حكومة “تخراج العينين”

العبث الذي يطال الأسعار في هذا البلد السعيد تجاوز أثمنة المحروقات التي صعدت للجبل ورفضت أن تنزل رغم تراجع بورصة البترول على المستوى العالمي، ليمتد لعدد من المواد والسلع التي تضاعفت أثمنتها بثلاث مرات .

ما يحدث حاليا في السوق من مضاربات ونفخ في الغلاء هو خطر كبير صار يهدد المغاربة في ضل صمت حكومي مطبق.
الأخطر أن الحكومة وعوض أن تكون مسؤولة عن حماية القدرة الشرائية للمغاربة، وزجر الاحتكار والمضاربات  المتفاقمة، صارت المتهم الأول بالتحريض على هذه الممارسات التي تشكل تهديدا صريحا للاستقرار المجتمعي، بعد أن  واصلت شركات المحروقات سعيها لاستنزاف جيوب المغاربة لأقصى حد.

لقد اجتهدت الحكومة في طرز وتسويق مسلسل من المبررات لإخفاء حقيقة موجة الغلاء التي تعصف بفقراء هذا البلد وعموم مواطنيه بعد حكاية الحرب وسلاسل الإمداد و سعر الدولار.

موجة الغلاء والزيادات لم تتوقف عند حدود الدجاج والبيض والمحروقات بل تجاوزتهم إلى فواتير الماء والكهرباء، و الخضر والفواكه، وعدد من المواد والسلع التي عرفت أثمنتها ارتفاعا يأتي في سياق اجتماعي جد مأزوم بفعل تداعيات وباء كورونا الذي وجه ضربة قاصمة لميزانية ملايين الأسر.

موجة الغلاء التي تعمل اليوم على استنفاذ ما تبقى من قدرة شرائية لدى المواطنين تتزامن أيضا مع حالة الكساد شبه التام الذي تعرفه عدد من القطاعات، وأيضا حالة الركود التي تلاحق ملايين التجار والحرفيين ممن صاروا يعملون فقط من أجل سداد واجبات الكراء، وفواتير الماء والكهرباء والضرائب.

وضع تتعامل معه الحكومة بلامبالاة تامة بل و”بتخراج العينين” بعد أن عاينا كيف تفاعلت مع “هاشتاغ” لا للغلاء، الذي نسبته لنشطاء سريين قالت أنهم يهددون استقرار الحكومة والبلاد.

ملايين المغاربة يرددون اليوم لازمة أن “الحالة واقفة”، وهي لازمة لم تمنع من استمرار مد الغلاء الذي صار  يشكل تهديدا صريحا للسلم الاجتماعي، خاصة وأن موجة الزيادات لن تتوقف، وستطال المزيد من السلع والمواد بفعل إجراءات حكومية.

لقد حاربت الدولة في وقت سابق وبكل شراسة تنسيقيات مناهظة الغلاء، واستعملت الهراوة لإخماد صوتها الذي كان موجها بالأساس ضد شركات التدبير المفوض للماء والكهرباء والنقل، لكن الغلاء اليوم تجاوز كل الحدود،.

كما صارت الاحتجاجات عفوية ومنفلتة، وهو ما يتعين على الحكومة أن تتعامل معه ليس ب”الهرواة” كما تفعل دائما، بل بتحمل مسؤولتيها في تخفيف العبء عن المغاربة، و إطفاء نار الغضب الشعبي الذي يختلج في الصدور.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي