تحالفات المغرب.. رهان على شرق الاتحاد الأوربي لمواجهة ضغوط غربه

تفاقمت على مدى السنين القليلة الماضية أزمات المغرب مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، أهمها برلين ومدريد وباريس ولاهاي، على خلفية خلافات حول ملفات كثيرة ومختلفة اقتصادية وسياسية. ولأن الخوض فيها جميعا لن يسعه المقام، فسنكتفي بالحديث عن الأزمتين مع مُستعْمِرَيْه السابقَيْن فرنسا وإسبانيا. ففي حالة فرنسا، التي تعودت على ابتزازه في قضية الصحراء باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن، لم تستوعب أن يقلب المغرب الطاولة على واقع الابتزاز ويطالب بعلاقات ندية. وزاد الغضب الفرنسي بعدما توقف المغرب قبل سنوات، عن منح صفقات أوراشه الكبرى لمقاولات فرنسية (الخط الثاني للقطار فائق السرعة وميناء الداخلة، مثلا). بل وتفاقمت الأزمة بين الطرفين مع منافسة المغرب لحليفته الأولى ومستعمِرته السابقة فرنسا في القارة الإفريقية. هكذا وجدت باريس التي كانت تنظر إلى المغرب كمجرد دولة تابعة، نفسها خلال العقد الأخير مهددة بمنافس اقتصادي حقيقي جديد، في نفس الدول الإفريقية الفرنكفونية التي تعتبرها حديقتها الخلفية. بل وبلغ الوضع مستوى تَقدم فيه المغرب، عليها في بعض الدول، مثل الكوت ديفوار، التي احتلت فيها فرنسا المرتبة الثانية من حيث الاستثمارات بعد المغرب.
ومن آثار الأزمة أن الزيارات الرسمية بين مسؤولي البلدين متوقفة، في وقت تضغط باريس على المغرب من خلال إعلامها وبعض الإجراءات. أهمها في الشهور الأخيرة، تعسير الحصول على التأشيرة، ما أثّر بقوة على قطاع النقل الدولي مع أوروبا الذي يقف على حافة الإفلاس.
أما إسبانيا التي كانت تبتز المغرب في صحرائه مقابل مدينتي سبتة ومليلية اللتين تحتلهما، فقد تفاجأت كثيرا لإغلاقه معابر التهريب من المدينتين. وضربه حصارا اقتصاديا وعسكريا من حولهما، للدفع بهما إلى الإفلاس بما يحمل مدريد على الجلاء عنهما. فحاولت الضغط باستقبال زعيم الانفصاليين، ما نتج عنه تصعيد المغرب أكثر بشكل غير مسبوق بين البلدين، انتهى بسحب السفيرة المغربية من مدريد. وزادت الأزمة حدة مع تحفظ البرلمان الأوروبي، على المغرب في أزمة الهجرة في سبتة المحتلة مايو الماضي، ووقوف الاتحاد إلى جانب إسبانيا بدل الاكتفاء بالدعوة إلى الحوار. فتوترت علاقات بلادنا مع أوروبا سواء على مستوى الدول مثل إسبانيا وألمانيا وفرنسا، أو المؤسسات الأوروبية مثل البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية.
لكن، من جانب آخر، يستحيل تقريبا على المغرب، أن يغير بسهولة بوصلة علاقاته مع شركائه الأوروبيين. فالمعروف أن 60% من مبادلاته الاقتصادية والتجارية تجري مع الاتحاد الأوروبي. وهو ما يطرح تحديا كبيرا على ديبلوماسية بلادنا، وجعلها تتجه نحو ربط جسور جديدة مع تحالفات فرعية داخل الاتحاد، كمجموعة “فيشغراد4” التي تضم كلا من بولونيا والمجر (هنغاريا) والتشيك وسلوفاكيا. وهي دول وسط أوروبا أعضاء في الاتحاد الأوروبي، لها خلافات سياسية كبيرة مع دول غرب القارة العجوز، ولا يربطها بالمغرب لا ماض استعماري ولا نزاعات حدودية، ما جعلها أكثر تفهما للموقف المغربي بخصوص قضيته الوطنية.
وبعد حضور وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة اجتماع وزراء خارجية المجموعة في بودابست الثلاثاء 7 ديسمبر، جرى الاتفاق حول مجموعة من القضايا والملفات. وأُعلن عن تشكيل مجموعة “فيشغراد+المغرب4”. ويراهن المغرب على دول هذه المجموعة، للحصول منها على دعم قوي داخل هياكل ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، في مواجهة شركائه التقليديين الذين تحولوا إلى خصوم ومنافسين.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي