“أوميكرون الشبح” و”كورونا الخفافيش”.. مزيد من المتحورات أسرع انتشارا لكنها أقل فتكا

 
 
في وقت كان العالم يأمل أن يشكل العام الجديد بوابة البشرية للخروج من زمن الوباء، يأبى فيروس كورونا المستجد إلا أن يطيل مقامه غير المرغوب فيه بين البشر، من خلال تناسل سلالات جديدة متحورة من الفيروس الأصلي. آخرها متحور “أوميكرون الشبح” أو “أوميكرون الخفي”. فمعدل التلقيح المنخفض في الدول الفقيرة يهدد بظهور متحورات جديدة، وهذا ما رأيناه عدة مرات بالفعل، علماً بأن أوميكرون نفسه ظهر في إحدى دول جنوب القارة الإفريقية الفقيرة، التي تعاني من معدلات متدنية من التلقيح ثم منها انتقل لجنوب إفريقيا. والمقلق أن العلماء رصدوا ارتفاعا في عدد الإصابات بسلالة فرعية من متحور فيروس كورونا “أوميكرون”، تُسمى أوميكرون “السلالة الشبح”، ويتأهبون للتعامل معها بعد انتشارها الواسع في أجزاء من القارة الأوروبية وآسيا التي تسجل دول فيها قفزات هائلة في أعداد الإصابات بالفيروس.. فما هي الفروق بين كل هذه المتحورات الكورونية؟
متحور “أوميكرون الشبح”
رغم أنه يطلق عليه اسم متحور أوميكرون الشبح أو الخفي، فإنه لا يوجد شيء خفي فيه بشكل خاص. بل هو يحمل تهديدا أكبر بسبب كونه خفيا. فمتحور أوميكرون الشبح (BA.2) مرتبط ارتباطا وثيقا بأوميكرون الأصلي (BA.1)، بيد أنه لديه بعض الطفرات المختلفة التي تميزه عن سلالة أوميكرون الأصلية، لكن ليس بما يكفي ليتم اعتباره سلالة جديدة تماما.
وعكس ما قد يوحي به لقبه، لا يُعرف النوع الفرعي BA.2 باسم “أوميكرون الشبح أو الخفي” لأنه من الصعب العثور عليه، بل يأتي الاسم المستعار من سبب آخر.
كانت هناك ميزة في متحور أوميكرون التقليدي بأنه مختلف نسبياً عن السلالات السابقة نتيجة انحراف جيني معين، وبالتالي يسهل اكتشافه مقارنة بالسلالات الأقدم من كورونا مثل دلتا.لكن هذه المشكلة لا تدعو إلى القلق؛ لأنه نظراً إلى أن أوميكرون القياسي يمثل الآن أكثر من 99% من حالات Covid-19 الجديدة المبلَّغ عنها في الولايات المتحدة، فإن التمييز ليس مشكلة كبيرة، ولا يؤثر في كيفية التعامل مع العدوى في الإعدادات السريرية.
ويحتوي متحور أوميكرون الشبح على خمس طفرات فريدة، على جزء رئيسي من بروتين الشوكة الذي يستخدمه الفيروس لربط الخلايا البشرية وغزوها. وتشير بعض التقارير المبكرة إلى أن أوميكرون الشبح قد يكون أكثر عدوى من سلالة أوميكرون الأصلية (BA.1) شديدة العدوى بالفعل.ويقدِّر مسؤولو الصحة الدنماركيون أن قد تكون أكثر قابلية للانتقال بمقدار 1,5 مرة من أوميكرون الشبح، وذلك بناءً على البيانات الأولية.
لم تصنف منظمة الصحة العالمية أوميكرون الشبح على أنه بديل مثير للقلق. ومع ذلك حذّرت من أن البديل التالي لـCovid سيكون أكثر قابلية للانتقال. وتقول المنظمة الصحة العالمية إن دولاً عدة حول العالم سجلت في الآونة الأخيرة زيادة في الإصابة بأوميكرون الشبح.
هل “الشبح” أخطر؟
لقد كشف باحثون بأن “السلالة الشبح” مسؤولة عن 82% من الإصابات المسجلة في الدنمارك، و9% في بريطانيا، و8% بالولايات المتحدة، بينما بدأ أوميكرون الشبح يتفوق على أوميكرون الأصلي في أجزاء من أوروبا وآسيا. لكن حتى الآن، يرجح الخبراء أن متحور أوميكرون الشبح لا يسبب مرضا أشد خطورة من أوميكرون الأصلي، حيث تُظهر الأدلة من الخبراء في الدنمارك أنه بينما يمكن أن ينتشر بشكل أسرع، لا يوجد دليل على زيادة الخطورة. ولذلك من المهم الحفاظ على الهدوء ومواصلة التدابير الحالية، مثل تلقيح أنفسنا، وضمن ذلك الجرعة المنشطة، واتباع التباعد الاجتماعي والأقنعة والمبادئ التوجيهية المحلية. ومن المعروف أن العديد من الدراسات أظهرت أن العدوى بأوميكرون الأصلي BA.1 تحمل خطرا أقل للإصابة بأعراض خطيرة، مقارنة بمتحور دلتا من فيروس كورونا.
وتشير الأدلة الأولية من الدنمارك إلى أن هذا سيكون هو الحال أيضا مع أوميكرون الشبح. فقد اكتشف العلماء أنه لا يوجد خطر متزايد في الذهاب إلى المستشفى، إذا كان لديك “الشبح” مقارنة بما إذا كان لديك أوميكرون الأصلي، مع احتمال أن يتغير ذلك. وهذا كل ما نعرفه حتى الآن.
قد يبدو أن ظهور أوميكرون الشبح أمر يدعو إلى التفاؤل، نظرا لأننا أمام متحور أكثر عدوى ولكنه ليس شديد الضرر. فهذا قد يعني أنه قد يؤدي إلى اكتساب المجتمعات مناعة القطيع بخسائر أقل. ولكن الأمر ليس بهذه البساطة. فتفشي الفيروس بهذا الشكل يعني زيادة فرص حدوث مزيد من التحورات له، وقد تجمع التحورات الجديدة بين شدة المرض وسرعة تفشيه.
هناك مؤشرات مقلقة تأتي من الجانب الآخر من العالم، وتحديداً مدينة ووهان الصينية، المنشأ المرجح لفيروس كورونا.
“كورونا الخفافيش”
تناقلت العديد من وسائل الإعلام تحذيرا من علماء صينيين بالمدينة، من أن متحورا جديدا يدعى “نيوكوف  “NeoCov ، لديه معدل وفيات مرتفع، فهو يجمع بين كونه أكثر فتكًا ومعدل إصابة أعلى. لكن الواقع أن حقيقة هذا الفيروس تختلف عن كثير ما يتم تداوله في العديد من التقارير. وتستشهد التقارير بدراسة، لم تتم مراجعتها بعد، نشرها باحثون صينيون مؤخراً. وترى بأنه في الواقع لا يُعد نيوكوف نوعا جديدا من فيروس كورونا، الذي تسبب في انتشار الوباء العالمي؛ بل هو مشتق من نوع مختلف من فيروسات كورونا المرتبطة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ميرس (Mers-CoV) التي ظهرت في السعودية قبل سنوات، وسببت مرضا شديد الفتك.
و”ميرس” الذي لم يتم فهم أصوله بشكل كامل، هو فيروس انتقل إلى البشر من الإبل. وبالتالي فإنه فيروس حيواني المصدر مؤكد، مما يعني أنه قد ينتقل بين الحيوان والبشر. والمعروف أنه قد تم رصد فيروس “ميرس” في الجِمال في العديد من بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، كما تقول منظمة الصحة العالمية. وفي المجموع، أبلغت 27 دولة عن حالات إصابة منذ عام 2012، مما أدى إلى 858 حالة وفاة معروفة بسبب العدوى والمضاعفات ذات الصلة. وفقًا لتحليل جينومات الفيروس المختلفة، يُعتقد أن “ميرس” ربما يكون قد نشأ في الخفافيش، وانتقل لاحقا إلى الجِمال في مرحلة ما في الماضي البعيد.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن 35% من المرضى المصابين بفيروس “ميرس” قد ماتوا.
هل ينتقل “نيوكوف” إلى البشر؟
المعروف أن فيروس نيوكوف هو أحد أقارب “ميرس” وينتقل حتى الآن بين الخفافيش. وفي الدراسة التي أثارت الذعر عالميا، حذّر العلماء المقيمون في ووهان من أن فيروس نيوكوف قد يسبب مشاكل، في حال ما إذا انتقل من الخفافيش إلى البشر. لكن
المشكلة التي كشفها البحث الصيني، تكمن في أن الأجسام المضادة للبشر التي تم تدريبها على استهداف الفيروس المسبب لـCovid-19 أو “ميرس”، تبدو غير قادرة على التعامل مع فيروس نيوكوف الجديد. وتشير الدراسة إلى وجود تهديد محتمل من فيروس نيوكوف، في حالة ما إذا أصاب البشر. لكن لا يوجد دليل على أن ذلك حدث حتى الآن، أو بالأحرى لا يوجد مؤشر على مدى قابليته للانتقال بين البشر أو التسبب في وفيات.
كما أن الاختبارات المختبرية تشير أيضا إلى ضعف قدرة نيوكوف على إصابة الخلايا البشرية. وكشف البروفيسور لورانس يونغ، عالم الفيروسات بجامعة وارويك، لصحيفة الأندبندنت البريطانية بأن العلماء يحتاجون إلى رؤية مزيد من البيانات التي تؤكد حدوث العدوى البشرية، ومدى الخطورة المرتبطة بها قبل أن نشعر بالقلق.
وتشير دراسة علمية إلى أن إصابة الخلايا البشرية بفيروس نيوكوف غير فعالة للغاية، وبالتالي ليس هذا النوع من فيروس طورونا خطرا. لكن مع ذلك، فإن ما يُبرزه هذا الفيروس الجديد هو الحاجة إلى توخي مزيد من اليقظة، بشأن انتشار عدوى فيروس كورونا من الحيوانات (الخفافيش بشكل أساسي) إلى البشر.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي