كبير، للنفخ في نار الغضب التي تستعر في صدور الناس التي تكابد في زمن الغلاء.
هذا تماما ما فعل السي عبد اللطيف وهبي وهو يقول للمغاربة الذي نقلوا احتجاجهم من الشوارع للهواتف …اكتبوا ما تشاؤون “حنا ممسالنيش ليكم ” وكأنه يدعو بمنطق” كاري حنكو” لزحف بشري لزعزعة استقرار البلاد، في وقت كل التقارير الرسمية تؤكد أن الوضع جد صعب، وأن القادم أسوأ.
الواقع أن هدا الرجل الذي سقط سهوا على السياسة وعلى حزب كشف حراك الريف وزنه الحقيقي بعد أن صعد الحزب الرديف للمنصة عوضا عنه، رغم المنشطات التي استفاد منها، والتي جعلته بحمولة زائدة، لكن دون فائدة .
الواقع أن وهبي الذي يضع قدميه على بساط تتحكم فيه قبيلة الغاضبين الصامتين، بالحزب، هو تجسيد فعلي لكلام والي و بنك المغرب حول “الزعتر” و”الباكور”.
كما أنه مثال صارخ يجسد الاستياء الذي تحدث به ملك البلد حين وضع الأحزاب، والسياسيين أمام المرآة، قائلا “إذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟”.
الملك قال أيضا أن ” ممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين ، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل”.
حينها بلع الساسة لسانهم واعتبروا أنفسهم غير مقصودين بالخطاب، لكننا نعاين اليوم كيف تنكشف عورتهم تباعا؟
لقد كان والي بنك المغرب وفي فلتة لسان صادقا حين قال ما يعرفه جميع المغاربة وما يعرفه أيضا أمناء الأحزاب حول المقصود بالباكور والزعتر.
اليوم ومع البؤس السياسي الذي وصلنا إليه، ومع وزراء “قسم الهواة” الذين صعدوا لحكومة تضارب المصالح ، صرنا على يقين بأن بورصة السياسة وصلت مرحلة الإفلاس مع أحزاب فارغة من النخب الحقيقية، ومن الرجال القادرين على اتخدار قرارهم بعيدا عن “تليكوموند” “المخزن”.
ينطبق هذا على حزب الأصالة والمعاصرة الذي زحف تحت تأثير “المنشطات” على عدد من المجال المجالس المنتخبة والمناصب، والذي تعرض لعدة هزات كشفت أنه ليس بالقوة التي يدعيها، بعد أن اختفى الياس العماري مثل خيط دخان، قبل أن يصير الحزب عاريا، و مكشوفا مع صعود وهبي لمنصب الأمين العام.
لنتذكر جميعا وضع هذا الحزب الذي وجد نفسه منبوذا من المحتجين، وموضوعا في قفص الاتهام بعد انطلاق الحراك بالريف.
حينها إكتفى الحزب بالصمت المطبق، في انتظار انحسار العاصفة التي كادت تجرفه معها، ما جعله يخرج فقط للدفاع عن بعض قياديه الذين لاحقتهم فضيحة أطنان الاسمنت التي كانت موجهة لمنكوبي زلزال الحسيمة، قبل أن يعود أمينه العام لإطلاق صيحات في واد، و في الوقت الميت، بعد اعتقال أبرز وجوه الحراك.
الحديث عن “البام” هو تأكيد لموت الأحزاب بالمغرب، رغم المحاولات التي قامت بها الدولة من أجل نفخ الروح فيه وفيها.
حدث هذا بعد أن اتضح أن عقودا من إنهاك الهيئات السياسية والنقابية، وإغراقها في الصراعات والتطاحنات الداخلية، وحقنها بنخب فاسدة أدمنت حب السلطة و اللهات وراء المناصب والريع قد جعل المشهد غارقا بالأحزاب المحنطة.
أحزاب ونخب أصبحت مشلولة، وغير قادرة على القيام لا بأدوارها الطبيعية، ولا بالأدوار التي تطلب منها في الكواليس.
تعليقات ( 0 )