تتويج الأشبال..عدوى الإنجاز الجميل!!

لم يكن تتويج المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة بكأس إفريقيا للأمم حدثا عاديا يُؤرَّخ له بلقطة رفع الكأس والدموع التي سالت فرحا، بل كان محطة أخرى في مسلسل التحوُّل العميق الذي تعرفه المنتخبات الوطنية، بكل فئاتها، ذكورا وإناثا.

فحين يفوز “الأشبال” بلقب قاري هو الأول في تاريخهم، فإنهم لا يضيفون فقط كأسا جديدة إلى خزانة الجامعة، بل يؤكدون أن ما يجري اليوم ليس صدفة، ولا إنجازا معزولا، بل هو ثمرة عمل قاعدي بدأ يؤتي ثماره.

لقد انتقلنا من الحضور المتقطع إلى الحضور الدائم، ومن الإنجاز اللحظي إلى الإنجاز المبني على قواعد صلبة،حيث منظومة التكوين المحلية وعلى الخصوص أكاديمية محمد السادس التي أصبحت تُنتج لاعبين موهوبين باستمرار، ينضافون إلى زملائهم الذين يتلقون التكوين في أندية ومراكز أوربا..

فبعد وصول منتخب الفتيان مع سعيد شيبا إلى نهائي النسخة الماضية بالجزائر وبلوغ ربع نهائي كأس العالم بدورة أندونيسيا، ها هو المنتخب الذي يقوده نبيل باها يتوَّج باللقب..

هذا التتويج، إذن، لا يمكن فصله عن الحضور المميز للمنتخب الأولمبي في كأس إفريقيا التي نظمت بالمغرب ثم تتويجه ببرونزية أولمبياد باريس 2024، ولا حتى عن حضور المنتخب الأول في المونديال عندما وصل نصف النهائي ، ولا عن عودة المنتخب النسوي إلى الواجهة قاريا وعالميا، ولا عن الحضور الرائع لمنتخب الفوتسال الذي توج باللقب القاري ثلاث مرات وبلغ ربع نهائي المونديال في مرتين متتاليتين..
ما يحدث هو ما يمكن تسميته بـ”عدوى الإنجاز الجميل”، حيث فئة عمرية تضغط إيجاباعلى فئة أخرى.

وحين يرى لاعب في فئة أقل من 20 سنة أن الفتيان تُوّجوا، فإن ذلك يُحْدِث بداخله حافزا عميقا بأن الموعد معه قادم، فيركض أكثر، ويحلم أكثر، ويجتهد أكثر.

إنها عدوى لا تُقاوَم، تنتقل بلا لقاح، وتُثير في النفس تلك الغيرة الإيجابية التي تُنتج أبطالا ليسوا مؤقتين، بل مرشّحين للبقاء في الواجهة.

هذا المسار لا يمكن أيضا فصله عن دعم ملكي مباشر، لا يتوقّف عند التهاني الرمزية، بل يمتد إلى توفير بنية تحتية في مستوى عال و عمل إداري منظم داخل الجامعة، جعل التكوين أولوية، والاستمرارية قاعدة، والنتائج نتيجة منطقية لا مفاجآت عابرة.

تتويج الفتيان بكأس إفريقيا 2025 هو خلاصة مسار جماعي، ونتيجة لسلسلة من الحلقات التي اشتغلت في تناغم، لكنه، قبل كل شيء، دليل على أننا غادرنا “زمن الإنجاز العابر”، لندخل “زمن التخطيط والتجويد”، ونتجاوز منطق “ضربة الحظ” إلى ثقافة “ضربة المشروع”..

والأجمل أن سقف الطموح لم يعد يُقاس بكأس قارية فقط، بل بأمل صناعة جيل قادر على طرق أبواب العالمية..جيل تُوج صغيرا، لكنه ينمو اليوم على إيقاع حلم كبير..

ألف مبروك للأشبال هذا التتويج المستحق، والقادم بلا شك سيكون أفضل..

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي