سارق “الصندالة” والسفير

من المفارقات الصارخة في هذا البلد السعيد أن نجد سارقا بئيسا يدان بسنة حبسا نافذا، بعد استيلائه على “صندالة ميكا”، في الوقت الذي يحصل فيه المسؤولون الذين يمعنون في نهب المال العام ، على أحكام جد ناعمة.

النموذج الطري لذلك هي الحكم بعقوبة التنفيذ في حق سفير سابق اختلس أموال عامة كانت موجهة كمساعدات غذائية، والحكم بعقوبة موقوفة التنفيذ في حق النائب السابق لعمدة مراكش  من طرف  غرفة جرائم الأموال.

قبل ذلك عاينا كيف أن ملفات ضخمة، وساخنة، مرتبطة بتبديد واختلاس الملايير رقدت لسنوات طوال في غرق التحقيق، وردهات المحاكم، قبل  أن تجد لها نهايات باردة، لا يمكن إلا أن نجزم بأنها تعطي إشارة جد سلبية، وتؤكد ما ينبه إليه الحقوقيون وحمال المال من عدم وجود إرادة حقيقية  للقطع مع  الفساد.

اليوم نعاين أيضا كيف ان مسؤولين ومنتخبين كبار  يتصدرون المشهد السياسي والحزبي رغم أن ملفات فسادهم وضعت بين يدي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

نعم نحترم قرينة البراءة لكن الإمعان في جعل هؤلاء في الواجهة هو  استفزاز يفسر لنا، و ب”الخشيبات” لماذا تم إسقاط  “تجريم الإثراء غير المشروع” بتزكية من الوزير “طوطو”.

اليوم لم يعد مجديا أن ننكر الفساد أو نزرع حقول الألغام في وجه من يحاول محاصرته والحد من تغوله..

يكفي أن نحيل على  تقارير المجلس الأعلى للحسابات التي تصدمنا كل سنة بالغسيل القذر لمؤسسات الدولة، والمجالس المنتخبة، والمؤسسات العمومية، وتضعنا أمام صورة عارية للملايير التي تبدد في صفقات منفوخة، ومشاريع فاشلة، وبذخ  فاحش،لا يتناسب إطلاقا مع حالة الفقر التي تغرق فيها شريحة واسعة من المغاربة.

الفساد خطر على مستقبل ومصير البلاد، لكن الخطر الأكبر يمكن في البرود واللامبالاة التي تتعامل بها الدولة مع كل هذه الفضائح، في زمن الحديث عن ربط المسؤولية بالمحاسبة.

اليوم هناك قناعة بان الساسة، والأحزاب، والنقابات، وجزءا واسعا من النخب، و المجتمع المدني قد صاروا شركاء في هذا الصمت الكبير، لأن الجميع مستفيد بشكل أو بآخر، وهو صمت كلفنا، وسيكلفنا ثمنا فادحا، مادامت جميع المؤشرات قد وصلت حسب والي بنك المغرب للمستوى الأحمر..

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي