يخرج علينا مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، كل خميس، ليقف وراء الميكروفون.
يُلقي ما تيسر من بلاغات الحكومة، ثم يوزع علينا “لغة الخشب” بجمل باردة، وابتسامة مصطنعة، تُخفي عجز كاملا عن التفاعل مع أسئلة اللحظة.
بايتاس، الذي قُدّم لنا ذات يوم كواجهة إعلامية لحكومة “الكفاءات”، أصبح اليوم مجرد “ناطِق لا يجيب”، متخصص في مضغ الكلام، والهروب من الأسئلة الجوهرية، وكأن وظيفته ليست توضيح ما يجري، بل إخفاؤه..
ففي كل مرة يُسأل فيها عن الملفات الساخنة، يُخرج من جيبه جملا محفوظة من قبيل:”هذا شأن يخص الوزارة المعنية”، أو “لا علم لي بذلك في الوقت الراهن”.
ملف “جود”؟ صمت.
الدعم المثير للجدل المخصص لمستوردي الأغنام والأبقار؟ لا تعليق.
تناقض التصريحات بين وزراء الأغلبية؟ لا رد.
والمحصلة،وزير ناطق لا يعرف و لايجيب، لا يبرر، ولا يتفاعل.
وجه الحكومة، صار مثيرا للشفقة..
ما يُثير فعلا هو أن هذا الأداء الباهت، والمتكرر، لم يعد يُقنع أحدا، حتى داخل قاعة الندوة نفسها.
الندوة الأسبوعية التي كانت تستقطب عشرات الصحفيين في حكومات سابقة،أصبحت اليوم مقاطعة بشكل شبه كلي من طرفالصحفيين، مما اضطر الوزير إلى جلب موظفي وزارته لتأثيث المشهد، حتى لا تبدو القاعة خاوية على عروشها.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل صدرت تعليمات غير معلنة بمنع تصوير القاعة أوالصحفيين أثناء طرح الأسئلة، في محاولة يائسة لستر الفراغ الإعلامي والسياسي الذي يغلف هذه اللقاءات.
وفي النهاية، تجد نفسك أمام سؤال مزعج: “إذا كان الناطق الرسمي لا يملك جوابا في ما يخصه شخصيا كملف “جود”، ولا في ملفات تشغل الرأي العام، فماذا يفعل هنا؟
هل هو مجرد وجه إعلامي لتغطية فراغ حقيقي داخل الحكومة؟
هل هو ناطق في حكومة لا تريد أن تُسمَع، لأنها اعتادت ألا تُحاسب؟ أم أنه يؤدي برداءة دورا مسرحيا كل أسبوع، كجزء من سيناريو عنوانه: “نُدير الحكومة، لكننالا نُجيب أحدا”؟
لقد أصبح وجود بايتاس نفسه في هذه الندوة، صورة كاشفة عن ارتباك الحكومة، وانفصالها عن نبض الشارع، وفقرها في التواصل.
لم يعد يايتاس يمثل صوت الحكومة، بل أصبح، للأسف، صوت صمتها وبؤسها..
تعليقات ( 0 )