مرة أخرى، يجد الأمن الرقمي المغربي نفسه في قلب العاصفة. فبعد إعلان مجموعة تطلق على نفسها اسم “جبروت الجزائرية” اختراقها أنظمة وزارة التشغيل والتكوين المهني، ونشرها لبيانات قالت إنها “جذاذات التصريح بالأجور” على منصة تيليغرام، يعود السؤال القديم-الجديدهل البيانات الرقمية للمغاربة مؤمّنة فعلا؟ أم أن السيادة السيبرانية ما زالت في خانة الشعارات؟
المجموعة التي تبنّت هذا الهجوم السيبراني لم تكتف بإعلان الاختراق، بل بثّت رسائل تهديد مباشرة.
وبينما تداولت حسابات على تيليغرام وإكس عينات من البيانات المسربة، وبينما مازال الموقع الرسمي للوزارة معطّلا بالكامل، في وقت يتم فيه تداول العديد من المعطيات الشخصية التي تكشف أجور عدد من أجراء شركات وعدد من الشخصيات..
الاختراق، يكشف هشاشة البنية الرقمية التي تعتمد عليها عدد من المؤسسات العمومية.
ورغم الحديث المتكرر عن التحول الرقمي، و”المغرب الرقمي 2030”، إلا أن واقع الأمن المعلوماتي يظهر وجود هوة كبيرة بين الشعار والتنفيذ.
بل الأكثر إثارة للتساؤل، هو أن هذا النوع من الاختراقات يحدث في وقت تصرف فيه الملايين على المنصات، والبوابات، والصفقات الخاصة بالتحول الرقمي، ما يجعل من غياب الحماية الفعالة أمرا غير مقبول لا على المستوى التقني، ولا على مستوى الحكامة.
في ظل غياب استراتيجية وطنية واضحة للتعامل مع التهديدات السيبرانية المتكررة، يزداد القلق حول سلامة المعطيات التي تحتفظ بها عدد من المؤسسات..
ويطرح مراقبون تساؤلات ملحّة حول مدى التزام المؤسسات بتحديث بنياتها الرقمية بانتظام وهل توجد فرق أمن معلوماتي داخلي فعالة ومُكونة؟ وما حدود المسؤوليات في تأطير وحماية هذه المنظومة؟
في قلب هذا النقاش، تبرز أيضًا إشكالية الثقافة الرقمية داخل الإدارة.
فكثير من المؤسسات تعاني من ضعف الوعي بأهمية الأمن الرقمي، ومن غياب بروتوكولات الطوارئ أو الرصد، إضافة إلى افتقاد الشفافية في التعامل مع الاختراقات حين تقع، ما يُعمّق أزمة الثقة مع المواطنين.
الاختراق الأخير،تحذير جدي، لأن السيادة في القرن 21 لا تُقاس فقط بالحدود البرية أو القوة العسكرية، بل أيضا بقدرتك على حماية معطياتك الرقمية، والتحكم في أمنك السيبراني.
تعليقات ( 0 )