بعد الدراسة المثيرة للجدل حول السياسات العمومية تجاه الجالية، والتي كشفت ضعف اهتمام البرلمان والحكومة بهذه الفئة من المواطنين المغاربة، يعود مجلس الجالية المغربية بالخارج ليسلط الضوء على قضايا دقيقة وبالغة التعقيد ترتبط بوضعية الشباب المغاربة المقيمين بالخارج، من خلال دراسة شملت عينة من 1433 شابا مغربيا تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة، يقيمون في ست دول أوروبية، وهي فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وهولندا، بهدف المساهمة في بناء فهم أفضل لواقع وآراء وتحديات وانتظارات الشباب المغاربة في أوروبا.
هذه الدراسة التي أفرج المجلس عن خلاصاتها، يوم الخميس 15 شتنبر الجاري، خلصت إلى أربع ملاحظات كبرى وذات أهمية. أولا، تم الوقوف عند وجود رغبة قوية لدى الشباب المغربي بالخارج في الاندماج في بلدان الإقامة من خلال مؤشرات الانخراط في الحياة المدنية (66% يحملون جنسية بلد الإقامة) مع الإحساس بأن سكان بلدان الإقامة لهم صورة جيدة في المجمل عن الجالية المغربية (85% متمكنون من لغة بلدان الإقامة) رغم بعض حالات الإحساس بالعنصرية. ويبقى مؤشر الإحساس بالثقة في المستقبل والحياة المهنية مرتفعا جدا (80 % عبروا عن ثقتهم في مستقبل الحياة المهنية).
الملاحظة الثانية تظهر أن هناك ارتباطا قويا بالمغرب من خلال مؤشرات زيارة شباب الجالية للمغرب وأهمية النسيج العائلي والأصدقاء في تشجيع زيارات الوطن (95% يزورون المغرب و61% يزورون المغرب كل سنة)، ومتابعة أخبار المغرب والتفاعل مع قضاياه مع ارتفاع مؤشر الإحساس بالانتماء للهوية المغربية وممارسة الشعائر الدينية وفق النموذج المغربي القائمة على إمارة المؤمنين (72% يتابعون أخبار المغرب عن طريق فيسبوك إلا في ألمانيا حيث يتصدر “إنستغرام” مصدر المتابعة).
وخلصت الملاحظة الرابعة إلى وجود آراء متباينة حول الإصلاحات بالمغرب، من خلال تعبير أغلب المستجوبين عن ضعف الرضى على خدمات المؤسسات المغربية، إذ عبر ثلثي المستجوبين عن عدم رضاهم على سرعة الإصلاحات (41% عدم الرضى عن النقل الدولي، 48% عن الخدمات القنصلية، 52% عن العدل، 42% عن وسائل الإعلام، 47% عن الجمارك).
من جانب آخر، يربط شباب الجالية المغربية مستقبلهم بالمغرب من خلال الصور المشكلة عندهم عن المغرب، إذ صرح 64 بالمئة أن التعليم هو القطاع الذي ينبغي للمغرب الاستثمار فيه، ثم قطاع الخدمات ثم الصناعة ثم السياحة. وقد أبدى ثلث المستجوبين رغبتهم للعودة قصد الاستثمار في المغرب (مغاربة ألمانيا وإيطاليا هم الأكثر ترددا في نوايا الاستثمار بالمغرب).
شباب مغاربة يرغبون في الاندماج
-
- يمتلك ثلثا الشباب المستجوبين جنسية بلد الإقامة (بنسبة أقل في إسبانيا وإيطاليا).
- الشعور بالانتماء إلى بلد الإقامة أقل قوة من الشعور بالانتماء إلى المغرب، لكنه يظل بارزا، وخصوصا في فرنسا.
- يتمكن 85 بالمائة من الساكنة المقيمة بالخارج من اللغة المحلية تمكنا جيدا (كتابة وقراءة وحديثا)، بينما يتمكن حوالي نصف الشباب المغاربة من اللغة العربية.
- من الملاحظ أن الشباب المغاربة في إيطاليا يبدون أقل اندماجا من غيرهم من المقيمين في باقي بلدان أوربا.
الشعور ببعض أشكال التمييز الممارسة في حقهم
-
- يقول الشباب المغاربة المقيمون في أوربا بأنهم يصطدمون ببعض الصعوبات في حياتهم اليومية، ويتعلق ذلك على الخصوص بمواضيع ترتبط بالبحث عن عمل أو عن سكن أو بممارسة الشعائر الدينية (وخاصة في ألمانيا وإسبانيا بالنسبة إلى الموضوع الأخير).
- ورغم ذلك، وحتى وإن كانت هذه الأشكال من التمييز قائمة، فإن قرابة 8 شباب مغاربة من أصل كل عشرة من المقيمين في أوربا يعبرون عن ثقتهم في مستقبلهم المهني في بلد الإقامة.
ارتباط قوي بالمغاربة والمغرب في حياتهم اليومية
-
- حوالي 80 بالمائة من الشباب المغاربة المقيمين بأوربا ينحدرون من أبوين مولودين في المغرب، وكلهم تقريبا لديهم أقارب يعيشون في المغرب.
- إضافة إلى العائلة، يمثل الأصدقاء نقطة ارتباط قوية بالمغرب.
- في الحصيلة نجد أن قرابة 95 بالمائة من الشباب المغاربة المقيمين في أوربا يزورون المغرب، و61 بالمائة منهم يزورونه كل سنة.
- يمثل التعامل مع الأشخاص المنحدرين من المغرب كذلك جزءا من الحياة اليومية لهؤلاء الشباب.
دور حاسم للعائلة في دوام الارتباط واستمراره
-
- تعتبر الرغبة في زيارة الأهل والأقارب أهم سبب يدفع الشباب المغاربة المقيمين بأوربا إلى القدوم إلى المغرب.
- التواصل مع الأبوين مفتوح، بحيث إن كثيرا من الشباب المغاربة الذين لم يبلغوا الثامنة عشرة لا يترددون في طرح مواضيع مختلفة ومتنوعة معهما، من الدراسة إلى الدين فالحياة المهنية فغير ذلك من الشؤون، ورأيُ الأبوين في اختيار شريك الحياة يُعتمد في سبع حالات من أصل كل عشر.
- حوالي ثلث الشباب المغاربة المقيمين بأوربا يساعدون العائلة في المغرب ماديا.
شباب مطلعون على أخبار المغرب
-
- بالإضافة إلى زياراتهم للمغرب، يصرح الشباب المغاربة بكونهم يتصلون بالأهل والأقارب في المغرب بصفة منتظمة.
- تتم الاتصالات بالأساس عن طريق الهاتف والإنترنت (علما أن شبكات التواصل الاجتماعي هي الأكثر استعمالا للحفاظ على التواصل).
- هذا إلى أن الغالبية العظمى من الشباب المغاربة المقيمين بأوربا يظلون على اطلاع على أخبار المغرب، وخصوصا بفضل التلفزيون والإنترنت.
إحساس بالانتماء وممارسةٌ للشعائر الدينية
-
- تمثل أعداد شباب الجالية المغربية بالخارج الذين يشعرون بأنهم مغاربة قاعدة واسعة جدا، حيث يصرح 89 بالمائة منهم يشعرون بأن هويتهم مغربية.
- تشكل ممارسة الشعائر الدينية كذلك أحد مكونات هوية الشباب المغاربة في أوربا، وخصوصا منهم الذين يعيشون في فرنسا وألمانيا وهولندا.
- يعتبر الاحتفال بالأعياد الدينية وممارسة الصوم جزءا من واقع ممارسة الشعائر الدينية لدى قرابة 90 بالمائة منهم.
عدم رضى عن الخدمات العمومية
-
- يصرح أغلب الشباب المغاربة في أوربا بأنهم غير راضين على العموم عن الخدمات والمؤسسات المغربية.
- من بين المؤسسات التي حازت النصيب الأكبر من تحفظات الشباب نجد العدالة والأحزاب السياسية.
- تجدر الإشارة إلى أن الانتقادات تأتي في غالبها من قبل الشباب المغاربة المقيمين في ألمانيا وإسبانيا وهولندا.
إصلاحات مازالت تبدو غير كافية
-
- أبدى الثلث فقط من الشباب المغاربة المستجوبين في أوربا عن رضاهم عن الإصلاحات الجارية حاليا في المغرب (بينما يجد الثلثان الباقيان أن هذه الإصلاحات غير كافية).
- يعتبر الشباب المغاربة المقيمون في ألمانيا وإسبانيا الأكثر إلحاحا على الحاجة إلى تسريع الإصلاحات.
التعليم هو القطاع الاقتصادي الأهم للمساعدة في تنمية البلاد
- يتضح من تصريحات الشباب المغاربة في أوربا أن 64 بالمائة منهم يرون أن التعليم هو أهم قطاع ينبغي للمغرب أن يستثمر فيه سعيا إلى دعم التنمية في البلاد.
- تأتي بعد ذلك الخدمات (41 بالمائة)، ثم الصناعة (38 بالمائة)، ثم السياحة (34 بالمائة).
- وفي المقابل نجد أن الطاقة والبيئة (32 بالمائة) والفلاحة (29 بالمائة) وكذا قطاع العقار (21 بالمائة) تعتبر قطاعات ثانوية.
رغبة في الانخراط في المسلسل التنموي بالمغرب
- صرح 19 بالمائة من الشباب المستجوبين بكونهم يعتزمون الاستثمار في مشاريع التنمية في المغرب. ونجد أن العزم على الاستثمار في المغرب أقوى لدى الشباب المقيمين في منطقة بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ.
- من بين قطاعات النشاط الأكثر اجتذابا للاستثمار الشخصي، نجد التعليم (38 بالمائة) ثم العقار (25 بالمائة).
- حوالي ثلث الشباب المغاربة بأوربا يصرحون بأنهم منفتحون على فكرة العودة النهائية إلى المغرب خلال السنوات القادمة.
تعليقات ( 0 )