فسحة الصيف
حجم السرقة يختلف من جريمة لأخرى، فقد يكون مجرد غسيل اختفى من سطح منزل أو حلي ذهبية أو هاتف نقال، لكن أن تكون السرقة قد طالت مئات الأطنان فان الأمر يدعو للاستغراب.
ففي سنة 2010،فجرت رسالة مجهولة مفاجأة من العيار الثقيل، وقادت عشرات الأشخاص إلى مكتب قاضي التحقيق المختص بالنظر في جرائم الأموال، بعد أن تم التعامل مع المعلومات الواردة في الرسالة بجدية، وإجراء افتحاص أكد أن أزيد من ملياري سنتيم هي قيمة حوالي 10 آلاف طن من الفيول الذي تم اختلاسه قد تبخرت وانتهت في جيوب البعض.
الفرقة الوطنية للشرطة القضائية دخلت على الخط في هذه القضية بعد أن تقدم المكتب الوطني للكهرباء بشكاية في الموضوع، وباشرت تحقيقا مع عدد من المشتبه بهم في هذه السرقة التي تعد الأضخم من حيث كمية زيت الوقود المختلسة، وكان الخيط الحاسم في هذا الملف هو ضبط توقيعات بعض المتهمين على أذونات تسلم حمولات من الفيول دون أن تجد هذه الكميات طريقها نحو المحطة الحرارية بالقنيطرة.
وكشفت التحقيقات التي أجرتها عناصر تابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية عن معطيات مثيرة للغاية منها أن عشرات الشاحنات الصهريجية كانت تغير وجهتها لتفرغ ما في جوفها من الفيول لصالح أشخاص غرباء لا علاقة لهم بالمحطة الحرارية، وأن عشرات العمليات نفذت، وكبدت المكتب الوطني للكهرباء خسائر مالية فادحة بلغت حوالي ملياري سنتيم.
وبعد أن تم التحقيق مع عدد من المتهمين تبين أن عمليات الاختلاس تعود لفترات زمنية متباعدة، وان الشاحنات بعد انطلاقها من محطة لاسامير بالمحمدية تلج إلى مخازن أخرى حيث يتم تفريغ الحمولة وقبض الثمن ،عوض التوجه نحو القنيطرة بعد أن يتم التواطؤ بين مجموعة من المستخدمين من مراقبين ومشرفين على النقل والتسليم حيث يتم إجراء المعاملات الإدارية بشكل طبيعي، كما لو أن كميات الفيول وصلت إلى وجهتها النهائية من خلال تسليم وصولات بذلك توضع في السجلات تفاديا للوقوع في أي خطأ أو ترك أثر يقود لفضح عمليات الاختلاس استنادا للوثائق الإدارية.
وبعد أن أشرفت التحقيقات على نهايتها، كان عدد المتهمين قد بلغ أربعين متهما ، وجهت لهم تهم “تكوين عصابة إجرامية واختلاس أموال عمومية واستغلال وصولات مزورة وخيانة الأمانة”، قبل أن يتقلص عدد المتهمين إلى 36 متهما من بينهم مسيرة شركة، إضافة إلى مستخدم بالمكتب الوطني للكهرباء، ومستخدم بشركة “سامير”، ومستخدم بشركة “بتروم”، ومسيري شركة، وفلاح، ومتقاعد، وعاطل، و3 نقالين، فضلا عن 25 سائقا، تم الشروع في محاكمتهم في أضخم سرقة عرفها المغرب من حيث الكمية، في حين تقدم المكتب الوطني للكهرباء بطلب عن طريق دفاعه للحصول على تعويض يفوق الملياري سنتيم، هي حجم الخسارة التي لحقت به جراء اختلاس أطنان الفيول وبيعها من طرف المتورطين في هذه القضية التي حظيت بمتابعة واسعة من طرف وسائل الإعلام.
وبعد عدة جلسات أنكر فيها عدد من المتابعين علاقتهم بعمليات الاختلاس في حين نفى عدد منهم علمه بطبيعة ما كان يجري، أصدرت محكمة الجنايات المختصة بالنظر في جرائم الأموال حكما بست سنوات سجنا نافذا في حق المتهم الرئيسي في هذه القضية، في حين تراوحت باقي الأحكام ما بين أربع سنوات و سنتين ونصف حبسا نافذا قبل أن يتم تخفيض هذه الأحكام في المرحلة الاستئنافية.
تعليقات ( 0 )