مراسلون بلا حدود: “التعددية الإعلامية في المغرب مجرد واجهة وأخنوش يستخدم نفوذه المالي للتأثير على الصحافة”

اعتبرت منظمة مراسلون بلا حدود، أن الحكومة الحالية بقيادة عزيز أخنوش تعمل على تشديد قبضتها على الإعلام، وسط تصاعد غير مسبوق في الملاحقات القضائية ضد من وصفتهم ب”الصحفيين المستقلين” وتضييق مستمر على الأصوات المنتقدة.

وأكدت المنظمة أن التعددية الإعلامية في البلاد أصبحت “مجرد واجهة”، بينما يتم سحق الحق في الحصول على المعلومة من خلال منظومة دعاية قوية تخدم أجندة السلطة.

واعتبر التقرير أن شبكات التواصل ومواقع الأخبار المصدر الأساسي للمعلومات لدى المواطنين.

ورغم ذلك سجل تقرير “مراسلون بلا حدود” لعام 2025 ارتقاء المغرب بتسع مراتب في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، منتقلا من المركز 129 في سنة 2024 إلى المركز 120، في تطور طفيف اعتبرته المنظمة إيجابيا، لكنه لا يُغيّر من حقيقة التراجع البنيوي الذي يعرفه المشهد الإعلامي المغربي. فقد ظل المغرب متأخرا عن عدد من الدول الإفريقية التي تُظهر مؤشرات أقوى على صعيد حرية الصحافة، رغم التحديات التي تواجهها.

وعلى المستوى المغاربي، حلّت موريتانيا في الصدارة بالرتبة 50 عالمياً رغم تراجعها بـ17 مركزا، تليها المغرب في المركز 120، فالجزائر (126)، ثم تونس (129) وليبيا (137). أما قاريا، فقد تصدرت جنوب إفريقيا الترتيب باحتلالها المركز 27 عالميا، تلتها بوتسوانا (28)، والغابون (41)، بينما تجاوزت دول أخرى المغرب مثل السنغال، الكوت ديفوار، غانا، والنيجر.

ورغم هذا التحسن النسبي، لم يخلُ التقرير من انتقادات حادة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، اللذين ذُكرا بالاسم باعتبارهما من أبرز العوامل السلبية المؤثرة في حرية الصحافة بالمملكة.

في السياق السياسي، أشار التقرير إلى أن رئيس الحكومة رفع عددا من الدعاوى القضائية ضد صحفيين ناقدين منذ صعوده إلى السلطة عقب انتخابات 2021، في وقت يستخدم فيه نفوذه الاقتصادي للتأثير على الخط التحريري للمؤسسات الإعلامية الكبرى، مقابل تضييق مالي ممنهج على الأصوات المعارضة.

واعتبرت المنظمة أن هذا التداخل بين المال والسلطة يقوض قدرة الصحافة على كشف ملفات الفساد أو التحقيق في الشأن العام، مما يجعل أي محاولة للنقد مخاطرة قد تؤدي إلى السجن أو الإفلاس.

إطار قانوني هش

ورغم التنصيص الدستوري على حرية التعبير وحق الوصول إلى المعلومة، ترى “مراسلون بلا حدود” أن غياب الضمانات القضائية واستمرار إمكانية متابعة الصحفيين بموجب القانون الجنائي، إلى جانب ضعف استقلال القضاء، كلها عوامل تدفع نحو الرقابة الذاتية. كما عدّت قرار تعويض المجلس الوطني للصحافة بلجنة مؤقتة سنة 2023 “نكسة” في مسار التنظيم الذاتي للمهنة.

أزمة اقتصادية وتواطؤ ثقافي

اقتصادياً، أبرز التقرير أن البيئة الإعلامية المغربية تعاني هشاشة متزايدة، خاصة لدى المؤسسات المستقلة التي تجد صعوبة في استقطاب الإشهار أو تحقيق الاستدامة المالية، مقابل استفادة وسائل الإعلام الموالية للسلطة من دعم غير مباشر وموارد متاحة بسهولة أكبر.

أما اجتماعيا وثقافيا، فسجلت المنظمة مفارقة استهلاك الجمهور للمحتوى الصحافي المستقل دون استعداده للدفاع عنه، مشيرة إلى اتساع نطاق التضليل الإعلامي وهيمنة الصحافة المثيرة التي تسيء لصورة المرأة ولا تحترم الخصوصيات.

الصحفيون بين العفو والابتزاز

وفي ما يتعلق بحماية الصحفيين، أشار التقرير إلى أن حملات تشويه السمعة في الإعلام الموالي للسلطة ترافق عادة المتابعات القضائية، مبرزا أن الإفراج عن عدد من الصحفيين المعتقلين، مثل توفيق بوعشرين، عمر الراضي، وسليمان الريسوني بموجب عفو ملكي في يوليوز 2024، بعث بعض الأمل، لكنه نبّه في المقابل إلى تصاعد الضغط على الصحفيين مع اقتراب استحقاقات 2026، في ظل استمرار استعمال القانون والقضاء كأدوات لتكميم الأفواه.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي