الرئاسيات الفرنسية.. هل يشتد الخناق أكثر على المسلمين في “بلاد الأنوار”؟!

نشر موقع “ميدل ايست آي” البريطاني، مقالا للباحث “ريان فريشي”، اعتبر فيه أنه سواء انتصر ماكرون أو لوبين في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، المقرر إجراؤه يوم غد الأحد، ففي النهاية سيشتد اضطهاد المسلمين. فالمسلمون الفرنسيون، الذين دعم الكثير منهم المرشح اليساري المنهزم، جان لوك ميلانشون، قلقون الآن بشأن ما يخبئه لهم المستقبل، بحيث من المرجح أن تكون لهذه الانتخابات تداعيات دائمة على الجالية المسلمة الفرنسية.

على الرغم من كل ما يميز كلا من ماكرون عن لوبين، فقد أظهر المرشحان المتعارضان توحدا ظاهرا في تناولهما لـ “مشكلة المسلمين”. فبمجرد انتخابه في عام 2017، لم يضيع إيمانويل ماكرون وقته لاستهداف الأقلية الفرنسية المسلمة والتضييق عليها، حيث مارس أقصى قدر من الضغط على أعضاء المجتمع المدني المسلم بفرنسا، ما جعل عملهم اليومي صعبا بشكل لا يطاق، وشدد قبضة الدولة على ممارساتهم الدينية.

هكذا تم حل المؤسسات الخدماتية التي أنشأتها واستفادت منها الجالية المسلمة الفرنسية فعليا، بين عشية وضحاها بموجب مرسوم وزاري.كما أغلق ماكرون أكثر من 718 مسجدا ومدارس إسلامية ومنظمات يديرها مسلمون، بعد أن تم التحقيق في أكثر من 24 ألف مؤسسة، ومصادرة أموال بقيمة 46 مليون يورو (50 مليون دولار) من أقلية محرومة اقتصاديا بالفعل.

إن سياسة الاضطهاد ضد المسلمين التي ترعاها الدولة الفرنسية، يتم حجبها عن عمد عن الرأي العام الدولي. ولذلك فإنه في حال إعادة انتخابه، سيواصل ماكرون هذه السياسة ويوسعها. ومن الطبيعي أن نفترض بأن مارين لوبين ستفعل الشيء نفسه. فكلاهما يعتبر الدين الإسلامي وممارساته “تهديدا حضاريا”، وأن “الانفصالية الإسلامية communautarisme musulman” يجب أن تُواجَه بشكل صارم.. حتى أن وزير داخلية ماكرون وصف نهج زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبين تجاه الإسلام بأنه “لين”!

مستقبل غامض للمسلمين

على الرغم من أن الرئيس المنتهية ولايته ماكرون اتهم منافسته مارين لوبين، خلال آخر مناظرة تلفزيونية لهما أول أمس، بأنها تبحث عن إشعال حرب أهلية في فرنسا، بتوعدها المسلمين أن تمنع ارتداء الحجاب، إلا أن الاثنان في الواقع وجهان لعملة واحدة. والأمر لا يتعلق هنا بمزايدات انتخابية، بتحول جذري للمجتمع الفرنسي، الذي بات معاديا بشكل جذري للإسلام والمسلمين. فإذا كانت لوبين قد ذهبت أبعد من ماكرون في اقتراح حظر ارتداء الحجاب، فإن هذا الأخير انتقد ارتداءه بشدة على مدى سنوات.

ولذلك فإن إضفاء الطابع المؤسساتي على اضطهاد المسلمين، لن يؤدي إلا إلى زيادة التشاؤم حيال مستقبل فرنسا. وسواء فاز ماكرون أو لوبين في اقتراع يوم غد “المصيري”، ففي النهاية سيشتد الاضطهاد على مواطني فرنسا المسلمين، لأن كلا المرشحين سيحكمان بسياسة معادية لـ “الإسلام الفرنسي” مع فارق طفيف بينهما!

وفي ظل هذا المناخ المعادي للمسلمين في فرنسا، تتحدث الصحافة عن نية بعض الفرنسيين المسلمين مغادرة “بلد الأنوار”، في حال تم انتخاب المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبين. بينما صرح آخرون بأن قرارهم بالمغادرة جاهز، سواء فاز ماكرون أو منافسته. وفي هذا الصدد، نشرت قيدومة الصحف الفرنسية جريدة “لاكروا” المسيحية، قبل أيام، عن طبيبة نفسانية فرنسية مسلمة (فاطمة) بمستشفى باريسي، قولها

إن ثلاثة مرضى اتصلوا بها ليخبروها بأنهم يتطلعون إلى المغادرة. الدكتورة فاطمة التي سبق لها تأليف كتاب بعنوان ذو دلالة “سيدة عربية في فرنسا”، قالت لـ “لاكروا” إن “العديد من الأصدقاء هم أيضا في هذه الحالة الذهنية “، أي ينوون مغادرة فرنسا إلى دول أخرى أهمها كندا. فصعود اليمين المتطرف يقلق العديد من الفرنسيين، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى العقيدة الإسلامية. وتضيف الدكتورة فاطمة بأن “11 مليون شخص أدلوا بأصواتهم إما لصالح إريك زيمور أو مارين لوبان.. هذا يعني أن هؤلاء الأشخاص، يمكننا مقابلتهم في المترو، فهم من بين جيراننا وزملائنا”.

ويخشى كثيرون من زيادة العنصرية في حال أصبحت مارين لوبين رئيسة للجمهورية الفرنسية. قد يغتبط كثير من الفرنسيين لمغادرة المسلمين بعيدا، لكن هؤلاء ليسوا وحدهم الخاسرين. فالكثير من الصوات الفرنسية العاقلة سبق أن حذرت من أن أغلب المغادرين هم كفاءات علمية ومهنية تخسرها فرنسا، بسبب جنوح مجتمعها نحو أقصى اليمين العنصري…

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي