عويطة.. واقع حزين للأسطورة سعيد

أسطورة الثمانينات، العداء الذي لا يقهر، القطار السريع.. هي كلها ألقاب العداء العالمي السابق سعيد عويطة الذي كان واحدا من أبطال رياضة ألعاب القوى الذين خلدهم التاريخ، وجمعوا ركاما من المجد والمليارات بنجاحاتهم في المضامير العالمية لألعاب القوى.

سعيد عويطة الذي يبدو أنه ليس سعيدا أبدا في حياته الآن، غطت أخبار حياته الشخصية على كل ما عداها، بعد تصريحاته مؤخرا لبرنامج “مع شهرزاد”، إذ فجر مفاجأة من العيار الثقيل! عندما أعلن على رؤوس الأشهاد أنه لم يعد يملك شيئا، غير شقة متواضعة، بعد أن استولت زوجته السابقة على كل ثروته وممتلكاته.. الأمر أشبه بصدمة!.. للوهلة الأولى لا يصدق السامع ما تلقفته أذناه.. كيف لبطل من حجم سعيد عويطة أن يكون الآن “على الضس” بدون سيارة للتنقل حتى؟

للأسف هذا ما حدث! فحسب كلام العداء العالمي، تسبب توكيل سابق منحه لزوجته السابقة، للقيام بالأعمال الإدارية، في قيام هذه الأخيرة بالاستيلاء على كل ممتلكاته وثروته، بعد عشرة زواج طويلة دامت 37 عاما، أنجبا خلالها 4 أبناء.

هي الحياة لا تستقر على قرار ولا تمل من الدوران، فيوم لك ويوم عليك! …هذا ما حدث مع سعيد عويطة الذي منحته الحياة الشهرة والمال، طيلة سنوات عديدة، لكنها الآن، في خريف العمر، تدير وجهها لهذا البطل الذي لا يمكن أن ننكر أنه الأب الروحي لألعاب القوى الوطنية صحبة نوال المتوكل، لأن انجازاتهما على المضمار هي التي أعطت الروح للأجيال اللاحقة من العدائين الذين رفعوا راية المغرب في المضامير الدولية. ولهذا لا يمكن لأي مغربي غيور إلا أن يتحسر على ما آلت إليه أوضاع هذا البطل نتيجة الخلافات العائلية التي بدأت بطلاقه من زوجته منذ عامين، مرورا بخروج والده إلى الأضواء ليتهم الابن بالتقصير وما صاحب ذلك من الضجيج الإعلامي.

سعيد عويطة الذي فتح عينيه في مدينة القنيطرة في 2 نوفمبر 1954 وكان طيلة سنوات وجه المغرب المشرق هو نفسه الذي ينتظر أن ينصفه القضاء، هو نفسه سعيد عويطة الذي سمي قطار باسمه تيمنا وتبركا بسرعته التي جعلته سيد المضمار، بعد أن لفت الأنظار ذات دورة لبطولة العالم لألعاب القوى في هلنسكي سنة 1983 بعد حلوله ثالثا في مسابقة 1500 متر وفوزه بالميدالية البرونزية.. وقتها أعلن عن ميلاد عداء عربي قادر على مقارعة أسياد المضامير، وتوجهت الأنظار لهذا الشاب النحيل وسلطت الصحافة الأضواء عليه يومها، هذا هو سعيد عويطة البطل المغربي القادم.

في العام الموالي، أي في سنة  1984بأولمبياد لوس أنجلوس كان سعيد عويطة على موعد مع التاريخ، فقد استطاع القبض على إنجاز العمر المخلد بحصوله على ذهبية سباق ال500 متر، معلنا للعالم عن ولادة بطل أسطوري.

سنة 1984 كانت سنة السعد على سعيد عويطة، فمرة أخرى استطاع خلال بطولة العالم، في نفس السنة، تحطيم الرقم القياسي العالمي لمسافة 1500 متر، ليقف العالم إعجابا واحتراما لهذا البطل الذي رفع الراية المغربية عاليا، وجعل اسم المغرب متداولا على كل شفة ولسان .

استمرت صولات وجولات سعيد عويطة في المضامير إلى أن جاءت بطولة العالم لألعاب القوى روما، هنا كتب تاريخ مجد أخر، فقد استطاع هذا البطل تحطيم الرقم القياسي لمسافة 5000 متر، وكان أول رجل ينزل تحت حاجز الـ13 دقيقة !

هنا، وقف العالم وصفق طويلا، وكنا كمغاربة، ترافقنا الدهشة والفخر، ولم نعد نصدق أنفسنا! فأخيرا أصبح لنا بطل على المضمار يقارع الكبار.

في أولمبياد سيول 1988 كان سعيد عويطة يطمح لتحقيق إنجاز لوس أنجلوس لكن إصابته جعلته يكتفي ببرونزية 800 متر ليختم بعدها مسيرته الرائعة بلقب عالمي داخل القاعة سنة 1989 في مسافة 3000آلاف متر.

في سنة 1992 اضطر سعيد عويطة لإعتزال المضمار بفعل تفاقم إصابته، واشتغل كمدرب للمسافات الطويلة في المغرب وأستراليا حيث كان مسؤولا عن تدريب العدائين لكن مساره مع جامعة ألعاب القوى كمدير تقني لم يكتب له النجاح والإستمراربفعل الخلافات التي حدثت وعرقلت الطريق.

سعيد عويطة ليس بطلا عاديا يمكن أن تطوى صفحته وتنسى، إنه جزء من ذاكرة وتاريخ هذا الشعب، ولذا لا مجال للتشفي والمزايدات الفارغة، فمهما حدث لا يمكن أن ننسى أبطالنا ولا يشرفنا أبدا أن نراهم على “الضس”.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي