مؤتمر استثنائي سيحسم طبخة ضبط المجلس الوطني

هل يسعى ولد الرشيد إلى الإطاحة ببركة و”تنصيب” ميارة؟

يسير الخلاف داخل حزب الاستقلال إلى التحول لحرب مفتوحة بين الأجنحة المتصارعة، في مرحلة حاسمة عنوانها التحكم في أعضاء المجلس الوطني، من خلال تقليص عددهم ومنع عضوية البرلمانيين ومفتشي الحزب بالصفة في هذا المجلس الذي يحوز سلطات واسعة لعل أبرزها انتخاب الأمين العام، وهي اختصاص محدد للصراع الدائر اليوم.

في الظاهر، لا يبدو أن هناك منافسا في المرحلة الحالية لنزار بركة على منصب الأمين العام. فالرجل هو الذي قاد المفاوضات مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش من أجل تشكيل التحالف، وأصبح بذلك الحزب وأمينه العام عضوا في الحكومة، ما يفرض استمراره في تقلد المنصب إلى حين انتهاء الولاية الحكومية الحالية حتى لا تتأثر الأغلبية بتقلبات غير متوقعة. كما أن الرجل يحظى بدعم عددي كبير من أعضاء الحزب، الأمر الذي سيعقد مسألة الإطاحة به بدون مقدمات.

لكن في كواليس الحزب هناك أمور تجري على قدم وساق..فلم يأت طرح مسألة إلغاء العضوية بالصفة في المجلس الوطني من فراغ، في مؤتمر وطني استثنائي يسعى إلى توفير الغطاء القانوني من أجل ترتيب تغييرات معينة في أفق المؤتمر العادي..هذه التريبات قد يكون فيها منصب الأمين العام مطروحا بقوة، في حال فرض صقور الحزب لقيادي جديد على رأس “الاستقلال”، أو على الأقل وضع إطار جديد “متحكم فيها” لعمل الأمين العام إن استمر بركة.

كل هذه التفاعلات دفعت مبكرا نحو مواجهة قوية انتقل صداها إلى داخل البرلمان. فالبلاغ الذي عبر من خلاله 53 برلمانيا عن رفضهم القاطع للتوجه القاضي بمنع العضوية بالصفة، مع تأكيدهم على دعمهم للأمين العام من أجل ممارسة اختصاصاته، لم تكن إلا إشارات على وجود خلطة ما يجري تحضيرها في الكواليس، لاسيما وأن التعديلات المقترحة تحظى بدعم قوي من جناح الرجل النافذ والقوي حمدي ولد الرشيد.

هذا الأخير يحاول، خلال هذه الأيام، أن يقود حملة لحشد الدعم لهذا التعديل قبل أن يتم الإفراج عن موعد المؤتمر الوطني الاستثنائي..لكن الواضح بأن الأمور لا تسير كما توقعها الرجل، لاسيما في ظل وجود معارضة شديدة من داخل البرلمان، وبشكل أدق مجلس النواب، الذي يتوفر فيه نزار بركة على عدد مهم من القيادات الداعمة له، في وقت يتحرك جناح حمدي ولد الرشيد والنعم ميارة على مستوى مجلس المستشارين، من أجل الدفع بهذه التعديلات التي سيكون لها ما بعدها في تحديد اسم الأمين العام المقبل.

اجتماع عاصف

مع اتساع رقعة الجدل داخل الحزب، تحول اجتماع للفريق البرلماني بمجلس النواب إلى حلبة صراع انتهت بوقوع إغماءات في صفوف بعض البرلمانيات اللواتي لم يتحملن حجم المشادات الكلامية، التي وصلت عدد تبادل السب والشتم، على خلفية صراع محتدم حول تعديل النظام الأساسي للحزب كما أرادته اللجنة التنفيذية، حتى وإن كان هناك غموض حول موقف بعض أعضائها، وعلى رأسهم الأمين العام الذي دخل في حجر صحي نتيجة التقاطه لفيروس “كورونا”.

إلى حد الآن لم يكشف نزار بركة عن موقفه، لكن الواضح أن أنصار الرجل يرفضون بشكل تام أي مساس بالنظام الأساسي من زاوية “التحكم” في أعضاء المجلس الوطني. هكذا، فقد تحول الاجتماع المذكور إلى مواجهة مفتوحة بين أنصار حمدي ولد الرشيد وأنصار نزار بركة. إذ في الوقت الذي تدافع الفئة الأولى عن تعديل النظام الأساسي لمنع البرلمانيين من العضوية بالصفة في المجلس الوطني، وقفت الفئة الثانية سدا منيعا في وجه هذا التعديل، بل إنها انتفضت بشكل مباشر في وجه ولد الرشيد ودعته إلى عدم طرح هذا النقاش داخل الفريق.

“ميديا 90” اتصلت بمصادر برلمانية استقلالية رافضة لتعديل النظام الأساسي، حيث اتهمت بشكل مباشر الواقفين وراء هذه المقترحات بالسعي إلى الإطاحة بالأمين العام الحالي من خلال وضع الظروف الملائمة، من الناحية القانونية والتنظيمية، من أجل الدفع باسم جديد مقرب من ولد الرشيد، لاسيما وأن التوجه يقضي بتقليص عدد أعضاء برلمان الحزب بحوالي النصف.

وترى هذه المصادر بأن ولد الرشيد يسعى من خلال هذه التعديلات إلى فسح الطريق أمام أحد أبرز مقربيه، وهو النعم ميارة الذي يرأس مجلس المستشارين، من أجل قيادة الحزب في المؤتمر الوطني المقبل، وبالتالي إسقاط نزار بركة الذي قاد مفاوضات دخول الحزب إلى الحكومة.

ميارة..الزعيم القادم؟

كل الذين يتهمون حمدي ولد الرشيد بالوقوف وراء ما يعتبرونه “خطة الإطاحة بنزار بركة”، يرددون اسم النعم ميارة كقيادي بارز يطرح اسمه بقوة من أجل تولي منصب الأمين العام ما بعد نزار بركة. فالرجل يحظى بدعم قوي من طرف ولد الرشيد، وبالتالي فإن الأخير لا يذخر جهدا من أجل تعبيد الطريق أمام صهره للوصول إلى الأمانة العامة في المؤتمر الوطني القادم.

تقول مصادر استقلالية إن الخلوة التي تم عقدها بمدينة الهرهورة، برئاسة الأمين العام نزار بركة، عرفت ضغوطات كبيرة من أجل تمرير مشاريع التعديلات المثيرة للجدل، وهو ما يعني أن بركة وجد نفسه في موقع ضعيف واضطر إلى القبول على مضض بالمصادقة على هذه التعديلات وإحالتها على المؤتمر الوطني، بالرغم من وجود رائحة “طبخة” على نار هادئة استعدادا للمؤتمر الوطني العادي.

ليس هذا فحسب، بل إن هناك محاولات من أجل تحجيم دور الأمين العام بشكل قد يجعله بدون اختصاصات حقيقية حتى ولو استمر على رأس قيادة الحزب، وهو الأمر الذي يخدم مصالح بعض الأطراف التي تسعى إلى التحكم في أجهزة الحزب، وعلى رأسها المجلس الوطني، من أجل توجيه القرارات حسب منطقها ورغبتها، معتبرة أن هناك داخل الحزب من يلمس محاولة لتكرار تجربة الإطاحة بشباط، حتى وإن كان الواقع اليوم مختلفا باعتبار أن بركة يحظى بدعم كبير من أعضاء الحزب وسيصعب إسقاطه.

من جانبها نفت مصادر مقربة من حمدي ولد الرشيد أن يكون الأخير يسعى إلى القيام بأي مؤامرة ضد الأمين العام الحالي من أجل تنصيب النعم ميارة أو غيره، معتبرة أن التعديلات الحالية تمت مناقشتها داخل اللجنة التنفيذية ولازالت مطروحة كمشاريع، ويبقى للمؤتمر الاستثنائي الكلمة الفيصل في اعتمادها أو رفضها. وشددت المصادر ذاتها على أن عدد أعضاء المجلس الوطني اليوم يطرح مشكلا حقيقيا، وهو أمر يتفق عليه الجميع، وبالتالي هناك حاجة لعقلنة العضوية في برلمان الحزب.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي