في ليلة رمضانية مباركة ، شهد مقر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة ( إيسيسكو ) مساء يوم الخميس 20مارس الجاري ، تنظيم حفل بهيج شمل إقامة وجبة إفطار جماعي ، وتوزيع “جائزة الموظف المثالي 2024 ” على نخبة متميزة من الموظفين والموظفات ،على اختلاف مسؤولياتهم ودرجاتهم الوظيفية ، اعترافا بما قدموه من جهود مخلصة ومتميزة في أداء مهامهم وما أبانوا عنه من أخلاق حميدة وتفان في العمل . قد يكون الأمر عاديا بالنسبة للقراء وللمشتغلين في القطاع العمومي والخصوصي ، لأنه تقليد متعارف عليه اليوم في التدبير العصري للموارد البشرية في علاقته بتعزيز التواصل الداخلي في المؤسسات ، وتحفيز الموظفين على مزيد من العطاء . لكن بالنسبة للإيسيسكو ، التي مر على تأسيسها 43 عاما ، كان الحفل حدثا غير مسبوق جسد كثيرا من الابتكار في تحفيز الموظفين في أبعاده الإنسانية والمهنية والإدارية ، ومثل وجها مشرقا للإيسيسكو الجديدة باعتبارها منظمة إسلامية عالمية أصبحت تعنى بأخلاق وثقافة الاعتراف ، بعد أن كان سائدا فيها سلوك الجحود والنكران ، إلا من رحم ربك ورضي عنه ولي الأمر، حيث كان تقدير الأداء الوظيفي يتم بطريقة باردة وخالية من المشاعر الإنسانية التواصلية ، من خلال الاكتفاء ، في مطلع كل سنة ميلادية ، بتوزيع قرارات الترقية على الموظفين في أظرفة مقفولة ، دون اعتبار للمتميزين منهم في الجهد والانتاج .
لقد تزايد اليوم اهتمام المؤسسات والمنظمات بتدبير الموارد البشرية العاملة فيها باعتبارها رافعة أساسية للنهوض بهذه المؤسسات ولإنجاح استراتيجيات وخطط عملها . ومنذ عام 2019 ، إثر تعيين الدكتور سالم بن محمد المالك مديرا جديدا للإيسيسكو ، شرعت الإيسيسكو في تطوير المنظومة القانونية لموظفيها بدء بتحسين أساليب الترقية والرفع من الرواتب ، وتجديد منظومة تدبير الموارد البشرية بالانتقال من التدبير التقليدي المحصور في تسيير شؤون الموظفين إلى التدبير العصري الذي يراعي الكفاءة ويثمن الاستحقاق والمردودية . ومن دون شك تستلهم المنظومة الجديدة المبتكرة في تدبير الموارد البشرية بمنظمة الإيسيسكو الرؤية الاستشرافية والاختيارات الاستراتيجية لمديرها العام الذي يؤمن ايمانا راسخا ، قولا وفعلا ، بأن تحفيز الموظفين هو القوة الدافعة التي تُلهم الموظفين لأداء مهام وظيفتهم بفعالية وكفاءة، وتجعلهم متحمسين في عملهم ولديهم موقف إيجابي ومستعدون لبذل جهد إضافي لتحقيق الأهداف التنظيمية.
ومعلوم في أدبيات تدبير الموارد البشرية أن الدافع الوظيفي يكون جوهريًا أي ينشأ من داخل الموظف، ويكون خارجيًا بسبب المكافآت والترقيات ومنح الجوائز . وتؤكد هذه الأدبيات على أهمية تحفيز الموظفين لما لهذه العملية من فوائد لهم ولمؤسستهم . ومن بين هذه الفوائد رفع مستوى كفاءة الموظفين ، وشعورهم بالرضا الوظيفي ، وبالتقدير من رؤسائهم في الإدارة العامة ، وانتشار الطاقة الإيجابية في بيئة العمل والمساهمة في تحقيق أهداف المؤسسة التي يشتغلون فيها . وتركز إدارة الموارد البشرية في المؤسسات الحديثة على تحقيق أهداف متعددة عند تحفيز الموظفين من أهمها تحفيز نمو الموظفين ، وتهيئة الظروف المحيطة بالموظف ، وتحقيق أهداف المؤسسة ، واستغلال أفضل للكفاءات ، وتحقيق الرضى الوظيفي . إن الإدارة الناجحة للمؤسسات هي التي تستطيع الابتكار في آليات وطرق تحفيز موظفيها من خلال التواصل الفعال والدائم معهم، وإشراكهم في وضع وتنفيذ الخطط والاستراتيجيات والتوجهات العامة للمؤسسة ، مما يمكنهم من الإحساس بأهمية وجودهم وانتمائهم لأسرة المؤسسة والاندفاع للعمل كفريق واحد بغية تحقيق أهدافها ، ثم الاحتفال بانجازات الموظفين .
لذلك فقد وجدت في احتفاء الإيسيسكو بالموظف المثالي تجسيدا عمليا لكثير من الأفكار والمبادرات التي أشرت إليها سلفا ونصت عليها الأدبيات الجديدة في إدارة الموارد البشرية في المؤسسات . إنه احتفال مستحق ومبتكر واعتراف جميل ومحمود بانجازات الموظفين المتميزين ، ذكورا وإناثا . ومما لاشك فيه أن الانتاجية المتصاعدة والتجديد المستمر في أساليب العمل ، وفي مجالاته التربوية والعلمية والثقافية داخل منظمة الإيسيسكو اليوم سيشهد مزيدا من التطور بفعل الاهتمام المتواصل بتوفير عوامل كثيرة لعل من بين أهمها توفير بيئة عمل مريحة. لقد تحول مقر الإيسيسكو اليوم إلى فضاء عمل مريح بامتياز، إثر التعديلات الهندسية الراقية على مختلف مرافق هذا المقر حيث تم تحطيم جدران كثيرة وتحقيق انفتاح وشفافية وجمالية في المشهد البصري بتزيين الممرات والمكاتب والطوابق والفضاءات بلوحات فنية ، واستحداث مساحات خضراء، وتقوية الإضاءة الطبيعية ، والتقليص من المكاتب المنعزلة. للأسف الشديد ما زال كثير من المسؤولين الكبار في الوزارات والمنظمات والشركات ، بفعل نرجسيتهم الطافحة وغرورهم ومعاناتهم من مرض العظمة ، ينسبون نجاح المؤسسة وانجازاتها لهم وحدهم ، ويتجاهلون عطاء مساعديهم وجهود الموظفين العاملين معهم ، بل منهم من ينعثهم بالخونة والمنافقين حين تتم إقالته أو يحال على التقاعد.
ومن باب الإنصاف والاعتراف، يمكن القول بأن تحقيق الابتكار والتميز في تدبير الموارد البشرية في الإيسيسكو يعود في المقام الأول إلى الرؤية الاستراتيجية لمديرها العام الدكتور سالم بن محمد المالك الذي استطاع في زمن قليل من تقلده مهام إدارة منظمة الإيسيسكو أن يفوز بجوائز دولية كثيرة من مؤسسات مرموقة من خارج العالم الإسلامي ومن داخله؛ من بينها على سبيل الذكر لا الحصر، جائزة “القيادة العالمية للحكامة الرشيدة 2021 ” للقطاع العمومي والمؤسسات متعددة الأطراف والتي تمنحها مؤسسة كامبريدج للاستشارات المالية الدولية بالمملكة المتحدة، وجائزة جوستينا موتال الدولية المرموقة لتأهيل المرأة والقيادة الأيقونية عام 2023 ، وجائزة أفضل قيادي لعام 2023 في مدينة ديربان في جنوب إفريقيا ، وجائزة البحر الأبيض المتوسط الشرفية لعام 2024، في مدينة نابولي الإيطالية . يضاف لذلك الحصول على شهادة المطابقة لمواصفات الجودة وفقا لمتطلبات المواصفة القياسية الدولية (آيزو 9001:2015) الخاصة بنظم إدارة الجودة، وجائزة وشهادة اعتماد الآيزو الدولية لنظام إدارة أمن المعلومات (ISO 27001) عام 2022 ، وشهادة “منظمة ابتكارية معتمدة (CInOrg)” من معهد الابتكار العالمي بالولايات المتحدة الأمريكية، في أكتوبر 2024.
المحجوب بنسعيد
الشبكة الدولية للصحافيين العرب والأفارقة
تعليقات ( 0 )