من ثانوية المولى يوسف في الرباط، إلى مدرجات جامعة هارفارد، ثم إلى منصة مايكروسوفت حيث دوّى صوتها باسم غزة..
ابتهال أبو السعد، المهندسة المغربية التي قلبت احتفالا تقنيا إلى لحظة سياسية نادرة، ليست مجرد موظفة غاضبة، بل ناشطة في الظل منذ سنوات.
وهي طالبة كانت تؤمن بأن البرمجة يمكن أن تكون سلاحا للعدالة..
فمن تكون ابتهال أبو السعد؟
في عام 2018، عرّفت ابتهال أبو السعد بنفسها في صفحة “Future Leaders Foundation”، ليس فقط كطالبة من جامعة هارفارد، بل كفتاة مغربية شقّت طريقها من ثانوية المولى يوسف بالرباط إلى قلب وادي السيليكون.
لم تكن رحلتها مجرّد مسار أكاديمي نحو النجاح، بل مشروعا حياتيا من أجل العدالة الرقمية والتعليمية والاجتماعية.
منذ أن حصلت على منحة TechGirls سنة 2016 من وزارة الخارجية الأمريكية، اختارت ابتهال أن تربط البرمجة بالمعنى، وأن تجعل من التكنولوجيا أداة للتمكين لا للتفاخر.
أسّست معسكر “IT-Weekend” لتعليم البرمجة للفتيات في المدارس العمومية، وشاركت في مسابقات دولية مثل “Technovation Challenge”، ثم واصلت رسالتها في بوسطن حيث درّست للأطفال في الأحياء المحرومة.
لكن كل هذا، لم يُنسها المغرب.
“في المستقبل، أعتزم الاستمرار في استخدام مهاراتي في المعلوماتية لخدمة الجميع، من خلال العمل في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية المعتمدة على التكنولوجيا… كشخص عايش نقائص النظام أثناء دراسته في مدرسة عمومية، أريد أن أساهم في تحسين النظام التعليمي المغربي من خلال الدمج بين تكنولوجيا التعليم وتغييرات بنيوية عميقة في السياسات التعليمية. ففي الوقت الذي يتجاوز فيه معدل التخرج 80% في المدارس الخاصة المغربية، فإن القليل فقط من نصف طلاب المدارس العمومية ينجحون كل سنة في اجتياز امتحاناتهم النهائية”..
كلماتها لم تكن تنظيرا عابرا، بل خلاصة ألم شخصي عايشته في فصول المدرسة العمومية المغربية، وأمل حقيقي بأن يكون التعليم في المغرب قاطرة لا قيدا..
لذلك، حين وقفت في احتفال مايكروسوفت الخمسيني لتندّد بتواطؤ الشركة في قتل المدنيين في غزة، لم تكن تتحدث فقط كموظفة ناقمة، بل كإنسانة درّبت نفسها على قول “لا” في وجه الظلم، أينما كان.
“أكبر مخاوفي أن أستيقظ ذات يوم لأكتشف أن الكود الذي كتبته ساهم في قتل أطفال… مايكروسوفت تتواطأ في إبادة، وهذا خط أحمر”..
ابتهال أبو السعد لم تكن تصرخ فقط باسم غزة، بل أيضا باسم تلك الفتاة الصغيرة في مدرسة عمومية، التي حلمت أن تكتب كودا يفتح الحياة، لا أن يُغلقها على الأحياء تحت الركام..
تعليقات ( 0 )