“رشوة” فاتح ماي.. الحكومة والنقابات مع إنجاب الطفل السابع

قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن المغرب “يتوفر على نقابات في المستوى العالمي”… حدث هذا بعد أن قبلت النقابات  برشوة حكومية صريحة مقابل تمرير “اتفاق” لا يقل تفاهة وحموضة عن “السيتكومات” الرمضانية.

الحكومة التي احترفت منذ انتخابها “تبايع العجل” للمغاربة قررت وباختصار رفع الدعم المخصص للنقابات ب 30 في المائة من المال العام، وفي المقابل قبلت هذه الأخيرة بزيادة في الأجر ب10 في المائة بالتقسيط المريح.

وحتى لا نتهم بالتبخيس فإن الحكومة ولفرط السخاء قررت أيضا الرفع من التعويضات المالية من 36 درهما الى 100 درهما بالنسبة للطفل الخامس والسادس ، وكأن خصوبة المغاربة مع كل هذه المصائب التي تنزل عليهم تباعا لازالت بألف خير.

لن نلوم النقابات على هذا التواطؤ لأن الأمر تحول إلى عادة و سلوك براغماتي يتغير وفق  مزاج من جعلوا نقابات عتيدة  كضفة أخرى للباطرونا، وفي أحسن الأحوال عبارة عن شركات مناولة طيعة في يد الحكومة،  أو في يد ولي النعمة.

الجواب عن فضيحة اتفاق فاتح يوجد داخل ثلاجة البرلمان التي يقبع بها، ومنذ سنوات طويلة قانون النقابات.

قانون ميت عادت له الروح بعد الرأي الذي أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي لكنه قتل من جديد.

المجلس كان قد ألقى بحجر ثقيل في بركة النقابات بعد أن دعا لوقف تعدد الولايات، والانتدابات، وإنهاء هيمنة المتقاعدين على  المسؤوليات بالنقابات، وتكريس الشفافية المالية ، و تجديد النخب.

رأي كشف ومن جديد حقيقة أننا أمام تنظيمات تحولت إلى ضيعات لبعض المتقاعدين الذي يراكمون من خلال الاستعانة بالكلاب و البلطجية ولاية تلو أخرى  في ضل انعدام شبه تام للشفافية المالية.

نقابات غرقت في الريع، وتحولت لجزر خاصة لزعماء خالدين راكموا الثروات والامتيازات لهم ولأبنائهم ومقربيهم ، فيما تكتفي الحكومات بالاحتفاظ  ب”سوط” قانون النقابات لتمرير عدد من القرارات والتدابير التي يدفع المغاربة ثمنها في نهاية المطاف .

هذا المشهد يفسر مسرحية الحوار الاجتماعي  التي انتهت باتفاق منح زيادات ب”التقطيرة”،في الوقت الذي يعصف الغلاء بجيوب المغاربة.

قانون النقابات يمثل غولا مخيفا  لأنه يهدد بكشف حقيقة التصرف في ملايير النقابات، وممتلكاتها وريعها، وسيفتح العلبة السوداء للتدبير المالي الذي جعل بعض النقابيين يراكمون ثروات فاحشة تحت غطاء النضال من أجل حقوق”المستخدمين والمقهورين”.

ولأن الذاكرة تخون بعض الساسة فقد سبق لحزب أغلبي و تحدث عن ابتزاز الحكومة للنقابات من خلال هذا القانون، وهو دليل آخر على أن عددا من الأمور المهمة في هذا البلد صارت تحسم بصفقات تحت الطاولة.

لقد وجهت دعوة تلو أخرى من طرف أعلى سلطة في البلاد من اجل إفساح المجال لوجوه جديدة يكون بمقدورها مسايرة وفهم التحولات السريعة التي جعلت الشارع أكبر فاعل سياسي.

لكن ما نعاينه اليوم هو إصرار نفس “القماقم” التي كبر معها جيل من المغاربة على الالتصاق والتنقل بين المناصب، والرضاعة من ثدي الامتيازات والريع، لأن الفطام صعب، وشاق، ومؤلم للغاية، خاصة بالنسبة  لمن غرف دون حسيب ولا رقيب من المال العام..

 

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي