كورونا الإفريقي.. كل ما نعرفه حتى الآن حول مُتحوّر “أوميكرون”

لماذا يعتبر المتحور أوميكرون خطيرا؟
فاجأ المتحور الجديد بطفراته “غير العادية” توقعات العلماء، حيث حقق قفزة كبيرة في التطور الطبيعي للفيروسات من حيث مراكمة عدد الطفرات ونوعيتها. ومن المرجح أن يكون هذا المتحور قد تطور خلال عدوى مزمنة داخل جسم إنسان مريض يعاني من ضعف المناعة (السيدا)، حيث تكاثر الفيروس داخل جسمه وراكم الطفرات في تركيبته الجينية، ثم اكتسب الفيروس خصائص جديدة يمكن أن تعزز كفاءته.
من المؤكد أن أوميكرون ليس امتدادا للمتحورات السابقة، ومنها المتحور دلتا المسيطر حاليا في معظم دول العالم. ويحتوي أوميكرون على قائمة طويلة من الطفرات، وصفها أحد العلماء بأنها “مروعة” بسبب كثرة أعدادها وأنوعها. بعض المعطيات التي اعتبرت خطيرة ومقلقة، تلقفتها الجهات الصحية ومنظمة الصحة العالمية بذعرٍ شديد. خصوصا أن اللقاحات المستخدمة كانت قد فقدت حوالي 60 ℅ من قدرتها على منع الإصابة بالمتحور دلتا. ولذلك تتمثل الأولوية القصوى الآن في متابعة المتحور عن كثب لفهم خصائصه.
والفرضيات الواردة حتى الآن هي أنه يمكن له الانتشار، بسرعة أكبر من متحور دلتا أو بنفس سرعته على الأقل. لكن لا نعرف حتى الآن ما إذا كانت الإصابة به أشد خطورة من غيره. وهناك مخاوف حقيقية من احتمال أن تكون لديه القدرة على تجاوز المناعة التي توفرها اللقاحات جزئيا.
ما هي أعراض أوميكرون؟
حتى الآن تتسم التقارير غير الرسمية القادمة بالأساس من جنوب إفريقيا، بشأن الأعراض التي تسببها الإصابة بأوميكرون بالإيجابية. ويقول أطباء جنوب إفريقيين إن الإصابات التي شاهدوها كانت معتدلة، حيث عانى المصابون بهذا المتحور من سعال جاف، وحمى، وتعرق ليلي، وآلام كثيرة في الجسم. والأغلب أن وضع الأشخاص الحاصلين على التلقيح يكون أفضل بحسبهم.
وقال أطباء آخرون إن العديد من المرضى الذين رأوهم كانوا يعانون من أعراض غير عادية، لا سيما التعب الشديد. لكن لم يبلِغ أي طبيب منهم عن فقدان حاسة التذوق أو الشم.
ويرى خبراء دوليون في علم الفيروسات بأنه بسبب كون أوميكرون متحور تم اكتشافه للتو، فإن العلماء يفتقدون للبيانات الكافية حوله كي يقيموا مدى قدرته على إحداث إصابات شديدة الأعراض من عدمها. ويضيفون بأنه لا بد من إجراء تجارب مكثفة على التسلسل الجيني لأوميكرون، ومقارنة العينات التي يتم جمعها من مناطق مختلفة حول العالم، قبل الجزم إن كان المتحور الجديد يسبب أعراضا أشد من سلالة دلتا بلوس أم لا. بينما يتابع خبراء عن كثب حالة الدخول إلى المستشفيات في إسرائيل على وجه الخصوص نتيجة الإصابة بأوميكرون، لأن ذلك سيكون بمثابة مؤشر مبكر على مدى شدة الأعراض الناجمة عن الإصابة بالمتحور الجديد، لكون إسرائيل قد لقحت مواطنيها بالكامل، وقدمت جرعات تنشيطية لأغلبهم أيضا.
حتى الآن إذن، لا تزال الإصابات المسجلة بأوميكرون تعاني من أعراض خفيفة ومتوسطة فقط، لكن منظمة الصحة العالمية نصحت بعدم الإفراط في التفاؤل، لأن أغلب من أصيبوا به ينتمون لفئة الشباب، وهذه الفئة العمرية من النادر عموما أن تصاب بأعراض شديدة نتيجة عدوى كورونا.
 
هل توفر اللقاحات الحماية من أوميكرون؟
تعمل أغلب اللقاحات المتوفرة حالياً خاصة اللقاحات الغربية من خلال تدريب جهاز المناعة ضد بروتين سبايك لفيروس كورونا – وهو المفتاح الذي يستخدمه الفيروس لإصابة الخلايا. ومع ذلك، هناك قلق من أن التغييرات في سلالة أميكرون قد تضعف استجابة الأجسام المضادة للجسم المكونة من اللقاحات، لأن طفراته قد تغيرت مقارنة بجميع أنشطة الأجسام المضادة الرئيسة التي نعرفها. في حين أن الأمر قد يستغرق عدة أسابيع، قبل أن نحصل على أية إجابات نهائية فيما يتعلق بطبيعة التهديد الذي يشكله أوميكرون. إلا أن الأدلة المبكرة تُظهِر أن اللقاحات توفر بعض الحماية على الأقل.
ويقول خبراء جنوب إفريقيون إن 87% من حالات فيروس كورونا المستجد، الذين دخلوا إلى المستشفيات في مدينة تشوان بجنوب إفريقيا، حيث اكتُشِف أوميكرون كانت لغير المُلقِّحين. ويكشفون بأنهم شهدوا تغيرا ملحوظا في الصورة الديموغرافية لمرضى كوفيد-19. حيث يأتي الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين العشرينيات وأواخر الثلاثينيات بقليل، بمرض متوسط ​​إلى شديد، ويحتاج بعضهم إلى العناية المركزة. حوالي 65% منهم لم يحصلوا على تلقيح، بينما معظم البقية محصنون بجرعة واحدة فقط. ومع ذلك، يقولون إنه يمكن أن ترجع هذه الاختلافات الديموغرافية ببساطة إلى معدلات التلقيح، حيث 64% ممن تزيد أعمارهم عن 60 عاما في جنوب إفريقيا، حصلوا على جرعة واحدة على الأقل، مقارنة بـ26% فقط ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما.
 
هناك محظوظون أمام أوميكرون؟
بالنسبة للأفراد الذين تعرضوا لجرعتي لقاحات والمصابين بسلالة دلتا، فإن الصورة أفضل، حسبما يقول ديفيد ماثيوز أستاذ علم الفيروسات في جامعة بريستول البريطانية. والسبب وراء ذلك أن هؤلاء الأفراد قد تعرضوا للفيروس (من خلال الإصابة بالمتحور دلتا) وبروتين السنبلة من سلالة ووهان الأصلية (من خلال التلقيح). هذا يعني أن لديهم استجابة من الجسم المضاد تغطي كلا من السلالات الكلاسيكية والحديثة، واستجابة واسعة جدا للخلايا التائية. ليس فقط ضد بروتين السنبلة بل وأيضا ضد جميع البروتينات الأخرى، التي يصنعها الفيروس.
لكن القلق الأكبر هو بالنسبة لأولئك الذين لم يتم تلقيحهم. فإذا كانت سلالة أوميكرون أسرع في الانتقال من دلتا، فما سيحدث هو أن السلالة الجديدة ستسرع من معدل إصابة غير الملقحين، وتزيد من حاجتهم إلى المستشفيات. وبالتالي زيادة الضغط على الخدمات الصحية، وهذا هو ما سيؤدي إلى الإغلاق في حال تجاوزت معدلات الاستشفاء عتبة معينة.
ويرى العلماء أنه من المحتمل جدا أن الأشخاص الذين تناولوا جرعتين أو أكثر، ومتلقي ثلاث جرعات من اللقاحات الموجودة، سيكونون محميين بشكل جيد ضد سلالة أوميكرون. لكن من الممكن أيضا أن تكون لدينا حماية أقل بكثير من اللقاحات الموجودة ضد هذا البديل الجديد. وأخيرا، هناك إمكانية لتعديل اللقاحات الحالية لتتناسب مع متغير أوميكرون، إذا كان بالفعل يتجنب الاستجابات المناعية التي يسببها اللقاح إلى حد كبير. وهو أمر لن نعرفه قبل عدة أسابيع.
 

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي