“أجيال الضباع” وخطة الوزير بنموسى

حديث وزير الداخلية السابق، وسفير المغرب بفرنسا سابقا، وعراب النموذج التنموي الجديد، ووزيرنا الحالي في التربية عن إصلاح جديد للمدرسة العمومية يؤكد أننا ندور في حلقة مفرغة، وأن لا مستقبل في هذا البلد السعيد، ولا تنمية لنا في الأمد المنظور ما لم ننجح في تحرير التعليم ممن يعبثون به.

بنموسى يراهن على مشاورات ستكلف الملايير من أجل إطلاق خطة جديدة، بعد “زبالة” من المشاريع والخطط التي كلفتنا الآف الملايير،  وهو بذلك يكرس  اليقين بأن  المدرسة العمومية يراد لها أن تبقى محتجزة في متاهة الإصلاحات الفاشلة، لتهجير أبناء المغاربة عمدا  نحو التعليم الخاص.

حديث بنموسى  يعيد للواجهة الرسائل التي بعث رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين  والتي جعلت أكبر المشككين يستسلم لقناعة أن التعليم العمومي لن يخرج من غرفة الإنعاش التي يحتجز فيها.

لأن هناك من لا يريد له ذلك، ويسعى لإبقائه في حال احتضار ترهن مستقبل التنمية في البلد، وتكرس هذا الوضع القاتم، والمأزوم الذي نغرق فيه يوما بعد يوم.

عزيمان قال بعبارة لا تحتمل التأويل أن إصلاح التعليم يصطدم، “برياح معاكسة، وبمقاومات مناقضة، تارة معلنة وتارة أخرى مستترة”.

وقال أن المعيقات الموجودة “تثبت أن تعليماً ذا جودة للجميع، منفتح وعصري، قائم على تكافئ الفرص، والارتقاء الفردي، وتجديد النخب، وتنمية الرأسمال البشري، ليس اختيارا متقاسما بين الجميع.

قد نعيب على الرجل عدم  تحليه بالصراحة المطلوبة  لكشف “الطابور” الذي يقاوم حق أبناء المغاربة في تعليم جيد، بعد أن اكتفى بالتلميح، لكن عزيمان على الأقل نطق بالقليل من الحقيقة التي تؤكد ومن جديد أن الدولة لا تملك إرادة للخروج بالتعليم من أزمته، والتي هي امتداد لأزمة وطن بأكمله.

كلام عزيمان هو فضح لزيف الخطاب الرسمي، كما أنه ترجمة للتعامل النرجسي، والمتوجس للدولة، مع هذا القطاع.

وأيضا تشخيص للرهاب الذي يسكن  بعض مراكز القرار ، من وجود جيل متعلم وواع. جيل بشخصية واضحة وليس عبارة عن دجاج أبيض.

جيل  يكون نتاجا خالصا للمدرسة العمومية التي يراد لها أن تبقى معطوبة، و مشوهة السمعة، وأن  تلصق بها تهمة إنتاج “الانحطاط” قبل وضع البديل الجاهز أمام الشعب ممثلا في القطاع الخاص.

عزيمان قال أن”ضمير مجلسه مرتاح”، وأن الوصول إلى إصلاح التعليم هو حتمية تاريخية، وهو كلام ينطوي على هدر فادح  للزمن، ومصادرة لحق أجيال قادمة في التعليم الجيد.

كما ينطوي على مهادنة للمتواطئين والغارقين في مؤامرة تفكيك وهدم أساسات التعليم العمومي لخلق أجيال جديدة من الضباع، تماما كما قال السوسيولوجي الراحل عبد الله جسوس  في صرخة أغضبت الحسن الثاني.

روندا التي خرجت في سنة1994من جحيم تطهير عرقي وحرب أهلية، طوت الصفحة، ونجحت في إصلاح التعليم في ظرف 10سنوات،لتحقق إقلاعا اقتصاديا هائلا، ومعجزة في التنمية، فمتى يقتنع هؤلاء أن الاستثمار في الإنسان، أهم من مشاريع الواجهة التي تكلفنا مئات الملايير دون طائل….

متى يقتنع السي بنموسى وزير التربية، و عراب النموذج التنموي بأن “الشفوي” لم يعد مجديا، وأن وضع البلد بحاجة للمعقول الذي يقتضي منه أن يشرع أولا في تطهير الوزارة من رموز الفشل الذي يبدو أنه يسير إليه واثق الخطى بفضل أفكار  وفتاوى صاحب الظل الطويل .

 

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي