الباحث الاجتماعي لـ"ميديا 90": شعار "الحكومة الاجتماعية" يبقى بعيداً كل البعد عن هذا الوصف

محمد خكلي: مغرب ما بعد كورونا يستلزم التركيز على “الثالوث المؤلم”.. الصحة والتعليم والإدارة

♦ نعيش هذه الأيام على وقع الأخبار القادمة من دول الجوار الأوربي والتي تشير إلى ظهور عدة حالات من فيروس جدري القرود.. في نظرك كيف يمكن لمجتمع تنفس الصعداء مؤخرا، مع تحسن الوضع الوبائي المتعلق بفيروس كورونا، أن يتعامل مع ظهور فيروس جديد؟

فعلا، بلا شك أننا لم نبرح مكاننا من هول مخلفات ” جائحة كورونا ” حتى طلعت علينا وسائل الإعلام المحلية والدولية؛ وكذا وسائل التواصل الاجتماعي بخبر ظهور فيروس جديد يسمى بـ”جدري القرود ” على غرار “انفلونزا الخنازير” وغيرها..

وقد أكدت وزارة الصحة خلال الاربع وعشرين ساعة الأخيرة عن وجود 3 حالات إصابة مشتبهة بجذري القرود مما يستوجب معه أخذ الحيطة والحذر؛ خاصة واننا مقبلون على فصل الصيف والعطلة الصيفية.

إلا أن التحدي الأكبر والسؤال العريض هو هل المواطن المغربي لازالت عنده القدرة والصبر للتعامل مع هذه الفيروسات وما يستتبعها من إجراءات الوقاية والتباعد والاحتراز..

خاصة وأننا لاحظنا قنط واشمئزاز العديد من المواطنين من الإجراءات الاحترازية كارتداء الكمامة والتباعد الجسدي وما إلى ذلك من إجراءات الوقاية التي تفرضها وزارة الصحة مخافة انتشار الوباء لدى أوساط المواطنين.

  • المغرب ما بعد كورونا…أية سمات مجتمعية وتغييرات يمكنك رصدها بعين الباحث والخبير المجتمعي؟

لايختلف اثنان كون “جائحة كورونا” جعلت الدولة تعمل جاهدة وتعبئ كل الطاقات والإمكانيات؛ سواء الفكرية منها والعلمية والطبية والمالية وحتى العسكرية..

بل وسخرت الدولة كل الوسائل البشرية لمواجهة الجائحة؛ لذا على الدولة أن تجعل من المواطن * قطب الرحى * في سياساتها العمومية؛ وتنزيل مقتضيات الدستور وخاصة منها ” الحكامة الجيدة ” و”ربط المسؤولية بالمحاسبة ” و”تقوية المؤسسة القضائية” والرفع من مردوديتها وحماية استقلاليتها..

وكذا تطوير المجال الرقمي كركيزة أساسية لبلوغ التنمية الاقتصادية..

وتقديم الأجوبة الملحة على الأسئلة المجتمعية الحارقة؛ مما يستدعي تعميق النقاش المجتمعي على غرار ” اللقاءات الوطنية للمجتمع المدني ” التي ترأسها آنذاك السي اسماعيل العلوي..

فمغرب ما بعد كورونا يستلزم التركيز على القضايا التي تمس عمق المجتمع.. وهي “الثالوث المؤلم” أي الصحة والتعليم والإدارة، ولذا من الضروري أن تعمل اللجنة الاستشارية المكلفة بأعداد تصور متكامل لنموذج تنموي يستجيب لانتظارات الشعب على قطاع الصحة وما يعتريه من نقائص؛ سواء على مستوى الأطر الطبية والخصاص الكبير فيها؛ وضعف البنية التحتية من مؤسسات استشفائية وتجهيزات لوجستية..

ناهيك عن ملف التعليم وما يتطلبه من اهتمام لإخراجه من “العناية المركزة” وتأهيل المدرسة العمومية التي طحنها التعليم الخصوصي.. وربط التعليم بسوق الشغل.. خاصة وان تردي التعليم سيرهن مستقبل هذا الجيل والذي بعده..

ولا أدل َّ على ذلك تدني مستوى التنمية البشرية..

فمغرب ما بعد كورونا يجب أن يحرك النخب المثقفة والسياسية لبلورة مغرب الغد القوي باحترامه القانون وحقوق الإنسان..  ومحاربة الفقر بكل أشكاله.. ومحاربة الريع الاقتصادي والسياسي وكل مظاهر الفساد..

فهناك ملكٌ غيور على بلده وشعبه.. يسهر ليل نهار على تتبع وتنفيذ قراراته.. وتطويرها رفقة شعب طموح له رغبة في مغرب أفضل.

  • مسلسل الغلاء وارتفاع الأسعار لازال مستمرا ومخزون القمح على وشك النفاد.. هل نحن على أبواب أزمة غذائية؟

مشكل غلاء الأسعار ليس حديث اللحظة؛ بل ومنذ تعيين هذه الحكومة (أي حكومة عزيز أخنوش).. وإن كان بعض وزرائها يرجعون ذلك للحرب القائمة بين أوكرانيا وروسيا..!!

إلا أن المتتبع للصيرورة التاريخية لهذه الحكومة يجد أن شعار “الحكومة الاجتماعية” الذي رفعته الاحزاب الثلاثة المكونة لهذا الائتلاف يبقى شعاراً بعيداً كل البعد عن هذا الوصف فلا يعقل أن يصل سعر الطماطم في رمضان إلى25 درهما.. والفلفل إلى 20/25درهم..!!!

مما يستوجب علينا طرح سؤال “المغرب الاخضر” الذي عمَّر لعقود دون أن نرى له أثراً على واقعنا الاقتصادي والفلاحي..

فكيف لدولة تبنَّت شعار “المغرب الاخضر” وهي لازالت تستورد القمح والأرز وغيره..!!!

  • أعادت قضية طرد تلميذة بسبب لباسها الذي رأى مدير مؤسستها انه غير لائق الجدل حول الزي المدرسي وحرمة المؤسسة بينما اعتبر البعض الأمر إرهابا فكريا …كيف تقرؤون أنتم من موقعكم هذا الجدل؟

لايمكن أن نعلِّق على واقعة هذه التلميذة كون هذا الفعل إرهاباً فكريا..

بل الواجب هو معالجة الظاهرة من أساسها.. حيث لهذه التلميذة والدين وأسرة.. فأين هي إذن؟!!!

المشكل الحقيقي الذي نعيشه-ليل نهار -هو رفع الأسرة يدها عن مسؤوليتها الأخلاقية تجاه أبنائها..

فقد عشتُ وانا أدرِّس حينها بإحدى الثانويات الخاصة واقعة يشمئز فؤادي عندما أتذكرها- أو أذكرها- حيث اتصلت الكاتبة الخاصة للمدير بأب أحد التلاميذ لتخبره عن غياب ابنه لحصتين دراسيتين.. فما كان من الأب إلا أن انفجر في وجه الكاتبة بقوله : ( كنخلَّص عليه العام الكامل.. فربِّيوه ولا لوحوه للزَّنقة)

وقد سبق لي وناديتُ مراراً- من خلال مقالاتي ومحاضراتي- بعقد ندوة وطنية قيميةٍ أخلاقية..لأن الوضع لم يعد يطاق..

وانما الأمم الأخلاق ما بقيت       فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

■ ظاهرة العنف في الملاعب تجذرت حتى أصبحت الفصائل الرياضية تخوض حرب شوارع ولنا في جماهير البيضاء خير مثال.. هل هناك من قراءات وحلول لتطويق الأزمة؟

  • للأسف الشديد صارت ظاهرة العنف في الملاعب سمة سلبية بارزة ومسيطرة على شبابنا الرياضي.. خاصة لدى الفصائل الرياضية.. كمثال على ذلك ما حدث سابقا بين “الوينرز – والكورفاسود” وما نتج عنهما سابقاً من إزهاقٍ للأرواح.. وإراقة لدماء المشجعين والمحبين.. وتهشيم وتكسير للمحلات التجارية والسيارات..

في الوقت الذي على هذه الفصائل أن تقوم بدور التأطير الإيجابي للجماهير.. عبر إشهارات وندوات وأيام دراسية

وللخروج من هذه الأزمة أقترح حلولاً لعلها تجدُ صدًى طيباً وإيجابيّاً لَدى هؤلاء الشباب وكذا المسؤولين عن كرة القدم؛ لعل أهمها هو شرط التربية والتكوين وهذا أرجِعهُ شخصيّاً للفصائل الرياضية.. وجمعيات المحِبِّين وأحمِّلهما المسؤولية فيه..

فلا يعقل أن تكون هناك فصائل وجمعيات للمحبين لا تؤطر هؤلاء الشباب ولا تُكوِّنهم في أبجديات التشجيع الكروي وما إلى ذلك..

حيث أصبح يقتصر دور هذه الفصائل في ابتكار وصنع ورفع “التِّيفوات” فقط..!!!

بينما دور الفصائل وجمعيات المحبين يتعدَّى ذلك إلى التأطير والتكوين والمواكبة..

لكن على الفرق الرياضية؛ والجامعة الملكية تخصيص دعمٍ لهذه الفصائل حتى تقوم بهذا الدور التكويني التربوي.. خاصة وأنها تعكس صورة البلد الذي تنتمي إليه.

■المجتمع المغربي يتطور ويتغير باستمرار. لكن من الملاحظ أن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير في هذه القفزة.. كيف يبدو لكم الوضع من موقعكم كباحث؟

بلا شك أن المجتمع المغربي – خاصة في العقدين الأخيرين-عرف تطورا وتغييراً كبيراً جدا لا على المستوى الاقتصادي والسياسي.. بل حتى على المستوى الاجتماعي والتواصلي..

ويبقى لوسائط التواصل الاجتماعي الدور الكبير في هذه القفزة.. خاصة إذا علمنا موقع المغرب الاستراتيجي والمجاور لضفتين (أوربا وإفريقيا)

وكما أن لكلِّ منتوج إيجابياته وسلبياته فإن وسائط التواصل الاجتماعي لها أيضا سلبياتها وإيجابياتها..

فعلى مستوى التأثيرات الإيجابية فقد استطاعت هذه الوسائط تقديم ما يحتاجه المرء من أدوات وإمكانياتٍ لاكتساب الخبرات من لدن سكان العالم.. كما قربت المسافات بين الناس.. وجعلتهم وكأنهم في قرية صغيرة.. وسهلت سُبُل العيش والتواصل.. حيث أصبح الناس يقومون باجتماعات ولقاءات عن بعد، أما على مستوى التأثيرات السلبية فلا يختلف اثنان في أن هذه الوسائط مسخت وأضعفت العلاقات الاجتماعية.. فأصبح الطابع الفردي والانعزالي هو السائد والمسيطر..

كما لا ننسى التباعد بين الزوجين الذي أصبح سائدا بكثرة مما نتج عنه تفككاً أسريّاً فادحاً..

لذا أقترح على الدولة أن تقنن هذا القطاع.. لأن التسيُّبَ الحاصل اليوم نتيجة لرفع الدولة يدها.. وترك المجال لهذه الوسائط تعبث وتلعب في شبابنا كما تشاء ومتى تشاء..

 

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي